متل الشعرة من العجينة
من ساهم في إيصالنا إلى ما نحن فيه لا بدّ له أن يتحمل مسؤولية أمام اللبنانيين الذين عليهم أن يحاسبوا بالسياسة ولا سيما في الإنتخابات النيابية المقبلة إذا حصلت، وقول البعض منهم إنّ التراجع عن الخطأ فضيلة هو قول مردود لأنّ هذا الخطأ لم يكن عابراً بل ارتكب عن سابق تصور وتصميم رغم كل التحذيرات والأحداث التي حصلت وتحصل
كتب بسام أبو زيد لـ”هنا لبنان”:
يبرع البعض في محاولة تضليل الرأي العام والإنسحاب مما تسبب به للوطن وأهله “متل الشعرة من العجينة” ولكن هذا الأمر لا يفترض أن يحصل لأن من ساهم في إيصالنا إلى ما نحن فيه لا بد له أن يتحمل مسؤولية أمام اللبنانيين الذين عليهم أن يحاسبوا بالسياسة ولا سيما في الإنتخابات النيابية المقبلة إذا حصلت،وقول البعض منهم إن التراجع عن الخطأ فضيلة هو قول مردود لأن هذا الخطأ لم يكن عابرا بل هو ارتكب عن سابق تصور وتصميم رغم كل التحذيرات والأحداث التي حصلت وتحصل فلم يكلف أنفسهم أصحاب نظرية الأرض المحروقة منذ العام ١٩٨٩ أن يتراجعوا عنها لسبب واحد وهو أن مصلحتهم الشخصية فوق كل اعتبار.
خرج لبنان من عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري وحرب تموز مثخنا بالجراح وبدل أن تتجه الأمور نحو الأفضل أرتأى فريق ٨ آذار والتيار الوطني الحر أخذ لبنان إلى المزيد من التوترات فكان الاعتصام في وسط بيروت ضد حكومة الرئيس فؤاد السنيورة التي توصلت إلى القرار ١٧٠١ الذي يستعجلون اليوم تنفيذه لوقف آلة الحرب الإسرائيلية،وعلى خلفية معارضتهم لهذا القرار والخطوات الحكومية التي تصب في سياقه حصلت أحداث ٧ أيار ٢٠٠٨ وازداد الشرخ بين المكونات اللبنانية.
أسقط فريق ٨ آذار والتيار الوطني الحر الدستور والإستحقاقات الدستورية واستنبط ممارسات ليست موجودة في أي عرف دستوري كاعتبار الشغور الرئاسي ممارسة ديمقراطية وهذا ما حدث بعد انتهاء ولاية الرئيس أميل لحود وبعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان فبقي لبنان من دون رئيس للجمهورية لمدة سنتين ونصف السنة وكان رأس الحربة في هذه “الممارسة الديمقراطية” التيار الوطني الحر الذي يستنكر اليوم الشغور في قصر بعبدا بعدما كان رائدا في تبنيه لإيصال العماد ميشال عون إلى سدة الرئاسة.
أسقط هذا الفريق القواعد لتشكيل الحكومات ولم يرف له جفن لتداعيات بقاء لبنان من دون حكومات فعلية لسنوات تارة بسبب طمع في توزير وحقيبة وزارية وتارة بسسب رغبة في انتقام سياسي تجسدت صورته في إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري عندما كان على أبواب البيت الأبيض للقاء الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما وما تبع الواقعة هذه من قمصان سود فرضوا واقعا يريده هذا الفريق للبنان.
أسقط هذا الفريق كل مقومات الدولة والوحدة الداخلية بدء من تعاطيه مع عمليات الإغتيال المتتالية وتسخيفها ومحاولة تجهيل مرتكبيها،وصولا إلى رفض أي حديث أو نقاش في موضوع السلاح وتخوين كل من حاول التحذير من عواقب هذا الموضوع التي نراها اليوم ماثلة أمام عيون اللبنانيين والعالم أجمع،لا بل ذهب التيار الوطني الحر إلى حد التباهي بوجود هذا السلاح ودوره فغيب الحديث عن كل القرارات الدولية ولا سيما القرار ١٥٥٩ الذي كان يفاخر بأن العماد ميشال عون هو وراء إصداره فانقلب عليه في تفاهم ٦ شباط ٢٠٠٦ الذي يطلق عليه الدكتور أنطوان مسرة العضو السابق في المجلس الدستوري اسم “اتفاق القاهرة الجديد” وللتذكير فإن اتفاق القاهرة في العام ١٩٦٩ أباح السيادة والقرار في لبنان أمام منظمة التحرير وأباح لبنان أمام اعتداءات واجتياحات إسرائيلية ما زلنا نعيشها حتى اليوم.
مواضيع مماثلة للكاتب:
الدولة العاجزة | الدولة عاجزة عن وقف الحرب | معراب تغرد خارج سرب الحرب |