لبنان يعول على مؤتمر باريس.. والسعودية تشترط وقف إطلاق النار لمساعدة الجيش اللبناني
قد لا يكون مؤتمر باريس على المستوى المطلوب، ويبدو أنّ هناك عقبات قد تحول دون نجاح المؤتمر نظراً لعدم الاهتمام الكبير من قبل الدول العربية والأوروبية وحتى الآسيوية لأنّ الضوء الأخضر لم يعطَ بعد لإسرائيل لوقف الحرب وحملة الدمار الشامل التي تقوم بها
كتبت شهير ادريس لـ”هنا لبنان”:
على وقع الحرب الدائرة والتصعيد الإسرائيلي المستمر والتدمير الممنهج لبنية حزب الله وبيئته والخلاف الفرنسي الإسرائيلي إضافة إلى الخلافات الفرنسية الداخلية، يعقد مؤتمر دعم لبنان في العاصمة الفرنسية حيث اكتملت التحضيرات لاستقبال ضيوف المؤتمر والذين كان في مقدمتهم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على رأس وفد وزاري. واستقبل قصر الإليزيه ورئيس فرنسا إيمانويل ماكرون الرئيس ميقاتي للتأكيد على أنّ لبنان سيبقى محور اهتمام دائم لفرنسا وستعمل على استمرار جهودها ومساعيها بالتعاون مع الولايات المتحدة الاميركية لوقف اطلاق النار وبحث السبل الكفيلة للضغط على اسرائيل من أجل ذلك. وما دعوة مجلس الأمن إلى اجتماع طارئ من قبل فرنسا إلّا ترجمة واضحة لهذا الاهتمام والدعم التاريخي للبنان وشعبه ومستقبله.
في الشكل فإنّ الحضور الدولي قد لا يكون على المستوى المطلوب في ظل خلافات أوروبية حول الوضع السياسي وكيفية إخراج بيان يتضمن إدانة لإسرائيل ودعوتها إلى وقف إطلاق النار. وأكّدت مصادر فرنسية مطلعة لموقع “هنا لبنان” أنّ الإليزيه قد لا يصدر بياناً رسمياً عقب انعقاد المؤتمر وقد يستعاض عنه بمؤتمر صحافي لوزير خارجية فرنسا ستيفان سيجورنيه الذي أوفده الرئيس ماكرون إلى المملكة العربية السعودية لكي تكون المشاركة السعودية هي الطاغية على الحدث. إلّا أنّ السعودية وبحسب مصادر مطلعة تشترط ضرورة وقف إطلاق النار من أجل تقديم الدعم للجيش اللبناني. وفيما تعول فرنسا على المحفظة المالية للدول العربية وأبرزها السعودية لإنجاح المؤتمر يبدو أنّ هناك عقبات قد تحصل بهذا الخصوص نظراً لعدم الاهتمام الكبير من قبل الدول العربية والأوروبية وحتى الآسيوية لأنّ الضوء الأخضر لم يعط بعد لإسرائيل لوقف الحرب وحملة الدمار الشامل التي تقوم بها.
ويبدو أنّ المساعدات قد تشكّل نوعاً من الإحسان لوطن يئنّ تحت وطأة الحرب والانقسامات الداخلية والازمة المالية والاقتصادية. وتطرح من قبل هذه الدول جملة تساؤلات حول المساعدة في ظل عدم وجود حل سياسي وتقول: لقد ساهمنا في عملية إعادة الإعمار منذ نهاية الحرب الأهلية ثم بعد عدوان تموز عام ٢٠٠٦ والآن ماذا نفعل طالما الحل السياسي مفقود.
أما الولايات المتحدة وحتى الساعة لم ترسل أي شخصية مرموقة للمشاركة في المؤتمر، وهذا يظهر أنّ التسوية لم تنضج بعد وأنّ وقف إطلاق النار قد لا يتحقق من خلال اجتماع على هذا المستوى.
الباحث في العلاقات الدولية والخبير في الشؤون الأوروبية الدكتور طارق وهبي أشار لموقع “هنا لبنان” إلى أنّ هذا المؤتمر لديه ٥ أهداف:
١- وقف إطلاق النار
٢- مساعدة النازحين عبر مساعدات صحية وتربويّة
٣- دعم الجيش اللبناني بالعتاد والعديد تحت بند تطبيق القرار ١٧٠١
٤- العودة إلى حوار حول رئاسة الجمهورية.
٥ – أمن قوات اليونيفيل وعملها
وحول الدور الفرنسي في مساعدة ودعم لبنان، اعتبر وهبي أنّ الدور الفرنسي في تقهقر مستمر لطالما أنّ الرئيس ايمانويل ماكرون غير قادر داخلياً على إنجاح مشروعه خصوصاً بعد حل البرلمان وخسارته أغلبيته التي كانت أصلاً نسبية.
أما بخصوص الشأن الخارجي ففرنسا هي عضو فاعل في مجلس الأمن لذلك تبقى هذه القوة القادرة على التأثير، أمّا في الملف اللبناني فالإخفاقات متتالية منذ آب في العام ٢٠٢٠ إثر انفجار مرفأ بيروت وعدم الوصول إلى حل لإنتخاب رئيس للجمهورية، فهي بهذا المؤتمر تريد أن تنقذ مبادرتها في مجلس الأمن وهي “٢١ يوم هدنة لوقف إطلاق النار ريثما تتّضح المفاوضات في غزة” وهذا يعيدنا إلى ربط الملف اللبناني بملف غزة.
وحول إمكانية توسع الحرب إلى حرب إقليمية أشار وهبي إلى أنّ إسرائيل ستضرب إيران لكنّها لن تقوم بالرد لأنها في موقف الضعيف، وحتى داخلياً فإنّ حجم الانقسام الإثني أصبح قوياً بين فرس وكرد وأحواز وبلوش وأذارى، فيما المحادثات الأمريكية الإيرانية لن تنتهي إلا بوقف كل أذرع ايران وهذا الهدف المطلوب لعودتها الى الساحة الدولية وعدم التدخل فيها داخلياً إذا قررت أن تخوض حرباً ضد المكونات الإيرانية التي هي متناحرة أصلاً.
وحذّر وهبي من أنّ في إيران تيار صعب تحليله هو التيار الانتحاري الذي قد يرد بضرب بعض الدول الخليجية وهنا ستكون نهاية إيران الحالية وممكن أن تصبح كما حصل في يوغسلافيا سابقاً أي تقسيمها لدول عدة.
وتبقى الأنظار متجهة نحو باريس التي لم تفلح بإيجاد أي حل لمعضلة الاستحقاق الرئاسي ولا تزال عبر مبادراتها ودعوتها لهكذا نوع من المؤتمرات تبحث عن دور ما بعد فشلها الداخلي وتعثرها في أفريقيا إضافة إلى توتر علاقاتها مع إيران، فهل ستنجح في جمع مساعدات للبنان تتجاوز عتبة الـ 400 مليون دولار والتي وضعتها من أجل إنجاح مؤتمرها؟