أعجوبة إلهية
يأمل اللبنانيون أن يكون حظهم مع موعد انتخاب رئيس الجمهورية المنتظر منذ أكثر من سنتين أكثر جدية، وأكثر حسماً من ملف وقف إطلاق النار الغامض في تطبيقه، وأن يهتدوا أخيراً إلى اختيار الرئيس الـ 14 لدولة لبنان الكبير. لكن هل هم من سيختار هذا الرئيس؟
كتب راشد فايد لـ”هنا لبنان”:
لم يتأخر اتفاق وقف إطلاق النار الجديد في إعلان هشاشته، وكونه، نسخة منقحة ومزيدة مما عرف بـ”قواعد الاشتباك” التي فاخر الحزب المسلح بـ”إنجازها” وتسللت إلى الحياة العامة بفضله، بصفتها مكسباً وطنياً يحمي لبنان، وهو ما لم ينعكس في الميدان على مدى عام ونيف، بدليل ما أغدقته على اللبنانيين حرب “المساندة والمشاغلة” من دمار وتشريد وإذلال. وبدليل رد الحزب الخروقات من دون أن يخرق القرار ١٧٠١، وهو ما برره خبير عسكري بأنه “رد تحذيري على كل الخروقات الخطيرة التي نفذتها إسرائيل منذ بدء سريان مفعول إتفاق وقف إطلاق النار”.
من سمع هذا التوصيف ، تخيل أنّ الرد كان مؤلما، لكن المحاضر، عبر شاشة التلفزيون، “فاجع” المشاهدين بأنّ الرد جاء في منطقة مزارع شبعا أي منطقة لا تخضع للقرار 1701 فيكون الحزب، في رأيه، قد رد على خروقات إسرائيل من دون أن يخرق وثيقة الهدنة الجديدة.
هي واقعة وليست أحجية، وربما هي أعجوبة إلهية جديدة، ترسم قواعد اشتباك جديدة، وهذا تفاؤل من الحزب المعني، وداعمه الإيراني، فيما التجاذبات وراء الستار تطبخ ما يخالف سير النقاشات العلنية، والسرية، الراهنة، وتشي الخروقات (فوق الـ 60)، منذ سريان التهدئة، بأنّ الأرضية قد تٌحضّر للحرب المقبلة، ويؤشر إليها كلام الرئيس الأميركي العائد إلى البيت الأبيض، دونالد ترامب، عل حق إسرائيل المكفول بنص الهدنة الجديدة، في تأمين الدفاع عن نفسها والرد على أي تهديد تستشعره من لبنان وفي أي مدى شمال الليطاني، ما يسخف، سلفاً، كل كلام على رد متناسق ممكن على أي خرق ترتكبه. فلا تناسق بين الخروقات الإسرائيلية والردود الخجولة في مزارع شبعا، ولا مقارنة بين الدمار والجثامين وبين قصف خلبي في الهواء الطلق، بما يشبه “مسرحة” للاشتباك، تجعل الإسرائيلي طليق اليد في كل لبنان، بينما لبنان مقيد بنص وقف الحرب من دون أن يملك ضمانات تحميه سوى الإدانات لإسرائيل “تتبرع” بها الدول الصديقة من باب اللياقات الدولية، فيما تتبرع أميركا وأوروبا بالسلاح الحديث والمتقدم لتل أبيب.
يأمل اللبنانيون أن يكون حظهم مع موعد انتخاب رئيس الجمهورية المنتظر منذ أكثر من سنتين أكثر جدية وحسماً من ملف وقف إطلاق النار الغامض في تطبيقه، وأن يهتدوا أخيراً إلى اختيار الرئيس الـ 14 لدولة لبنان الكبير. لكن هل هم من سيختار هذا الرئيس؟
يقول تاريخ رئاسة الجمهورية أنّ كل من تولاها كان نتاج طبخة دولية – إقليمية تصل إلى القرار المحلي في مجلس النواب جاهزة معلبة قابلة للتطبيق، وفق التعليمات المجمع عليها بعيداً عن الأنظار، إلا ما يسمح برؤيته.
المختلف اليوم أنّ التدخلات الدولية لوصول رئيس إلى بعبدا أوضح من أن تمارى، وستكون المرة الأولى التي لا يستطيع فيها اللبنانيون التكاذب وادعاء أنّ الرئيس صناعة لبنانية لا مئة في المئة، ولا بأي نسبة لافتة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
انتهى | الجرموز | من سيسرق المليار؟ |