سجناء أنصفتهم الحرب!
جاءت الحرب وفرضت واقعاً أمنياً استدعى تدخلاً سريعاً للنائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار الذي وضع المادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية على سكّة التنفيذ، وفتح الباب أمام إطلاق سراح مئات الموقوفين الذين يستوفون شروط الإفراج عنهم بشكل فوري
كتب يوسف دياب لـ”هنا لبنان”:
كلّ المحاولات السابقة التي بذلها محامون ورجال قانون ومنظمات حقوق الإنسان ، لم تفلح في إقناع السلطات اللبنانية بتنفيذ مضمون المادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، التي تسمح بالإفراج عن الموقوفين الذين قضوا في السجن مدّة الاحتجاز الاحتياطي، بل ترك الأمر إلى تقدير بعض القضاة، وأحياناً إلى مزاجهم في إسقاط هذه المادّة على حالات الموقوفين لديهم، إلى أن جاءت الحرب وفرضت واقعاً أمنياً استدعى تدخلاً سريعاً للنائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار الذي وضع هذه المادة على سكّة التنفيذ، وفتح الباب أمام إطلاق سراح مئات الموقوفين الذين يستوفون شروط الإفراج عنهم بشكل فوري.
فقد أصدر القاضي جمال الحجار تعميماً حمل الرقم 122/2024 جاء فيه “بالنظر للظروف الأمنية الراهنة التي أدّت إلى تفاقم أزمة الاكتظاظ في السجون والنظارات، وتفعيلاً لنص المادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وتسريعاً لإجراءاتها بالتعاون مع الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، يُعمل بآلية تسهيل إجراءات تقديم المدعى عليه الموقوف طلب تخلية سبيله وتأمين وصوله إلى المرجع القضائي الواضع يده على الملف”. وأكد الحجار أنه “يتاح للموقوف التوقيع على طلب تخلية سبيله في السجن مكان توقيفه، وتتولّى الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان استلام الطلبات من السجون وتأمين وصولها إلى المراجع القضائية الواضعة يدها على ملفات الموقوفين تمهيداً للبتّ بها وفق الأصول بالسرعة المرجوة”.
هذه المذكرة أُبلِغَت فوراً إلى النيابات العامة في كافة المحافظات وإلى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي والهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، كما سلّمت نسخة عنها إلى الرئيس الأول لمحكمة التمييز (القاضي سهيل عبّود) لإبلاغها كافة قضاة المحاكم ووضعها قيد التنفيذ. وينتظر أن تبدأ نتائجها بالظهور في اليام القليلة المقبلة، وأكد مصدر معني بملفّ السجون لـ “هنا لبنان” أن “تطبيق التعميم سيؤدي بالحدّ الأدنى إلى إطلاق سراح حوالي 1200 موقوف في كافة السجون اللبنانية التي باتت تحتوي ثلاثة أضعاف قدرتها الاستيعابية”. وشدد على أنّ “تنفيذ مضامين هذا التعميم يستدعي تعاوناً من إدارة السجون في قوى الأمن الداخلي ومن السلطة القضائية أيضاً”.
لا تقود هذه المذكرة إلى تلبية رغبة مئات الموقوفين فحسب، بل ستؤدي إلى التخفيف من العبء على سجون لبنان، وأوضح المصدر المعني بهذا الملفّ أنّ “نسبة الاكتظاظ في السجون ثلاثة أضعاف قدرة السجون على الاستيعاب، خصوصاً بعد أن جرى إفراغ سجون الجنوب ومراكز التوقيف في الضاحية الجنوبية ونقل نزلائها إلى السجون المركزية في المحافظات الأخرى”. وقال “التقديرات الأولية تفيد بأنّ تطبيق هذا التعميم قد يفضي خلال أيام قليلة إلى إطلاق سراح مئات الموقوفين وربما أكثر من 1200موقوفاً”، لافتاً إلى أنّ “إدارة السجون ستقدم كل التسهيلات التي تطلبها الهيئة الوطنية لحقوق الانسان، المخولة بالدخول إلى كلّ السجون وتطلع على ظروف الموقوفين الذين يستوفون شروط الافراج عنهم”.
في المقابل كشف مصدر قضائي بارز لـ “هنا لبنان”، أنّ النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار “أعطى توجيهاته إلى القضاة لتنفيذ هذا التعميم والاستجابة الفوريّة للنظر بطلبات إخلاء السبيل التي تتوافر فيها شروط المادة 108 من أصول المحاكمات الجزائية”، مشدداً على “ضرورة الأخذ بالاعتبار الظروف الأمنية الصعبة، خصوصاً أنّ كلّ المحاكم والدوائر القضائية تبلّغت مضمون هذا التعميم”.
وتنصّ المادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، على أن “لا يجوز أن تتعدى مدة التوقيف في الجنحة شهرين يمكن تمديدها مدة مماثلة كحد أقصى في حالة الضرورة القصوى، ولا يجوز أن تتعدى مدة التوقيف في الجناية ستة أشهر يمكن تجديدها لمرة واحدة بقرار معلل، ما خلا جنايات القتل والمخدرات والاعتداء على أمن الدولة والجنايات ذات الخطر الشامل وجرائم الارهاب وفي حال كان الموقوف محكوم عليه سابقاً بعقوبة جنائية”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
توقيف “عميل” زوّد “الموساد” بمعلومات عن “الحزب” | وكلاء سلامة مرتاحون لمسار التحقيق.. رُبّ ضارّة نافعة | ضابط أمن كبير متورّط مع عصابة مخدرات خطيرة |