إلى الشيخ نعيم قاسم.. عن أيّ توفيق تحدثنا؟!
عند قراءة الخطاب الأول لـ”الأمين العام” ، لا بدّ من التوقف عند قوله “أنّنا توفقنا في دخول جبهة الإسناد”، ويجب أن نسأل إن كانت “نا المتكلمين” في “توفقنا”، تعود إلى “الحزب”؟ أم إلى أهل الجنوب؟ والبقاع؟ والضاحية؟ أم لكل لبنان!.. بماذا توفقنا يا شيخ نعيم؟ ونصفنا هُجِّروا دون أن يختاروا الحرب! ونصفنا دمرت منازلهم وخسروا أرزاقهم وأرضهم وقراهم، فقط لأنكم أنتم أردتم جبهة مساندة لم نخترها، جبهة حولتنا إلى أرض محروقة، دون أن نجد من يساندنا!
كتبت نسرين مرعب لـ”هنا لبنان”:
ما إن جلس الشيخ نعيم قاسم على كرسيه كأمين عام لحزب الله، حتى حاول لا شعورياً، أن يتقمّص شخصية الشهيد السيد حسن نصرالله!
فجأة، أصبح لقاسم مطولات، وأصبح يهدّد أميركا ويدمج لغة الخطاب باللغة اللبنانية المحكية، على النسق نفسه الذي كان يحترفه السيد نصرالله في خطاباته.
وبعيداً، عن الفرق الشاسع بين الرجلين، وعند قراءة الـ60 دقيقة لخطاب نعيم قاسم، لا بدّ من التوقف عند نقاط عدة، أبرزها وأهمها، قوله، “أنّنا توفقنا في دخول جبهة الإسناد”، وهنا يجب أن نسأل، إن كانت “نا المتكلمين” في توفقنا، تعود إلى حزب الله؟ أم إلى أهل الجنوب؟ والبقاع؟ والضاحية؟ أم لكل لبنان!
فإن كانت عائدة للحزب، فعن أيّ توفيق يتحدث الشيخ نعيم قاسم؟ هل التوفيق بتعيينه أميناً عاماً؟ أم توفيق المفاوضات تحت النار والقبول بالـ1701 بعد سنوات من التعنت والرفض، أم توفيق “الخسارات”، فنعيم قاسم الذي تعمّد إظهار صورة نصرالله في “الكادر” تناسى، أنّ زعيمه السابق، ورفيق الدرب في النضال، سقط شهيداً ضحية هذه الجبهة!
ولكن، لن نزايد على قاسم، فهنا سيخرج لنا عشرة وعشرون وربما مئة شخص من الحزب ليقولوا لنا، إنّ الشهادة هي عبادة، وإنّها هدف وشرف! وإنّهم لا يهابون الموت وإنّ استشهاد السيد هو وسام على الصدور! وهنا نقول لهم: لكم ما شئتم، لكم قناعاتكم التي نحترمها شرط ألاّ تجرنا إلى الهاوية!
أما إن كانت الـ”نا” عائدة، إلى الجنوب والبقاع، والضاحية.. فلنسأل أولاً: أين هي الضاحية؟ أين معالمها؟ ملامحها؟ أين الحياة فيها وقد تحولت إلى ركام!
وأين هو الجنوب الذي لم تسلم حتى مساجده وكنائسه من الدمار.
أين هو، والدبابة الإسرائيلية تجرف ما بين الحين والآخر قراه بكل وقاحة، فتسوي ما تبقى من منازله أرضاً!
وأيضاً، أين هو البقاع يا شيخ نعيم، البقاع الذي هجّر أهله، وأصبحوا “محاصرين” بين نار القصف والتهديدات ونار النزوح الذي أثقل المناطق اللبنانية..
ولكن هنا أيضاً، سنهدأ، فربما لا يشاهد الشيخ نعيم قاسم نشرات الأخبار وربما لم يرَ الإسرائيليبن مرة في كفركلا ومرة أخرى في يارين.. وربما سيخرج علينا أيضاً من داخل البيئة “المقاومة”، من يؤكد أنّ الإعمار قادم وأنّ الحرب ستنتهي وكل شيء سيعود وسيردد على مسامعنا لازمة أنّ أهل الأرض سيعملون على إحيائها من جديد.
هنا، لهم أيضاً ما شاؤوا!
ولكن، إن كانت الـ”نا” تعود إلى لبنان، فهنا اسمحوا لنا، وتريثوا، واسمح لنا أنت على وجه الخصوص يا شيخ نعيم، وأعلمنا حقاً، أين توفق لبنان؟! هل بفاتورة الدمار؟ هل بالمسيرات الإسرائيلية التي لم يعد على مساحة الوطن من منطقة عاصية عليها؟ هل بالاغتيالات التي تحصل في مناطق يفترض أن تكون آمنة!
بماذا توفقنا يا شيخ نعيم؟ ونصفنا مهجرون دون أن يختاروا الحرب! ونصفنا دمرت منازلهم وهم سبق أن رفضوا الحرب.
ونصفنا إن لم نقل أكثر، خسر منزله، رزقه، أرضه وحتى قريته، فقط لأنكم أنتم أردتم جبهة مساندة لم نخترها، جبهة حولتنا إلى أرض محروقة، دون أن نجد من يساندنا!
ولكن.. حقاً، توفقنا يا شيخ نعيم!
إذ أدركنا أن ساحاتكم “أوهن من بيت العنكبوت”، وأن وحدتها كذبة وهرطقة، فأين إيران وسوريا اليوم؟ أين هم المقاومون مما يحصل في لبنان من محرقة بكل ما للكملة من معنى!
أجل توفقنا!
وأدركنا، أننا ضحية لكم، لمحوركم، لإيرانكم. ضحية لإيديولوجيا لا تمثل لبنان، وكل ما قامت به هو تدميرنا!
توفقنا، وأدركنا أنكم أبعد ما تكونون عن شعاركم ” نحمي ونبني”، الذي كررتموه بين انتخابات وانتخابات، وربما وجب أن تستبدلوه بشعار آخر، وأن تقولوا أنّنا بحساباتكم وحسابات محوركم “فدا إيران”، و”فدا” المقامرة بالمصير!
ولكن لا يا شيخ نعيم، أعد تحليل معادلتك،، وأدرك جيداً أننا لسنا “فدا” أيّ طرف! وأننا لم نتوفق لا بجبهتكم ولا بحربكم ولا بسلاحكم ولا ولا ولا .. ولا بأيّ شيء من حزبكم!
مواضيع مماثلة للكاتب:
أين لبنان؟.. يا فيروز! | سليم عياش.. “القاتل يُقتل ولو بعد حين”! | نعيم قاسم “يعلّم” على الجيش.. الأمين العام “بالتزكية” ليس أميناً! |