بري: دقت ساعة القرار


خاص 24 تشرين الأول, 2024

بري الوسيط الدائم لقرار يصدر من طهران، ويمر إلى حارة حريك، ويصل إلى عين التينة. ليس أقسى على وريث موسى الصدر من أن يكون ناطقاً رسمياً باسم مشروع إيران


كتب أسعد بشارة لـ”هنا لبنان”:

يستعد الرئيس نبيه بري لاختتام رحلة حافلة بالسياسة، والمكائد والمآثر.

الشاب الثلاثيني الذي تخرج من مدرسة الحكمة على يد المطران خليل أبي نادر، والذي لازم الإمام موسى الصدر وورث إرثه بعد التغييب، ورئيس حركة أمل الذي جلس وجهاً لوجه في جنيف ولوزان أمام كميل شمعون وبيار الجميل، وهو مستمتع بمناداة كميل شمعون له تحبّباً “يا صبي”، والشاب الذي شارك في لجنة الإنقاذ الوطني مع بشير الجميل ووليد جنبلاط برعاية الرئيس الياس سركيس في قصر بعبدا على وقع الدبابات الإسرائيلية، وهو من عاصر حرب المخيمات، وصراع الأخوة مع حزب الله، وهو الذي خطب في معركة إقليم التفاح مخوّناً حزب الله. الفتي الوليد المنافس في البيئة الشيعية، هذا الشاب أصبح شيخاً يستعد لأداء المهمة الأخيرة: إنقاذ ما بناه في الجنوب والبقاع والضاحية. إنقاذ يمارسه بصمت قاتل، لا يتقن إلّا نبيه بري ممارسته، صمت يمنعه من قول كلمة واحدة، تصف تراجيديا المأساة. صمت يشبه الموت.

لم يقيّض لأيّ سياسي في لبنان أن يكابد ما كابده بري في العلاقة مع حزب الله. منذ اختتام حرب الأخوة في العام 1990 ، برعاية إيرانية وسورية، تم تلزيم المقاومة للحزب، وفتحت أبواب الدولة أمام النبيه. صمت تنافسي قاتل، مارسه بري رضائياً، مقابل تشريع ملكيته للحصة الشيعية في النظام. صمت لم تخفّف من وطأته حنكة الصبر إزاء فقدان الدور، وتقزّمه إلى مجرد وسيط.

بري الوسيط الدائم لقرار يصدر من طهران، ويمر إلى حارة حريك، ويصل إلى عين التينة. ليس أقسى على وريث موسى الصدر من أن يكون ناطقاً رسمياً باسم مشروع إيران. الزعامة تلفظ معادلة البريد المستعجل، والرئاسة تصغر أمام المرشدية.

في الترسيم البحري كان الوسيط، وفي انتخاب الرئيس كان الوسيط، ولو أتى ذلك على حساب رفضه لرئاسة ميشال عون. لم يعارض عهد عون لكن تعمّد إفشاله نكاية بصاحب القرار.

دقت ساعة نبيه بري، ها هو يتعرض للتأنيب من عراقجي وقاليباف. ها هو يعد بجلسة نيابية لانتخاب رئيس الجمهورية ثم يتراجع في أعقاب قول نعيم قاسم بأنّ البحث في الملف الرئاسي مؤجل إلى ما بعد وقف إطلاق النار.

لا تليق هذه الطاعة بوهج بري، وهو لم يتقبلها عن حسن نية. تبوح وثائق ويكيليكس بما هو أبعد من مجرد الاعتراض على نهج حزب الله.

أمام برّي خيارين لاختتام مسيرة حافلة: نهج الإمام موسى الصدر، أو ولاية فقيه يؤكد أنه المسؤول عن ترجمة ما يريده صاحب الزمان.

هل سيسعفه دهاء معاوية كي يعبر في الامتحان الأخير؟ الجميع ينتظره!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us