بوالص الحرب في لبنان: التأثيرات والآثار بعد وقف إطلاق النار
أسعار بوالص التأمين إنخفضت بعد قرار وقف إطلاق النار بين الحزب وإسرائيل بنسبة 10% فقط على إعتبار أنّ المخاطر لا تزال محتملة ولم تنتهِ بشكل نهائي
كتب أنطوان سعادة لـ”هنا لبنان”:
تُعد بوالص التأمين على الحرب من أحد الأدوات المهمة التي يستخدمها الأفراد والشركات في لبنان لتغطية المخاطر الناجمة عن النزاعات المسلحة. وفي وقت يشهد فيه لبنان بين الحين والآخر اشتباكات عسكرية أو تهديدات حرب، تعتبر هذه البوالص وسيلة أساسية للحماية ضد الأضرار التي قد تنتج عن التصعيد العسكري، مثل تدمير الممتلكات، أو الأضرار البشرية، أو تعطيل الأعمال التجارية. ولكن، ماذا يحدث لهذه البوالص بعد حدوث وقف لإطلاق النار؟ وهل تشهد أسعارها انخفاضًا بعد هدوء الصراعات؟
ما هي بوالص التأمين على الحرب؟
بوالص التأمين على الحرب هي وثائق تأمين خاصة تُقدم للمؤسسات والأفراد الذين يواجهون مخاطر نتيجة نزاع مسلح أو حرب. قد تغطي هذه البوالص أضرار الممتلكات، وفقدان الأرواح، والأضرار الجسدية، أو حتى خسائر الأعمال التي قد تنجم عن تدمير المنشآت أو تعطيل الأنشطة التجارية بسبب الحرب.
في وقت الأزمات والحروب، تشهد أسعار بوالص التأمين على الحرب ارتفاعًا ملحوظًا. يُعزى ذلك إلى المخاطر العالية التي تواجه شركات التأمين أثناء النزاعات المسلحة، إذ يُعد تقديم هذه التغطية مكلفًا جدًا. في لبنان، حيث يتعرض البلد لمخاطر الحروب أو التصعيد العسكري، تشهد شركات التأمين تعديلًا دوريًا في أسعار البوالص بناءً على تطور الأوضاع الأمنية.
عند وقوع حرب أو تصعيد أمني، تتحمل شركات التأمين مخاطر كبيرة من حيث تعويض الأضرار. لذا، يتم زيادة الأقساط بشكل ملحوظ لتغطية هذه المخاطر، ما يجعل التأمين على الحرب من أغلى أنواع التأمين في مثل هذه الأوقات. الشركات التي تعمل في هذا المجال تعتمد على التقييمات الأمنية الدقيقة، التي تشمل تحليلات للوضع السياسي والعسكري في المنطقة لتحديد الأسعار.
وفي هذا الإطار، أوضح رئيس جمعية شركات الضمان أسعد ميرزا لـ”هنا لبنان” أنّ أسعار التأمين لم ترتفع إنما بوالص تغطية الحرب هي التي ارتفعت ولكنها إنخفضت بعد قرار وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل بنسبة 10% فقط على إعتبار أنّ المخاطر لا تزال محتملة ولم تنتهِ بشكل نهائي وطبعاً في حال إستمر هذا الاستقرار الأمني فحكماً ستشهد الأسعار المزيد من الإنخفاض أي بنسبة 50% تقريباً. أضاف ميرزا أنّ الشركات والمصانع التي أمّنت ضد الحرب عددها قليل ومعظمها في البقاع.
وعن نسبة الزيادة التي طرأت على بوالص الشحن في ما خص تغطية الحرب، أجاب ميرزا أنّ شركات التأمين كانت تضع التسعيرة كل يوم بيومه استناداً إلى الأوضاع وقد تراوحت الزيادة في الفترة الأخيرة ما بين 2 و 2.5%، إنما اليوم وبعد توقف إطلاق النار إنخفضت هذه البوالص إلى نسبة 1.5%، وهي في جميع الأحوال لم تؤثر على أسعار السلع في السوق، لأنّ ما ارتفع هو الكلفة على الشحن، لا سيما بعد التعديات التي حصلت على بواخر الشحن التي كانت تمر عبر البحر الأحمر.
التأثير المباشر لوقف إطلاق النار على أسعار بوالص التأمين على الحرب
بعد إعلان توقف الأعمال العسكرية، قد تحدث بعض التعديلات في الأسعار، والتي تتفاوت بناءً على عدة عوامل رئيسية.
1. التقليل من المخاطر: مع انتهاء النزاع أو وقف إطلاق النار، تنخفض المخاطر المتعلقة بالخسائر الناتجة عن الأعمال العدائية. إذا كانت الظروف الأمنية تشير إلى تحسن أو استقرار، فإنّ شركات التأمين قد تقوم بتعديل أسعار بوالص الحرب لتكون أكثر توافقًا مع الوضع الجديد، وبالتالي قد تنخفض الأسعار.
2. التوقعات المستقبلية للحرب: على الرغم من أنّ الأعمال العسكرية قد تتوقف مؤقتًا، فإنّ شركات التأمين غالبًا ما تظل حذرة. في لبنان، حيث الصراعات السياسية والعسكرية قد تتجدد بسرعة، فإنّ بعض الشركات قد تبقي الأسعار مرتفعة، أو تقوم بتخفيضها بشكل تدريجي فقط، استنادًا إلى التوقعات بأنّ الأعمال العدائية قد تستأنف في المستقبل.
3. التوازن بين العرض والطلب: في فترات التوقف عن الحرب، يمكن أن يقل الطلب على بوالص التأمين على الحرب، حيث يخفف بعض الأفراد والشركات من حاجتهم إلى هذه التغطية، وذلك لأن المخاطر العسكرية قد تبدو منخفضة. مع انخفاض الطلب، قد تقوم شركات التأمين بتخفيض الأسعار لجذب عملاء جدد.
بوالص التأمين على الحرب في لبنان هي أداة حيوية للمؤسسات والأفراد في مواجهة مخاطر النزاعات المسلحة. بعد فترة من وقف إطلاق النار، قد تشهد الأسعار تراجعًا في حالة استقرار الوضع الأمني، إلا أنّ المخاطر المستقبلية قد تحافظ على الأسعار مرتفعة. ويظل التأمين في لبنان من أكثر الأنواع المعقدة، ويتطلب تقييمًا دقيقًا للأوضاع الأمنية والاقتصادية بشكل مستمر.
مواضيع مماثلة للكاتب:
هل يشجع انخفاض سعر الدولار على تخزين الليرة اللبنانية؟ | قانون قيصر: تداعياته على سوريا وآثاره المحتملة على اقتصاد لبنان ما بعد الأسد | اقتصاد “ما بعد الحرب”.. ما هي السيناريوهات المتوقعة؟ |