سقوط الأسد يقصم ظهر “الحزب”
تغيّرت نبرة الشيخ نعيم قاسم فجأة، لماذا؟ هل لأنّ الضغط والاستفزاز الإسرائيلي مستمرّ رغم الاتفاق؟ أو لأنّ التطوّرات المفاجئة والمتسارعة في سوريا كانت تُنذر بدنوّ سقوط حليفه بشار الأسد، أم لأنّ إيران شعرت أنّ استراتيجيتها في المنطقة وتمدّد نفوذها مهدّدان بالانهيار، بدءاً من لبنان وانتقالاً الآن إلى سوريا؟
كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:
نعيم قاسم الذي تكلم قبل أيام غير نعيم قاسم الذي عُيّن قبل أربعين يوماً أميناً عاماً لـ”حزب الله” خلفاً لنصرالله. حاول قاسم أن ينتقل من موقع المواكب والمتلقّي عندما كان نائب الأمين العام لمدة ثلاثة وثلاثين سنة، عبر تغيير النبرة أوّلًا ثمّ المضمون ثانياً. الاختلاف بدا واضحاً في الشخصية والأسلوب، من قاسم “الأستاذ” إلى نصرالله “النجفي” ولو أنّ الاثنين انخرطا في العمل السياسي في حركة “أمل” قبل أن ينتقلا إلى المشاركة في تأسيس “حزب الله” كلٌّ من موقعه. في البداية استعمل قاسم المخاطبة بقراءة حذرة ومسجّلة محاولاً أن يُطمئن اللبنانيّين عبر انطلاقه من الثوابت معلناً الالتزام بـ”سقف اتفاق الطائف” واتّباع الأصول الدستورية في انتخاب رئيس للجمهورية، وكلّها مواقف لم تكن معهودة في قاموس الحزب السياسي، وتسليم الحليف نبيه بري مهمّة التفاوض بشأن وقف إطلاق النار. طبعاً الوضع لم يكن مريحاً، تسلّم المسؤولية على إثر اغتيال الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله وخليفته المحتمل السيد هاشم صفي الدين وخمسة قادة عسكريين وعشرات الكوادر.
وإذ بالنبرة والمضمون يتغيّران فجأة، فانتقل قاسم إلى “العنتريات” معلناً في كلمته الأخيرة أنّ “حزب الله” يعتبر اتفاق وقف إطلاق النار، الّذي وافق عليه كما هو في عام 2006 وكذلك اليوم من دون أن يعترض أو يطرح أيّ تحفظات، يشمل اليوم بالنسبة له فقط مسألة الانسحاب من جنوب الليطاني إلى شماله. لماذا؟ هل لأنّ الضغط والاستفزاز الإسرائيلي مستمر رغم الاتفاق، أو الأهم لأنّ التطوّرات المفاجئة والمتسارعة في سوريا كانت تُنذر بدنوّ سقوط حليفه بشار الأسد، أم لأنّ إيران شعرت أنّ استراتيجيتها في المنطقة وتمدّد نفوذها مهدّدان بالانهيار، بدءاً من لبنان وانتقالاً الآن إلى سوريا ثم لاحقاً إلى العراق بعد أن أصبح الوضع مأساوياً في غزّة. فها هي حركة “حماس” تعلن استعدادها القبول بأيّ اتّفاق هدنة. وقد أعلن قاسم خلال كلمته الأخيرة عن بدء صرف مبالغ من المال كناية عن ترضية لإعانة النازحين محاولاً رمي الحمل الأكبر على الدولة الّتي لا يثق بها والتي يتعدّى على دورها وصلاحيّاتها.
ما يقلق “حزب الله” هو بالتأكيد الضربات الموجعة التي مُني بها وتحديداً الخسائر البشرية التي قضت على قيادته السياسية والعسكرية، وعلى الأرجح كيفية العمل على تعويضها. ولكن هل نعيم قاسم هو من يريد هذا التّعويض أم أنّ أسياده في طهران الّذين أرعبتهم التطوّرات الخطيرة في سوريا والّتي جعلت مصير الأسد مجهولاً، إذ أنّ ما جرى ويجري في سوريا يعكس تلاقي مصالح متنوعة ومتضاربة يضرب بسيفها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يقود جماعته الحملة على الأسد تنفيذاً لرغبة الولايات المتحدة وروسيا الغارقة في أوكرانيا وإسرائيل التي يهمها قطع أذرع إيران العسكرية في المنطقة. لذلك، إنّ الأخطر بالنسبة لـ “حزب الله” هو أنّ إسرائيل تعمل على تضييق منافذ حركته العسكرية واللوجيستية للإسناد الإيراني عبر سوريا، فقد أعلن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي قبل أيام “ضرب نقل وسائل قتالية وبنى تحتية تم تثبيتها قرب الحدود بين سوريا ولبنان”. فيما يقوم المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين بوضع إصبعه على الجرح قائلاً: “لم نقضِ على حزب الله إلا أنّه لم يعد قادراً على مهاجمة إسرائيل أو دعم الأسد”. وكأنّه يردّ عن بعد على نعيم قاسم الّذي أعلن أنّه لن يقبل بسقوط الأسد!. غير أنّ مهمّة التّصدي لـ”حزب الله” ومنعه من إعادة تسليح نفسه أصبحت مهمة لبنانية، إذ باشر الجيش اللبناني نشر قواته على الحدود اللبنانية-السورية. فهل هذا يعني العودة إلى نقطة البداية؟ التحدّي مصيري بانتظار انتهاء مهلة الستّين يوماً.
مواضيع مماثلة للكاتب:
التحدّي ينتظر “الحزب” في نهاية الـ60 يومًا | إيران تفاوض.. فمن يوقع عن لبنان؟ | برّي يفاوض.. أين المعارضون؟! |