الجيش يضبط المطار: نموذج سيعمم على كل لبنان

تتصاعد النقاشات حول دور الجيش اللبناني وأهمية شرعيته كحامٍ أساسي للوطن، لا سيما في ضوء الأحداث الأخيرة، ومنها حادثة تفتيش مرافقي المسؤول الإيراني علي لاريجاني في مطار بيروت، التي أثارت جدلاً واسعاً
كتب جوني فتوحي لـ”هنا لبنان”:
في ظل الأوضاع الأمنية والسياسية المتأزمة التي يشهدها لبنان، تتزايد المخاوف حول سيادة الدولة وقدرتها على فرض هيبتها وحماية حدودها ومرافقها الحيوية. وتتصاعد النقاشات حول دور الجيش اللبناني وأهمية شرعيته كحامٍ أساسيٍّ للوطن، لا سيما في ضوء الأحداث الأخيرة، ومنها حادثة تفتيش مرافقي المسؤول الإيراني علي لاريجاني في مطار بيروت، التي أثارت جدلاً واسعاً، إذ اعتبرها البعض تنفيذًا لإملاءات خارجية، بينما رآها آخرون ضرورة لتعزيز هيبة الدولة وسيادتها. في مواجهة هذه التحديات، تُطرح ضرورة دعم المؤسسة العسكرية وتمكينها من أداء دورها في ضبط الحدود وحماية مصالح البلاد، لاستعادة ثقة المجتمع الدولي وحفظ الاستقرار الداخلي.
الصادق: سلاح الجيش الأقوى هو شرعيته
في هذا السياق، أشار النائب وضاح الصادق لـ”هنا لبنان” إلى أنّه “منذ بداية الحرب، عندما اتخذ الجيش قرار استلام مطار بيروت وعدم الخضوع للضغوط، أصبح وضع المطار مضبوطاً، وهذا الإجراء حماه. لم نكن بحاجة إلى قرارات دولية أو قرار من مجلس الأمن لمراقبة المرافق ومنع تهريب الأسلحة أو غيرها، لكن للأسف، لم يكن لبنان يوماً تحت سلطة الحكومة أو القوى الأمنية اللبنانية، لذا استلزم الأمر اللجوء إلى القرارات الدولية. اليوم، مهمة الجيش هي ضبط حدود لبنان كافة، لكن هناك أيضاً اتفاقات دولية ترعى هذا الموضوع، فإذا عاد الجيش لمهمته الأساسية في حماية جميع الحدود، يمكن استعادة ثقة المجتمع الدولي”.
وعن لجنة الإشراف على مهمات الجيش بقيادة أميركية، علّق قائلاً: “الموضوع لا يتعلق فقط بالحرب بين لبنان وإسرائيل، بل أيضاً بفتح الحدود اللبنانية للتهريب، ما أدى إلى تخلي الدول عن استيراد منتجاتنا بعد ضبط شحنات كبتاغون قادمة من لبنان. ثانياً، أصبح الاقتصاد الموازي يشكل حوالي ثلثي الاقتصاد، وهذا يضر بالاقتصاد الوطني والشركات اللبنانية، بالإضافة إلى تأثيره على الدول الخارجية جراء التهريب. فلم يعد الصراع مقتصراً بين لبنان وإسرائيل، بل بات أيضاً بين لبنان ودول أخرى عربية وأجنبية بسبب احتكار حزب الله لقرار الدولة”.
ورد الصادق على الانتقادات الموجهة ضد الجيش بسبب انتهاك إسرائيل سيادة لبنان عبر اختراق شاطئ البترون، قائلاً: “السيادة اللبنانية منتهكة منذ 20 سنة، وأول من انتهكها هو حزب الله عبر سيطرته على القرار الوطني وتنفيذ أوامر إيران. والدليل على ذلك هو وجود مستشار أو ضابط إيراني خلال عمليات اغتيال قادة الصف الأول. أليس هذا انتهاكاً للسيادة اللبنانية؟ نعم، إسرائيل انتهكت سيادة لبنان بحراً، ولكن حزب الله تسبب بحرب مدمرة أدت إلى خرق إسرائيل للسيادة اللبنانية براً على طول الحدود، إضافة إلى تحليق طائراتها في الأجواء اللبنانية ليلاً ونهاراً”.
وأضاف: “الجيش اللبناني قادر على بسط سيطرته على جميع المرافق، لكن سلاحه الأقوى هو شرعيته. وأكبر مثال على ذلك هو حادثة العديسة منذ حوالي سنة، عندما تصدى الشهيد الرائد محمد فرحات لمحاولة الجيش الإسرائيلي إزالة الشريط الحدودي”.
محفوض: الدولة بدأت تستعيد هيبتها تدريجياً
من جهة أخرى، لفت رئيس حركة التغيير إيلي محفوض إلى أنّ “هناك مشهدين: مشهد تصرف الوفد الإيراني في المطار ومشهد تصرف الوفد الأميركي. الرسالة هي أنّ الإيراني يعتبر أنّ لبنان إحدى العواصم العربية الخاضعة لإيران باعترافهم. تصرف الجيش كان طبيعياً، فقد قام بواجباته، والسؤال الذي يطرح نفسه: لو تواجد مسؤول لبناني في أحد مطارات إيران، هل كان سيعترض لأن حقائبه خضعت لإجراءات تفتيش روتينية؟ بالطبع لا”.
وأضاف: “لم يكن المطار فقط خاضعاً لحزب الله، بل الدولة بأكملها كانت خاضعة لمشيئة ميليشيا مسلحة. والدليل الواضح على كلامي هو عندما دخل عنصر من ميليشيا إلى قصر العدل وهدد قاضياً واستخدم عبارات غير لائقة، فضلاً عن حادثة إطلاق النار على طائرة عسكرية كانت تحلق فوق منطقة خاضعة لحزب الله واستشهاد ضابط”.
وقال محفوض: “يمكن أن نلاحظ من خلال هذه الواقعة أن الدخان الأبيض بدأ يتصاعد، وأن الدولة بدأت تستعيد هيبتها تدريجياً. الجيش، من خلال القيام بواجباته، أعاد الحد الأدنى من هيبة الدولة. نحن على الطريق الصحيح لاستعادة حضور الدولة ووقف المخالفات، وكل ما بُني على باطل فهو باطل”.
وأشار إلى أن “المرحلة تتطلب حضورا مكثفا من الأجهزة الأمنية والعسكرية، ومجهوداً إضافياً من المؤسسة العسكرية، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا عبر ثلاث نقاط: أولاً، إعطاء المزيد من الدعم والثقة والتمويل لوحدات الجيش اللبناني، ثانياً، تحفيز الشباب اللبناني للانخراط مجدداً في المؤسسة العسكرية بعد الانكفاء الحاصل، وثالثاً، المسؤوليات الكبرى الواقعة على عاتق الجيش، إذ بدونها لا يمكننا استعادة الدولة والحفاظ عليها”.
وعن تأثير هذه الحادثة على علاقة لبنان بالمجتمع الدولي، قال محفوض: “هذه إشارة إيجابية جداً، تدل على أننا دولة قائمة بذاتها ولديها مؤسسات. عندما نقول: “اتركوا الجيش وشأنه”، فإنّ التصويب على قائد الجيش ليس مجرد تصويب على شخص جوزيف عون، بل هو تصويب على المؤسسة وهيبتها. لقد أظهر الجيش في المطار أنه من أعاد هيبة الدولة، وليس نوابكم ولا أحزابكم مهما علا شأنهم”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() الانتخابات البلدية في لبنان: بين ضرورات الديموقراطية وشبح التأجيل | ![]() الرئيس في مقدمة الشّعب حاملًا راية اللّامركزية الموسّعة | ![]() إتفاقية وقف إطلاق النار: سلام هش أم فخ دائم؟ |