أبو الجماجم


خاص 7 تشرين الثانى, 2024

ما الفرق بين ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف أو خمسة آلاف جمجمة لبنانية تحت التراب اللبناني ما دام العدو يتألم؟ لا تقبل أبا الجماجم إلّا بفرض الشروط على العدوّ المنهك وعلى الشيطان الأكبر. الشيطان نفسيّته بالأرض. أنهه وخلّص البشرية!

كتب عمر موراني لـ”هنا لبنان”:

أخطر حدث أمني في هذا القرن، وأهم خرق لسيادة الجمهورية اللبنانية منذ أيام المغفور له هنري بونسو حتى اليوم، هو خطف الكابتن البحري “المدني”عماد أمهز من أحد شاليهات البترون من قبل وحدة كوماندوس إسرائيلية. حدث لا يقل شأناً عن اغتيال الأرشيدوق فرانز فرديناند وزوجته الأرشيدوقة صوفي في سراييفو في 28 يونيو عام 1914. مع فارق بسيط أن عماد ما زال يرفل بالصحة وسيعود عاجلاً أو آجلا إلى ذويه في نهاية الحرب العالمية الثالثة.

كان ليكون الخطف تفصيلاً في حرب أنهت شهرها الأول من السنة الثانية، بتدمير منقطع النظير، لولا تطرّق الحكواتي الجديد إليها مطالباً قائد الجيش اللبناني، بوصفه المسؤول عن حدودنا البحرية، بتقديم شرح للرأي العام يوضح ما حصل. أما أمر الحدود البرية فهو من صلب مسؤوليات ملك الصواريخ. لم يدعُ الحكواتي إلى عزل قائد الجيش اليوم بسبب انشغاله في إدارة الميدان… من طهران أو من أصفهان أو من لبنان أو من مكان في يقع منطقة وسطى بين مملكة الأنس ومملكة الجان.

إطلالة بعد إطلالة، يتحسّن أداء الحكواتي الجديد في مخاطبة جمهور النازحين العشقان والولهان والفرِح بإنجازات المقاومة الإسلامية المسنودة من القائد عبد الملك الحوثي والميليشيات العراقية والحرس الثوري الإيراني…والله. ضمّن حكواتينا الساعة التلفزيونية الأخيرة ما لذ وطاب من مفردات تدغدغ أحاسيس الكبير والصغير والمقمّط بالسرير، إن وجد أهل “المقمّط” سريراً في متاهة الإرتحال.

أدخل الحكواتي الشياطين والآلهة في سياق شحذ الهمم وتمجيد الآلام والتضحيات والبطولات، وما كان ينقص الجلسة الأخيرة إلّا مقتطفات من تغريبة “أبو زيد الهلالي”. حكى عن الجماجم بالمعنى الإيجابي. جماجم المقاتلين والإستشهاديين محبّي القتال وما تحويه من قناعات إلهية وقناعة جهادية تميزهم عن سائر المواطنين الخنّع. عرفنا في العصر الحديث ابوات كثيرين، فلسطينيين ولبنانيين، قادة وقطّاع آذان. من “أبو الغضب” إلى “أبو الموت” و”أبو نضال” وصولاً إلى “بي الكلّ” الجنرال الحنون رضوان “الحزب” على صهره المحب. في الماضي البعيد إرتعب كثيرون من قصص “أبو الجماجم” المهولة ومنهم كاتب المقال. أما ذكر الجماجم كما وردت على لسان أحد آباء المقاومة الإسلامية الأفذاذ الأخيرة فجاءت حفراً وتنزيلا وملأى بالمعاني والقيم الإلهية السامية. أشعرني الحكواتي أنه “أبو الجماجم” في الملحمة الأسطورية الدائرة فصولها في بلادنا، ملحمة ستضطر العدو “أن يسعى بنفسه إلى وقف العدوان” قال الحكواتي و”العدو مش قادر يصمد”. هناك من يصدق. لا تتوقف عن الحكي. رجاءً. “ليس المهم من بدأ الحرب” تابع. الشعب لم يشبع. الشعب لم يرتوِ بعد من زمن الإنتصارات. ما الفرق بين ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف أو خمسة آلاف جمجمة لبنانية تحت التراب اللبناني ما دام العدو يتألم؟ لا تقبل أبا الجماجم إلا بفرض الشروط على العدو المنهك وعلى الشيطان الأكبر. الشيطان نفسيته بالأرض. أنهه وخلّص البشرية. الله معك شيخ نعيم.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us