الراعي هاجم “الثنائي” بالدستور… إحتكار التفاوض بتغييب الرئيس وتعطيل إنتخابه
سيّد بكركي أطلق صرخته المدوية والمحقة، مستعيناً بالدستور وبالتذكير بالمطالب الشرعية، وبضرورة تنفيذ الاستحقاقات الدستورية، أبرزها انتخاب رئيس لأنّ تعطيل هذه العملية يهدف إلى تغييب رأس الدولة، والتفاوض باسم لبنان كما يحصل اليوم
كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:
“نتطلع إلى واقعنا المؤلم، حرب بالأسلحة الفتاكة، ضحايا ودمار لا يقدّر ثمنه، مليون ونصف مليون نازح من دون مأوى، وفوق ذلك دولة من دون رئيس منذ سنتين بشكل مقصود ومتعمّد، ومجلس نيابي فاقد لهيئته التشريعية، إذ أصبح هيئة ناخبة لا تنتخب منذ سنتين، ومجلس وزراء لتصريف الأعمال فاقد كامل الصلاحيات”.
هكذا استهل البطريرك الماروني بشارة الراعي عظته يوم الأحد الماضي، مع أسئلة في محلّها: “مَن يفاوض على وقف إطلاق النار؟ باسم مَن ولصالح مَن؟ هي أولى صلاحيات رئيس الجمهورية غير الموجود عن عمد، ما لم ينتخب المجلس النيابي رئيساً للجمهورية، لن يتمتّع مجلس النواب والحكومة بصلاحياتهما، ويبقى كل عملهما منقوصاً وغير ميثاقي”.
سيّد بكركي أطلق صرخته المدوية والمحقة، مستعيناً بالدستور وبالتذكير بالمطالب الشرعية، وبضرورة تنفيذ الاستحقاقات الدستورية، أبرزها انتخاب رئيس لأنّ تعطيل هذه العملية يهدف إلى تغييب رأس الدولة، والتفاوض باسم لبنان كما يحصل اليوم.
قالها البطريرك الماروني بالفم الملآن ووجّه إنتقاده إلى الثنائي الشيعي الذي يقرّر عن لبنان ويفاوض، مستبيحاً صلاحيات رئيس الجمهورية المغيّب بقرار وأسباب معروفة، فذكّر الراعي بطريقة غير مباشرة بالمطلوب، أي رئيس قادر على وقف النزاعات وشدّ أواصر الوحدة الداخلية، صاحب خيارات سيادية بعيداً عن الانتماءات الفئوية والحزبية، لا رئيساً يتبع سياسة خارجية تبعده عن ثوابت لبنان التاريخية.
إلى ذلك نقل مصدر كنسي لـ”هنا لبنان” هواجس البطريرك الراعي، التي تبرز في عظاته ومواقفه، لأنه خائف على مصير لبنان واللبنانيين بشكل عام، الذين يهاجرون بأعداد هائلة منذ أن تفاقمت الأزمة في العام 2019، كما يبدي مخاوفه على المركز المسيحي الأول في الدولة، لأنّ المجهول يطوّقه وقد لا نعرف مصيره في حال طال الفراغ الرئاسي لسنوات، لذا يكرّر يومياً ضرورة إنتخاب رئيس وسطي قادر على جمع الأفرقاء السياسيين، للقيام بما فيه مصلحة لبنان عموماً.
وقال: “البطريرك مستاء جداً لأن لا أحد يسمع نداءاته ومطالباته المستمرة بالإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، وسط الظروف الصعبة التي نعيشها والتي لا تحتمل كل هذا، فالخوف كبير جداً على لبنان الذي أُقحم في حرب من دون قرار صادر عن الدولة، ولا حتى إستشارتها، كما أنّ إحتكار التفاوض لا يجوز بغياب الرئيس لأنه المخوّل بذلك”، مشدّداً على ضرورة أن تتفق المراجع والأحزاب المسيحية وتوحّد كلمتها، لا أن تكتفي بإصدار البيانات والكلام المعسول، لأنّ كل هذا لا يفيد، خصوصاً من ناحية الاتفاق على اسم الرئيس المرتقب، وعدم ترك هذه المهمة لفريق معيّن، رافضاً ما نشهده منذ فترة طويلة من إقفال للمجلس النيابي في وجه هذا الإستحقاق، مذكّراً بأسئلة سيّد بكركي عن الميثاقية في ظل غياب رئيس الجمهورية، لذا نصرّ على دعوة النواب إلى عقد جلسات متتالية لإنتخاب الرئيس، أما القول أنّ انتخابه ينطلق من الاتفاق على اسمه فهذا غير دستوري.
وأعرب المصدر الكنسي عن أمله في أن يعي المسؤولون خطورة الأوضاع والانزلاقات التي تسود البلد وشعبه يومياً، وشددّ على ضرورة تضامن كل المسؤولين وتناسي خلافاتهم لأن لبنان يحتضر، مؤكداً أنّ بكركي باقية على وعودها وجهودها عبر الفعل لا القول، والبطريرك الراعي مستمر في مناشدته كبار المسؤولين الدولييّن لمساعدة لبنان، وعلى الجميع التعاون من أجل إسترجاع الوطن لأنه يتهاوى يوماً بعد يوم، فالجمهورية في خطر كبير وعلى كل المستويات، إزاء ما يحصل في البلد من سقوط ضحايا جرّاء الحرب المدمرّة والخراب، مشدداً على ضرورة أن تكون صرخة الراعي هذه المرة نداءً أخيراً لمواجهة كل ما يهدّد لبنان، الذي يمّر في أسوأ مراحله، إذ لم نشهد مثيلاً لما نعيشه اليوم.
وشدّد المصدر على ضرورة العمل على تقوية القرار اللبناني، والوقوف إلى جانب بكركي لإنقاذ لبنان، وفتح كل الدروب المقفلة بدءاً من وساطات مسيحية وإسلامية مشتركة للوصول إلى حلول، وأشار إلى أنّ الراعي يلقى تشجيعاً من المجتمع الدولي، فيما يهاجمه البعض لأنه يتدخل في السياسة، على الرغم من أنّ هدفه معروف وهو انتشال لبنان من هذا الجحيم.