جبران: رِدّ الصاروخ
تغيّر الزمن، أو يكاد. لكنّ باسيل استعجل الأمر، ولم ينتظر انتهاء الحرب ومعرفة النتائج. استدار سريعاً، لكنه لم يفاجئنا أبداً. ربما فاجأ قاعدة حزب الله، فغضبت وثارت وتوعّدت. ربما عقوبة ما فعله أنّه كمن خسر الدنيا وخسر الآخرة، فلا ربح المسيحيّين بموقفه، وخسر الشيعة. وقبلهما، خسر الصاروخ… والإحترام
كتب ناشر “هنا لبنان” طارق كرم:
في الزمن الصعب، يُمتحن الرجال. لم ينتظر جبران باسيل مرور أربعين يوماً على رحيل السيّد حسن نصرالله. طعنه سريعاً. تخلّى عن الرجل الذي كان المساهم الأوّل في وصول العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهوريّة. الرجل الذي أعطاه الكثير بعد حرب تموز وبذل الغالي والنفيس في سبيل التيّار الوطني الحر، وساهم في “نفخ” كتلته النيابيّة، قبل أن “تزمّ” بفعل خروج أربعة نوّاب منها.
هناك من يقول إنّ “السيّد نصرالله استشهد، مرّةً أخرى، بعد كلام باسيل لـ “العربيّة”. نقل رئيس “التيّار” البندقيّة سريعاً من كتفٍ إلى آخر. له سوابق عدّة في هذا المجال، من “بلطجيّة” نبيه بري وجِرّ. تكفّل جمهور حزب الله بالردّ على باسيل عبر سيلٍ من التعليقات تمحورت حول قلّة الوفاء والغدر والخيانة. قارن بعض المناصرين بين باسيل المتخاذل وسليمان فرنجيّة الثابت على موقفه، مهما كان الثمن الذي قد يدفعه.
ولأنّ الذاكرة ما تزال حيّة، ولأنّ الاستعانة بـ “غوغل” تتيح إنعاشها، لا بدّ من التذكير بـ “الصاروخ” الذي تسلّمه باسيل هديّةً من أحد مسؤولي الحزب. لسنا ندري إذا كان باسيل خبّأ الصاروخ في قبوٍ ما، أو رماه في مستوعبٍ للنفايات، تجنّباً لما يذكّره بالماضي و”النقط السودا اللي ما بتنعدّ”… ولكنّه “مجبور”.
تغيّر الزمن، أو يكاد. لكنّ باسيل استعجل الأمر، ولم ينتظر انتهاء الحرب ومعرفة النتائج. استدار سريعاً، ووجّه رسالتين، عبر كلامه الأخير: الأولى إلى الولايات المتحدة الأميركيّة، وفيها أنّه مستعدّ للخروج نهائيّاً من تحالفه مع حزب الله، ساعياً إلى تأمين تراجعٍ أميركي عن دعم قائد الجيش، تمديداً في القيادة أو ترشيحاً للرئاسة. وربما لاحقاً، العمل على رفع العقوبات عنه المفروضة من وزارة الخزانة الأميركية في عهد الرئيس السابق والآتي دونالد ترامب.
أمّا الرسالة الثانية فموجّهة عبر “العربية” إلى المملكة العربيّة السعوديّة، التي يسعى رئيس “التيّار”، منذ أشهر متأخرًا جدًا إلى تحسين علاقته بها، كي لا تبقى علاقة الرياض محصورة مسيحيّاً بالقوات اللبنانيّة والشخصيّات السياديّة الأخرى التي يعرفها جيّدًا…
هي سياسة النكاية وتوزيع المسؤوليّات على الآخرين التي يعتمدها باسيل. هكذا فعل حين استفاد من “القرض الحسّان” إذ تواطأ لوصول الدمية حسان دياب إلى رئاسة الحكومة، فكان الانهيار المبرمج والسريع عبر جهابذة الإقتصاد عنده، من آلان بيفاني وهنري شاوول ومن لفّ لفيفهما. وهكذا فعل حين “طنّش” عن كلّ ممارسات حزب الله، وشاركه في تعطيل الرئاسة والحكومات وإقفال وسط بيروت، في مقابل هجومه على برّي حصراً من قبل ومحاولاته اليائسة بالتصويب على قائد الجيش في موضوع الإقتصاد اليوم!
لم يفاجئنا جبران باسيل أبداً. ربما فاجأ قاعدة حزب الله، فغضبت وثارت وتوعّدت. ربما عقوبة ما فعله أنّه كمن خسر الدنيا وخسر الآخرة، فلا ربح المسيحيّين بموقفه، وخسر الشيعة. وقبلهما، خسر الصاروخ… والإحترام.
مواضيع مماثلة للكاتب:
ما بعد الحرب… هزيمة أو انتصار؟ | ويبقى الجيش هو الحلّ… | لولا رفسنجاني |