بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟
يتوزّع العدد الأكبر من النازحين على مراكز الإيواء التي لم تعد قادرة على استعاب المزيد، الأمر الذي دفع بوزير البيئة للإعلان عن خطة حكومية تدرس إقامة بيوت جاهزة لإيواء النازحين في أراضٍ عامة مفتوحة
كتبت ناديا الحلاق لـ”هنا لبنان”:
مع احتدام الحرب بين حزب الله وإسرائيل تتفاقم أزمة النزوح في لبنان يوماً بعد يوم حيث اضطر مليون و400 ألف لبناني للنزوح من المناطق المستهدفة بالقصف والتوجه إلى مناطق أكثر أمناً، منهم من لجأوا إلى استئجار منزلاً على نفقته الخاصة ومنهم من يقيم لدى أقاربه، فيما العدد الأكبر يتوزعون على مراكز الايواء التي لم تعد قادرة على استعاب مزيد من النازحين، الأمر الذي دفع بوزير البيئة إلى الإعلان عن خطة حكومية تدرس إقامة بيوت جاهزة لإيواء النازحين في أراضٍ عامة مفتوحة، بالتعاون مع جهات مانحة بينها دول عربية.
هذا الموضوع طرح علامات استفام حول مدى قانونية هذا المشروع والمدة المسموح فيها إبقاء المنازل الجاهزة؟ وهل هناك حاجة لاستيراد هذه البيوت أو بالإمكان تصنيعها في لبنان؟
أكد المهندس المدني علاء كردية لـ”هنا لبنان” أنّ هذه البيوت بالإمكان تصنيعها في لبنان أو استيرادها من تركيا إلا أنّ تكلفة البيوت المستوردة عادة ما تكون مرتفعة، أما المصنعة محلياً فيبلغ سعر البيت الواحد المؤلف من غرفة ومنتفعاتها الأساسية نحو 5000 آلاف دولار وقد يصل إلى 25000 دولار في حال تضمن أكثر من غرفة.
كما يلفت كردية إلى أنّ البيوت الجاهزة الصغيرة لا تناسب إلا حالات الحرب فهي لا تصلح لأن يكون فيها خزان للماء وعادة ما يترواح سعرها بين 5 آلاف و7 آلاف دولار، أما البيوت الأكبر حجماً والتي تتراوح أسعارها بين 15 إلى 25 ألف دولار فهي مجهزة بشكل كامل ومصنعة بطريقة ممتازة.
وعن مدى متانة وصلابة هذه البيوت بوجه العواصف والرياح يقول كردية أنه في حال صممت بطريقة احترافية وبدقة بحيث تستوفي شروط السلامة العامة فهي ستكون مناسبة وآمنة للسكن في كل الأوقات.
ويلفت كردية إلى موضوع مهم جداً وهو استغلال بعض التجار للأزمة وتقديم بيوت تجارية، الأمر الذي قد يتسبب بأذى لقاطنيها.
أما في ما يتعلق بمدى قانونية هذه البيوت، فترى المحامية مايا جعارة أنّ “الأعداد الكبيرة للنازحين التي وصلت معها معظم مراكز الإيواء إلى قدرتها الاستيعابية القصوى لا سيما في بيروت، أدت إلى دراسة حكومة تصريف الأعمال عدة حلول منها إقامة بيوت جاهزة لإيواء النازحين في أراضٍ عامة مفتوحة، بالتعاون مع جهات مانحة لا سيما وأنّ التعويل كان على البلدان العربية الشقيقة”.
وقد قامت وزارة الأشغال بتكليف من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بتحديد الأراضي العامة التي يمكن تشييد المنازل الجاهزة عليها، والتي تم تحديدها في ثلاث مناطق، في بيروت والبقاع والشمال.
ورأت جعارة أنّ “أهم ما يجب أخذه في عين الاعتبار هو عدم المسّ بديموغرافية المناطق، خاصة وأنّ الحرب قد تطول كما أنّ الدمار كبير هذه المرّة ويجب إبقاء السكان قريبين من مناطقهم الأصلية على أن ن تكون آمنة، كما وان تقتصر على الأماكن العامة تحت اشراف وادارة الدولة وبمهلة زمنية محددّة”.
واضافت جعارة أن “ما يسمى قانون الملكية غير المكتملة الذي يسمح لبعض المواطنين من النازحين بوضع بيوت جاهزة على مشاعات الدولة او البلديات اي على العقارات غير الممسوحة التي تعود ملكيتها للدولة وللاستخدام العام أمر غير جائز قانوناً ولا يجب أن يشرع ليصبح العقار برمته ملكاً لهم بعد خمس سنوات، مشيرة إلى أن ذلك يتناقض مع مبدأي المساواة والعدالة في توزيع الملكيات ويشكل تمييزاً في التعامل بين المواطنين وقد يؤدي الى تشجيع التهجير المستدام لأهالي الجنوب كما حصل سابقاً في بعض المناطق اللبنانية في جبيل والاوزاعي وغيرها”.
وبحسب جعارة “هناك حلول أسرع وأقلّ كلفة يمكن اللجوء إليها مرحلياً لحين وقف إطلاق النار وعودة النازحين الى قراهم والبدء بعملية الاعمار “.
ومن هذه الحلول “استعمال مباني الدولة الشاغرة والأماكن العامة والاستعانة بالخيم مثل التي استعملت في كهرمان مرعش جراء الزلزال الذي حدث العام الماضي وهي بمساحة 20 م م للواحدة وتحوي كامل متطلبات العيش الكريم.وبالتوازي العمل على تأمين بيوت جاهزة بمساحات اكبر لوضعها فور وقف اطلاق النار بالقرب من المنازل المهدمة للسكن بها مؤقتا بانتظار اعادة بناء المنازل المهدمة واو ترميم البيوت المتضررة”.
وشرحت جعارة ان هناك “العديد من المرافق والمباني العامة في بيروت يمكن استعمالها مؤقتاً وهي ما زالت شاغرة .و تظهر بيانات وزارة المالية وجود 1285 عقار تعود ملكيتها للدولة اللبنانية، 1164 عقار ملك بلدية بيروت و111 عقار تابع للدولة اللبنانية (منهم 17 عقار ملكيات للدولة بإسم وزارات و16 عقار ملكيات للدولة باسم مصالح او مديريات). كما يملك مصرف لبنان بدوره 10 عقارات. ومن الأمثلة عن الأملاك العامة المبنية الشاغرة الواقعة ضمن أملاك الدولة ضمن بيروت الإدارية، نذكر محطة قطار مار مخايل، والمباني المستملكة لبناء مشروع اوتوستراد فؤاد بطرس، والتي تمّ ترميمها بعد تفجير المرفأ، والبيال، والمرافق الرياضية، وغيرها. فالسلطات العامة والمحلية تملك موارد من ضمنها هذه العقارات، والتي إذا ما تمّ إدراجها ضمن خطة الطوارئ قد تشكّل فرصة إضافية لإيواء أعداد كبيرة من النازحين أو إغاثتهم بشكل مؤقت ريثما يعودون الى قراهم”.
كما أوضحت جعارة ان “القانون الذي يرعى موضوع الأبنية هو قانون البناء اللبناني رقم 646/2004 لكنه لم يتناول البيوت الجاهزة سواء كانت من خشب أو أي مادة غير الباطون واضافت انه يكفي الترخيص من البلدية أو وزارة الداخلية”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | قائد الجيش “رجل المرحلة”.. التمديد أو الإطاحة بالـ1701! | مصير النازحين بلا أفق.. إلى أين سيتجهون بعد الحرب؟ |