انتهى

لعل من إيجابيات ما انتهت إليه حرب المشاغلة فضّ الالتحام بين مشروعي الفرس والإسرائيليين على أرض لبنان، من دون أن نحسم باستمرار ذيولها ما بعد بعد الليطاني شمالاً، حتى يكاد المغرض يقول إنّ هدفها كان في الأساس لحماية إسرائيل، ورمي بذور الفتنة إلى شمال الليطاني
كتب راشد فايد لـ”هنا لبنان”:
انتهى زمن “الإسناد والمشاغلة” إلى اسناد رعاية الهدنة المستجدة إلى “الشيطان الأكبر”، نفسه الذي لم يمر تصريح أو خطاب لمفوهي الحزب المسلح من دون التمثيل بجثته السياسية واتهامه بدعم الشيطان الأصغر، من دون أن يرف جفن لمن يرجو وساطته اليوم لوقف الحرب التي غيبت غزة عن اهتمام العالم، وحرفت الإنتباه عن مجازر العدو الإسرائيلي على أرضها، بعد تدمير معالم الحياة فيها، وإزهاق أرواح أطفالها. أما العنوان الآخر، وهو المشاغلة، فيبدو أن توقيته آتٍ لا محالة لكن غير مستعجل، ومن أبرز إشاراته إخلاء شمالي نهر الليطاني، من كل سلاح ليتصارع المشروعان الصهيوني والفارسي على النفوذ المباشر في لبنان، من وراء شاشات كثيرة لن يعدم المخططون إيجادها، وتركيبها، فيما الحرب، متعددة الهويات التي عاشتها سنين السبعينات الفائتة ، وما تبعها، لما تزل أثلامها نابضة تطل عند كل تعرج في السلم الأهلي، يفضح تناتش جبنة السلطة، ومكاسب الطوائف وأربابها.
كيف لا، والصورة الجلية، من بعد إتمام الوسيط الأميركي الإسرائيلي مهمته، تظهر لبنان كلبنانين: واحد محدد جغرافيا له أن يحمل السلاح، أي سلاح ويمتد من شمال الليطاني إلى ما بعد العبودية، والآخر، على ما يفترض، خارجه، ممنوع عليه السلاح، أو حتى شبهة حمله، وكأن ذلك كان غاية الإسناد والمشاغلة الشهيرين.
لعل من ايجابيات ما انتهت إليه حرب المشاغلة فض الالتحام بين مشروعي الفرس والصهاينة على أرض لبنان، من دون أن نحسم باستمرار ذيولها ما بعد بعد الليطاني شمالا، حتى يكاد المغرض يقول إن هدفها كان في الأساس لحماية اسرائيل، ورمي بذور الفتنة الى شمال الليطاني.
ليس في ذلك دعوة الى تعميم نشر السلاح، بل إلى فرض منعه على الجميع، بغض النظر عن الحجج المضادة، وهذه قاعدة وطنية لدى الشعوب التي تريد أن تبني دولها، وأن تأخذ مكانتها بوحدة أبنائها، ووحدة قرارها.
إنه تقسيم جيو سياسي من نوع جديد، برعاية واشنطن وباريس(؟؟) وتل أبيب، فهناك لبنان شمال الليطاني، ولبنان جنوب الليطاني ويبدو الحزب الأكثر تمسكا به، بدليل بيان حملته وسائل إعلام محسوبة عليه يدعوالبيئة الحاضنة إياها، أمس، إلى التزام الهدنة الجديدة، “وعدم استفزاز جنود جيش العدو الرابض على الصدور والتراب والرقاب”، مهددا إياهم أن “يقعدوا عاقلين”.(المرجع “شبكة المهتدي”).
نظريا، يبعد الاتفاق مسلحي الحزب إلى شمال الليطاني، والى مناطق لا تنطبق عليها مواصفات “البيئة الحاضنة”، خصوصا أن الحلول الاجتماعية الموقتة غير مؤهلة للديمومة، وأن التسامح الاجتماعي لا يمكن أن يكون أبديا، وعلى ما يقول المثل اللبناني: “الفقر يولد النقر”، فإذا لم تعتمد آلية جدية لمعالجة نتائج الاتفاق، فأبشر، على قول ألعرب.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() إسرائيل الوالي الجديد | ![]() سجون عناوين | ![]() أعجوبة إلهية |