“ورش الترميم” بعد الحرب.. الألمنيوم كالذهب و”الزبائن بالدور”


خاص 6 كانون الأول, 2024

مع بدء عمليات الترميم في المناطق المتضررة من الغارات الإسرائيلية، ارتفعت أسعار مواد البناء مثل الألمنيوم والزجاج بشكل كبير رغم جهود الحكومة لضبط الأسعار، ما جعل إعادة إعمار المنازل أمرًا صعبًا بالنسبة للكثير من المتضررين، في حين استفاد تجار هذه المواد من ارتفاع الطلب عليها

كتب سمر يموت لـ”هنا لبنان”:

وكأنّ المشهد عينه يتكرّر في كلّ مرة.. كلّما انتهت حربٌ أو وقع انفجارٌ.. وكأنّ الشريط يُعيد نفسه من حرب تموز 2006، مروراً بانفجار 4 آب 2020، وصولاً الى حرب الشهرين الأخيرة 2024. زجاجٌ متناثرُ وركامٌ مبعثرٌ في كلّ منطقة دُمّرت كليّاً أو بُترت جدرانها جراء القصف الإسرائيلي. وبعد مرور أكثر من أسبوع على وقف إطلاق النار، انطلقت “ورش الإعمار الصغرى” في كافة المناطق المتضررة من الغارات الإسرائيلية، في الضاحية الجنوبية والجنوب والبقاع وغيرها من المناطق.

هنا في شارع اسعد الأسعد في الشياح، حيث منزل آل المعوشي، عادت أسرة لمى الى بيتها المدمّر نصفه، ورغم هول المكان والأضرار البالغة التي لحقت بمنزل أهلها وبالأبنية المجاورة، أصلحت العائلة غرفة واحدة “بسبب التكاليف الباهظة التي يتطلبها إصلاح كلّ ما تمّ تدميره من زجاج وألمنيوم وجدران، ناهيك عن الخسائر في أثاث البيت”، هذا ما تؤكده لمى مشيرة إلى “أن باقي واجهات البيت لففناها بـ”المشمع” (لفات من النايلون) ريثما تمكننا الظروف المادية من إكمال الباقي، فواجهة البيت المقدرة بخمسة أمتار كلفتها نحو ٤ آلاف وخمسمئة دولار”.

لا يُخفى على أحد أنّ تجار الألمنيوم والزجاج  والإسمنت وسواها من المواد الأساسية المستخدمة في ترميم أي شقة، هم أول المستفيدين من أي عدوان يحصل، ويُشبّه أحد سكان الضاحية ما يجري بـ “السوق السوداء” و”الشاطر بشطارته”، لأنّ “الأسعار ارتفعت كثيراً فمتر الألمنيوم تضاعف سعره والزجاج ارتفع بين ثلاثين وأربعين بالمئة ، فإما أن نفاوض على السعر ونستفيد من بعض الحسومات على الأسعار وإن اعترضنا على الغلاء فالزبون الآخر “ناطر بالدور وما تضيعولي وقتي” هكذا يكون جواب معلّم الألمنيوم”.

تشير أرقام تقرير معهد باسل فليحان المالي والاقتصاد المستندة إلى تقارير البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إلى أنّ الدمار الذي لحق بالبنية التحتية اللبنانية يُقدر بحوالي 8.5 مليار دولار وهو لم يقتصر على الجسور والطرق، بل امتد ليشمل أكثر من 100 ألف منزل تعرضت للهدم أو الأضرار الجسيمة، مما ترتب عليه خسائر بلغت 3.4 مليار دولار.
هذه الأرقام فتحت شهوة تجار الألمنيوم ومواد البناء، للتحكم بأسعار السوق بعد تدفق المتضررين إليهم بغية إعادة ترميم منازلهم أو محلاتهم أو مكاتبهم.

ورغم أن مصلحة الاقتصاد باشرت جولاتها في المناطق على التجار لضبط الأسعار ومنع الاحتكار وشددت على بيع الزجاج والألمنيوم بسعرها الطبيعي، إلا أن زيادة الطلب على تلك المواد رفعت سعرها بشكل ملحوظ، هذا ما أشار إليه “عماد.ن” أحد تجار الألمنيوم الذي ذكّر بارتفاع الأسعار الذي حصل بعد حرب تموز وبعد انفجار المرفأ وهو ما يحصل اليوم فطن الألمنيوم يرتفع يوميّا نحو 200 دولار، وهو ما أكّد عليه “معلّم ألمنيوم” مقرّاً بأنّ السعر يختلف يوماً بعد يوم كلّما زاد الطلب وأنهم يتبلغون بالزيادات بشكل يومي.

“ناديا.ز” إحدى القاطنات في منطقة النبطية والتي تضررت واجهة منزلها من جراء القصف وبعض غرفه، وصفت ما يحصل في سوق الألمنيوم بالجنون وقالت: “بتنا نشعر وكأننا نشتري ذهباً وربما الذهب سهل المنال أكثر من الألمنيوم. الأسعار خيالية ولا قدرة لنا لتصليح كلّ أرجاء البيت، في حين أن من يملك المال لا ينتظر أحداً لمساعدته ويبدأ بالترميم دون منّة من أحد”.

في المقلب الآخر يترقب العديد من المتضررين انتهاء فترة الستين يوماً قبل أن يبدأ بإعادة ترميم منزله، خاصة بعد أن عادت طائرات الاستطلاع الى بيروت مؤخراً، في حين تنتظر نسبة كبيرة منهم انتهاء الإحصاءات وعمليات المسح التي تقوم بها مؤسسة جهاد البناء والجمعيات الأخرى المعنية بإعادة الإعمار والتي بدأت عملها الميداني وخيّرت السكان بين ثلاثة حلول وفق ما أكده لنا أحد سكان ضاحية بيروت الجنوبية: “إما أن تتولى هي (المؤسسة) إصلاح البيوت التي تضرّرت، أو أن يقوم صاحب البيت بتصليحه ويحتفظ بالفواتير التي دفعها ليتم تسديد قيمتها له لاحقاً، أو قبض كلفة التصليح نقداً، أما بالنسبة للوحدات المدمرة كليّاً فسيتم دفع إيواء مبلغ متعلّق بالأثاث والإيجار لمدة سنة ريثما يتم الإعمار”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us