“27 تشرين الثاني”.. يوم مجيد: ثلاثية سقطت وثنائية “جيش وشعب” ترسخت!

“الحزب” اليوم لن يستطيع أن يبتزّ عواطفنا، ومعادلاته لم تعد تعنينا، وبياناتنا الوزارية لن يكون بها ما يشرّع أيّ ميليشيا. لبنان اليوم هو لبنان “السلاح الواحد”، ولا صوت سيعلو على صوت الدولة وصوت العسكر في الميدان!
كتبت نسرين مرعب لـ”هنا لبنان”:
72 ساعة، هو الوقت الذي احتاجه الشيخ نعيم قاسم، كي يصل إلى النسخة الأخيرة من خطاب “النصر”، ولا نعلم كم كتب، وكم مزّق من الأوراق، قبل أن يصل إلى تصنيف ما سمّاه بأنّه انتصار أكبر وأعظم من انتصار تموز 2006!
والساخر، أنّ نعيم قاسم وهو يمهّد لإعلان النصر، قد اتسم بالجديّة، فعندما قال أنّه سيعلن أمراً ما بشكل رسمي، ظننّا أنّه ربما سيعلن حلّ حزب الله كتنظيم عسكري، أو ربما سيعلن الالتزام بالـ1701 وتسليم السلاح! أو ربما سيقدّم اعتذاراً “خفيفاً” لكل الضحايا ولأهالي الشهداء وأصحاب البيوت المدمرة!
ولكن لا، اختار نعيم قاسم أن يطلّ علينا، وخلفه صورة للسيد حسن نصرالله وهو يبتسم، كأنّه يريد أن يقول لنا أنّ خطاب النصر هو ما يريده السيد الشهيد، وأن يذكّر البيئة بالتضحية التي يعتبرها الحزب الأعظم، وهي استشهاد الأمين العام، فأتت ابتسامة نصرالله مع كلمة “النصر”، في سياق مشهدي “متقن”!
وبعيداً، عن كلمة نعيم قاسم، والتي لا نعلم حتى تاريخه سبب تأخرها لـ72 ساعة، ولا سبب غيابه عن المشهد منذ بدايته، كما لا نعلم إن كان هو حقاً أمين عام حزب الله أم صورة “أمين” لجهة أخرى تدير الحزب كما تشاء، واختارت قاسم كي يكون في المشهد ليس إلّا، سيّما وأنّ قاسم ليس مقبولاً ضمن البيئة الشيعية، والارتضاء به اليوم هو “على مضض”، يبقى السؤال عن المضمون والتوقيت والذي اختير بدقة إفساحاً لتهدئة النفوس!
وهنا، لا تخفى محاولة البعض ممن يدورون في فلك حزب الله، والثنائي الشيعي بشكل عام، اللعب على وتر الوطنية والعواطف، إذ يجتهد هؤلاء في الإطلالات الإعلامية المكثفة مؤخراً على نفي وجود أيّ خلاف بين المقاومة والجيش والتأكيد على أنّ هناك نقاشاً وتقاطعاً وتنسيقاً، وأنّ الحزب يرحّب بالجيش جنوباً وسيكون في “خدمته”!
هذا الكلام إن أخذناه بمعناه الحرفي، فيجب أن يترجم بفعل واحد، وهو تسليم السلاح، والخضوع التام لمنطق الدولة، وطي صفحة الدويلة والمربعات الأمنية.
ولكن إن وضعناه في سياق “التقية” التي اعتاد الحزب على ممارستها، فإنّ هذا “العشق” الذي ظهر فجأة للجيش وللدولة وللقوانين وللدستور، والذي وصل إلى حدّ المشاركة في جلسة التمديد لقائد الجيش والتصويت على القانون، قد لا يكون إلّا نوعاً من التحايل، واستدراج عواطف المواطنين، كي يتحفونا مجدداً بمعادلة شعب جيش مقاومة! فيقولون المقاومة هي الشعب، والجيش هو الشعب، ويسألوننا، ما ضرر هذه الثلاثية ولمَ قد نعترض عليها!
غير أنّ هذه “التقية”، فقدت اليوم سحرها! ولم يعد بإمكان الحزب أن يخدعنا، فـ7 أيار التي تلت حرب تموز ما زالت راسخة، ويومهم الذي سمي حينها بمجيد لم يمحَ من الذاكرة!
ولأنّ الأيام المجيدة “تدور”، ها نحن أمام يوم مجيد ثانٍ، يوم مجيد لكل اللبنانيين”، وهو يوم 27 تشرين الثاني، اليوم الذي انتقل به الجيش إلى الجنوب كي يكون هو الصوت الواحد والسلطة الوحيدة، والكلمة الأخيرة!
اليوم الذي ترسخت فيها ثنائية واحدة، هي ثنائية “جيش وشعب”!
اليوم، الذي وضع فيه حزب الله أمام المحاسبة والمساءلة، وقيل له: “لو من زمان طبقت الـ1701.. شو كنت وفرت دم ودمار”!
حزب الله اليوم لن يستطيع أن يبتز عواطفنا، ومعادلاته لم تعد تعنينا، وبياناتنا الوزارية لن يكون بها ما يشرّع أيّ ميليشيا.
لبنان اليوم هو لبنان “السلاح الواحد”، ولا صوت سيعلو على صوت الدولة وصوت العسكر في الميدان!
لبنان اليوم، لن يكون رهينة، وعلى من يهمه الأمر، أن يعي أنّ استبدال الثلاثية الخشبية بحق لبنان بالدفاع عن النفس استناداً لاتفاق وقف إطلاق النار، يعني أنّ ترجمة الدفاع ستكون أيضاً مرتبطة بالاتفاق نفسه، وهنا لن يخرج لنا “أرنب” الرئيس نبيه برّي مرة أخرى، فالورق واضح ومن يحق له حمل السلاح أشير إليه بشكل واضح، ومن عليه أن يسلم السلاح أيضاَ ذكر بشكل واضح!
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() تحذير إسرائيلي.. “وعاد الكابوس المرعب”: شكراً للحزب!! | ![]() مواجهة “العنف” بـ”العنف”… “كفى” تستخدم الدعاية الإسرائيلية للتّرويج! | ![]() “غزة”.. يا ليته كان انتصاراً! |