الأشغال الشاقة لصاحبة الحضانة والمربية وعاملة التنظيف.. القضاء يقول كلمته في جريمة تعذيب الأطفال الرضّع
كشفت قضية حضانة Garderêve عن واحدة من أبشع صور الإهمال والوحشية، إذ تحوّل المكان الذي يفترض أن يكون ملاذًا آمنًا للأطفال الرضّع، إلى مسرح لتعذيبهم. واليوم ساهم القضاء اللبناني بإنصافهم عبر إصدار حكمٍ يحمّل المسؤولين عن هذه الجريمة عقابًا يُوازي أفعالهم الشنيعة
كتب يوسف دياب لـ”هنا لبنان”:
بعد عامٍ ونيّف على تفجير فضيحة تعذيب الأطفال داخل حضانة Garderêve في جديدة المتن التي هزّت الرأي العام اللبناني، قال القضاء اللبناني كلمته في القضيّة وأنصف أطفالاً أنقذتهم العناية الإلهية، بعد معاناة طويلة مع مربية فقدت أدنى مقومات الرحمة والإنسانية، ظهرت في صورٍ وزعت عبر وسائل التواصل الاجتماعي تعنّف أطفالاً رضّع أعمارهم ما دون السنة الواحدة، وتضربهم بقساوة وتجبرهم على تناول وجباتهم وتدخل الطعام بأفواههم بالقوة، فيما كانت صاحبة الحضانة تقف متفرّجة وضاحكة للأفعال الجرمية التي ارتكبتها الموظفة لديها بدل ردعها عن ذلك، وعاملة النظافة كانت تقوم بالتصوير وتوثيق المشاهد دون الإبلاغ عن هذه الأفعال الجرمية.
محكمة جنايات جبل لبنان برئاسة القاضي ربيع الحسامي وعضوية المستشارتين إنياس معتوق وسارة بريج، أصدرت حكمها بالأكثرية، واعتبرت أنّ أفعال المدعى عليهم تنطبق على جناية “القصد الاحتمالي” لجريمة القتل، وأنزلت عقوبة السجن مع الأشغال الشاقة مدّة أربع سنوات بحقّ المربية دجيني الحلو، وثلاث سنوات بحق عاملة النظافة جومانا أبو سعيد التي قامت بتصوير حالات التعذيب بالخفاء وهي التي أرسلت المقاطع المصورة، وثلاث سنوات بحق مالكة الحضانة طوني مهنّا، وتجريدهم من حقوقهم المدنية، فيما خالف رئيس المحكمة القاضي ربيع الحسامي الوصف الجرمي للقضية، معتبراً أنه “لا وجود لما يسمّى القصد الاحتمالي للقتل”.
واستندت المحكمة في قرارها إلى إفادات المدعى عليهم في مراحل التحقيق الأولي ثمّ أمام قاضية التحقيق في جبل لبنان ولدى الهيئة الاتهامية وأخيراً أمام هيئة محكمة الجنايات، وإلى الأدلة المتوفرة في الملفّ وأهمها 24 تسجيلاً صوتياً ومصوّراً سجّلتها جومانا أبو سعيد من ضمنها تسجيلات تمتدّ على 5 أشهر قبل الكشف عن العملية، وأظهر أحد التسجيلات دجيني وهي تُطعم رضيعة بالقوة، وتمارس عليها العنف بدفع الطعام إلى فمها بالقوة وضربها على وجهها من دون أن تأبه لصراخها، ويكشف فيديو آخر سُمعت فيه جومانا تقول لأحد الأطفال “يلي أكلّك الشوكولا هلق بدي خلّي دجيني تعيّط عليه وتضربه”. وفي تسجيل صوتي يُسمع فيه صوت دجيني وهي تطعم أحد الأطفال بطريقة عنيفة وتقول له “افتح تمّك، عم قلّك افتحو منيح” ليُسمع صوت طوني مهنّا (صاحبة الحضانة) تقول: دجيني، يلي بدو ما ياكل ما ياكل، يلّا جومانا تعي”. وعززت المحكمة أدلتها أيضاً بعدد من المقاطع المصوّرة تظهر فيها دجيني وهي تُطعم الأطفال عبر حشر الطعام في فمهم وضربهم في الوقت نفسه وتعريضهم للاختناق.
وشددت حيثيات الحكم على أنّ “لجوء دجيني إلى العنف وضرب الأطفال على رؤوسهم خلال إطعامهم تخالف أصول رعاية الأطفال وتعرّضهم للاختناق، عدا عن تعنيفهم أثناء تغيير حفاضاتهم وأنّها بذلك عرّضت حياة الأطفال للخطر”. ولفتت إلى أنّ “إقدام موظفة التنظيف جومانا أبو سعيد على تصوير مقاطع التسجيلات المصورة والصوتية على مدى قرابة خمسة أشهر، يثبت أنها كانت على علم بكلّ ما يتعرّض له الأطفال لا سيما الرضّع منهم، وامتنعت عن إغاثتهم أو نجدتهم على الرغم من تيقّنها لخطورة الأفعال وتعريض حياة الأطفال للخطر نتيجة لأفعال زميلتها، لا بل إنها شددت أحياناً من عزيمة دجيني على القيام بفعلها الجرمي إذ سمعت في أحد التسجيلات وهي تقول لها أثناء تعرّض طفلة للضرب “هيدي ما بتفهم إلّا بالضرب”. أما في ما خصّ صاحبة الحضانة طوني مهنّا، فإنها أهملت توظيف ممرضة ولم تفعّل كاميرات المراقبة في الحضانة رغم غيابها عنها لساعات يومياً تاركة الأطفال بعهدة جومانا ودجيني غير المؤهلتين للاعتناء بهم. إضافة إلى علمها بأفعال دجيني، وبالخطورة على حياة الأطفال خاصّة لناحية احتمال اختناقهم، وهذا يدلّ على أنها كانت راضية بالمخاطرة بحياة الأطفال، ما سهّل على دجيني ممارسة أفعالها الجرمية، وتكون بذلك متدخلة في هذه الجرائم.
مواضيع مماثلة للكاتب:
ملفّ المرفأ يتحرّك.. انتظروا المفاجآت | سجناء أنصفتهم الحرب! | توقيف “عميل” زوّد “الموساد” بمعلومات عن “الحزب” |