مؤتمر باريس سيشكل حاضنة دولية للبنان في عز الحرب… ولفرنسا دور مرتقب في المنطقة


خاص 23 تشرين الأول, 2024

تعمل الديبلوماسية بين باريس وواشنطن لصياغة تسوية في المنطقة، وسيكون لفرنسا دور كبير في إراحة الطرف اللبناني الرسمي ولو بعد حين، بالتزامن مع قيام مرتقب للبنان كدولة سيادية شرعية قادرة على حكم نفسها من دون أي تدخّل خارجي


كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:

لطالما كانت فرنسا تلقّب بالأم الحنون من قبل قسم كبير من اللبنانيين، بسبب تعاطفها وقربها منهم، واعتبارها لبنان البلد الفرنكوفوني الذي يتباهى بتعليم لغتها في أغلبية مناهجه الدراسية، ولطالما وقفت فرنسا إلى جانب لبنان سياسياً، خصوصاً مع مطلع الحرب التي عصفت به، لكن ومع تبدّل سياستها نوعاً ما من خلال بعض رؤسائها، إثر ظهور تطورات ومصالح خاصة جديدة، شكلّ ذلك التبدّل مفاجأة سلبية لحلفاء فرنسا في لبنان.

لكن لا يمكن لأحد نكران مساعداتها للبنان من خلال المؤتمرات الدولية، التي كانت وما زالت تعقدها للوقوف إلى جانب لبنان، من ناحية تواصله مع المجتمع الدولي، لنيل الدعمين الاقتصادي والانساني، ومن أبرز المؤتمرات الاقتصادية “باريس 3 ” الذي عقد في العام 2007، ونال تعهدات بمساعدات بلغت أكثر من 7.6 مليارات دولار لدعم الاقتصاد اللبناني، منها هبات وقروض ميسّرة من أوروبا والولايات المتحدة والسعودية والبنك الدولي، كذلك مؤتمر “سيدر” في العام 2018، حينها حصل لبنان على وعود بقروض ميسّرة ومنح بقيمة 11.5 مليار دولار، لدعم إعادة تأهيل مشاريع التنمية والاصلاحات والبنى التحتية، وذلك بالتزامن مع العلاقات الجيدة مع المجتمعين العربي والدولي، فيما اليوم الوضع مختلف في هذا الإطار، ومع ذلك تواصل فرنسا اليوم دعمها للبنان خلال مؤتمر دولي سيعقد غداً الخميس في الرابع والعشرين من الجاري، تحت عنوان “دعم شعب لبنان وسيادته” بمبادرة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أجرى سلسلة اتصالات دولية لعقد هذا المؤتمر، والتحضير له للخروج بنتائج إيجابية من خلال نيل المساعدات للبنان، من ناحية تأمين الاستقرار له وتقديم ما يلزم للنازحين والمتضرّرين ووضع آلية لإعادة الاعمار.

إلى ذلك ستلبي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية والإقليمية دعوة الرئيس الفرنسي، لمساعدة لبنان الذي يعيش الحرب المدمرّة، والوصول إلى حل ديبلوماسي يعيد النازحين إلى بلداتهم وفقاً لتطبيق القرار الدولي 1701، كذلك سيبحث المؤتمر كيفية دعم الجيش اللبناني لتأمين الاستقرار الداخلي، إضافة إلى بذل الجهود للإسراع في إنتخاب رئيس للجمهورية.

هذا الدعم المتعدّد المطالب لا شك أنه سلسلة جهود مضنية، ستشكل مهمة متعبة وصعبة جداً لفرنسا، لكن المعلومات تشير إلى أنّ الخاتمة ستكون إيجابية بسبب الوعود التي تلقتها باريس في هذا الإطار، ما يجعلها حاضنة دولية للبنان في عز الحرب والأوقات العصيبة التي يعيشها اللبنانيون.

في السياق يشارك رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في المؤتمر على رأس وفد، وفي الجعبة مطالب أبرزها وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701، ودعم الجيش اللبناني والمساهمة في حل الملفات العالقة، خصوصاً السياسية والأمنية والاقتصادية، وأفيد بأنّ لقاءً قد يعقد على هامش المؤتمر بين ماكرون وميقاتي لتوضيح الصورة السياسية أكثر.

في غضون ذلك، وفي معلومات لـ” هنا لبنان” أبدى ديبلوماسي غربي تفاؤلاً من نتائج المؤتمر الباريسي، وأشار إلى أنّ لبنان سيكون لاحقاً ضمن إطار مختلف، لأنّ علاقاته العربية والدولية ستعود إلى سابق عهدها، وبأنّ لبنان الجديد آتٍ ولو تأخر الوقت قليلاً، وهنالك متغيرات ستشهدها المنطقة من خلال شرق أوسط جديد رُسمت معالمه، وبأنّ الديبلوماسية ستلعب دورها بإتقان وسوف تنفذ القرارات الدولية المتعلقة بلبنان لتثبيت الامن، خصوصاً أنّ لبنان الرسمي متمسّك بالقرار 1701، ومستعد لنشر الجيش في منطقة عمل القوات الدولية في جنوب لبنان، وهذا يعني خطوة مهمة جداً لتحقيق الأمن والاستقرار على جانبي الحدود بين لبنان وإسرائيل.

وعلى الخط السياسي، تلعب الديبلوماسية بإتقان بين باريس وواشنطن، لصياغة تسوية في المنطقة، وسيكون لفرنسا دور كبير في إراحة الطرف اللبناني الرسمي ولو بعد حين، بالتزامن مع قيام مرتقب للبنان كدولة سيادية شرعية، قادرة على حكم نفسها من دون أي تدخّل خارجي، على غرار ما عاشته من احتلالات على مدى عقود من الزمن، والمشهد السياسي المقبل سيُرسم من هذا المنطلق، أي دولة قادرة على اتخاذ القرارات والمواقف المطلوبة، الأمر الذي سيجعل المجتمع الدولي ينظر إلى لبنان السيّد الحر.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us