من نهر البارد إلى عرسال وفجر الجرود… إنتصارات الجيش تتوالى وتطيح بكل الحملات المأجورة
لم تعد تنفع الحملات المأجورة على الجيش اللبناني، والتي تستعين بأفكار اخترعها البعض كي يبقى مسيطراً على الدولة باسم الدويلة، فيما الحقيقة ساطعة كالشمس فتاريخ جيشنا المشرّف معروف منذ نشأته
كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:
في ظل الخطابات الرنانة والمزيفة التي تحوّل الهزائم دائماً إلى إنتصارات، وأمام الوعود بخوض البحر معاً، والأحلام التي كانت وستبقى بعيدة عن أرض الواقع، تعايشت فئة من اللبنانيين مع بطولات وهمية على مدى عقود من الزمن، لتكشف الواقع الأليم الذي حوّل لبنان إلى ركام ودمار وخراب، فأسقط معه آلاف الضحايا والجرحى والمعوقين من دون أيّ ذنب، مع أكثر من مليون ومئتي ألف نازح يفترشون قاعات المدارس والشوارع نتيجة حرب لم يقرروا خوضها.
وسط هذه المشاهد القاتمة، كان لا بدّ من رمي اللوم على الغير من قبل فريق الممانعة، الذي يترأسه حزب الله ومجموعة المعاونين، الذين قاموا برمي الاتهامات وإطلاق الحملات المشبوهة على الجيش، متّهمين إياه بالضعف وبعدم قدرته على تحمّل مسؤولياته والدفاع عن لبنان وجنوبه، كي تبقى حجّة الدويلة بعدم تسليم سلاحها، عنواناً أساسياً لإبقائه وتشريعه، ومنعاً لتنفيذ القرار 1559 الذي ينادي بسحب السلاح من الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية.
لذا لم تعد تنفع الحملات المأجورة على الجيش اللبناني، والتي تستعين بأفكار إخترعها البعض كي يبقى مسيطراً على الدولة بإسم الدويلة، التي تعد بالتحرير حتى أجل غير مسمى، في ظل شعارات لم تعد تتماشى مع الوعود، إنتشرت منذ فترة على مواقع التواصل الاجتماعي، للنيل من الجيش اللبناني فيما الحقيقة ساطعة كالشمس وتاريخ جيشنا المشرّف معروف منذ نشأته.
إستبسال الجيش في نهر البارد
إلى ذلك لا بدّ من استذكار الإنتصارات التي حققها الجيش اللبناني في العديد من المعارك، وعلى سبيل المثال لا الحصر نعود بالذكرى إلى تاريخ 20 أيار2007 حين انطلقت معركة نهر البارد، بين الجيش وجماعة “فتح الإسلام” بقيادة شاكر العبسي، بعد الغدر بـ 35 عسكرياً في خيمهم بطريقة شنيعة جداً، وكان الهدف حينها جعل شمال لبنان إمارة للتكفريين، لكن القرار اتّخذ بالتصدّي لهؤلاء وانتهت المعركة بانتصار كبير للجيش بقيادة العماد ميشال سليمان، واستمرت 105 أيام أدّت إلى تدمير المخيم ونزوح سكانه، كما سقط للجيش 170 شهيداً مع العديد من الجرحى والمعوقين، افتدوا لبنان بدمائهم وأبعدوا عنه شبح الفتنة التي كانت ستحوّله إلى ساحة للإقتتال على غرار النموذج العراقي.
على المستوى العسكري أكد الجيش حينها على وحدته ومناعته، إذ لم تنل منه كل محاولات الترهيب بحدوث انشقاق في صفوفه، خلال معركة اعتُبرت من أكبر وأشرس المعارك التي خاضها، فشكلّت اختباراً لقدرته على خوض غمار معركة تعتبر من أصعب أنواع القتال في الحروب.
معركة عرسال منعت تغيير وجه لبنان
من نهر البارد إلى معركة عرسال، التي كشفت خطورة ما يهدف له الإرهابيون في البلدة وجرودها، حيث كانوا يخططون لإعلان دولتهم بعد سيطرتهم على مناطق أخرى قريبة، وأفيد وفق ما نقل أحد الضباط الذين شاركوا في المعركة لـ” هنا لبنان”:” بأنّ ما حصل في الثاني من آب 2014 كان من أبرز المواجهات التي خضناها مع عناصر من التنظيمات الإرهابية والتكفيرية، إذ اندلعت المعركة بعد توقيف الجيش اللبناني قائد “لواء فجر الإسلام” عماد أحمد جمعة في جرود البلدة، فقام مقاتلو جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية باقتحام فصيلة درك عرسال وأسر 21 عنصراً، فاستقدمنا التعزيزات واستطعنا منعهم من تنفيذ هدفهم بتغيير وجه لبنان، إذ كانوا يعملون على استهداف مراكزنا ومواقعنا في المنطقة والجوار، لكننا تصدينا لهم بعمليات هجومية أطاحت بهم، وذكّر الضابط المشارك في المعركة بما قاله قائد الجيش حينها جان قهوجي: “لو انهزم الجيش في عرسال لكانت الفتنة السنيّة – الشيعية اشتعلت في لبنان، ولكان المسلّحون وصلوا إلى بلدة اللبوة وارتكبوا المجازر فيها، وبعدها دخلوا إلى عكار ومنها وصلوا إلى البحر وأعلنوا دولتهم”.
فجر الجرود والتضامن الوطني مع الجيش
ولمعركة فجر الجرود معنى آخر، ارتبط بها اسم قائد الجيش العماد جوزف عون، فقادها بنجاح ضد مئات المسلحين من تنظيمَي “داعش والنصرة” في شهر آب 2017، بعد استباحة المسلحين مساحات واسعة في المنطقة الجبلية المعروفة باسم جرود رأس بعلبك و القاع في البقاع الشمالي على الحدود مع سوريا، واستطاع السيطرة عليها خلال الأيّام الأولى من بدء المعركة، التي وثّق بعض المشاركين فيها أقلقت حزب الله لانّ الجيش أظهر كفاءة عسكرية عالية، ونجح في تحرير ما يقارب المئة كيلومتر مربع من أصل 120 يسيطر عليها المسلحون، هذا التقدّم للجيش خلق تضامناً وطنياً كبيراً معه، الأمر الذي أغضب حزب الله لأنه لم يُقدّر بأنّ تلك المعركة ستثمر ذلك الانتصار، من خلال تحرير تلك المساحات وتدمير عدد كبير من المراكز التي تحتوي على مغاور وأنفاق وخنادق وتحصينات ومتفجرات، ما فضح سلوكيات الحزب تجاه الدولة، خصوصاً بعد إصرار الجيش على خوض المواجهة من دون مشاركة الحزب أو جيش النظام السوري.
عملية التخوين وصلت إلى البترون
في سياق آخر، وخلال عملية الإنزال التي قامت بها قوة إسرائيلية قبل أيام في البترون، وأدت إلى اختطاف عماد أمهز، جرى تحميل الجيش اللبناني كل المسؤولية من قبل الفريق الممانع والمتحدثين بإسم حزب الله، مع إتهامات بعدم القيام بواجبه في ظل عملية تخوين له، ووضع لوائح سميت بـ” لوائح العار” حوت أسماء سياسيين وناشطين ومؤثرين وصحافيين، دعت إلى هدر دمائهم تحت عنوان”عملاء الداخل”.
فلنتوحّد على الايمان بجيشنا الباسل
في الختام لا بدّ من التذكير بأنّ مؤسسة الجيش وحدها مَن تحوي الدولة والشرعية، ومن يشكّك بها يهدف إلى بقائه ضمن إمبراطورية الدويلة، والمطلوب تسليح الجيش كما يجب وإتخاذ القرارات المناسبة، التي تخوّله التصرف وتنفيذ القرارات الدولية، والإنتشار في الجنوب وعلى كامل أراضي لبنان، وسيبقى وحده الحصن المنيع للبنان واستقلاله، فلنتوحّد على الإيمان بجيشنا الباسل، ولنشهد ولادة لبنان الجديد المرتقب.