بالبيجاما ننتصر… بين الأسد وميشال عون!
ما بين 13 تشرين الأول 1990 و8 كانون الأول 2024، رحلة زعماء البيجاما بين قصر الشعب في لبنان وقصر المهاجرين في سوريا، وقصّة طويلة من الخراب والدمار والموت والانهيارات، التي لم تشبع شهية الرجلين للسلطة
كتب جوزف طوق لـ”هنا لبنان”:
هما اثنان، لا ثالث لهما، بشّار الأسد وميشال عون، اللذان تركا جيشهما وشعبهما يُقتل في الثكنات وعلى الطرقات، وهربا بالبيجاما ليلاً مهزومين، على عكس كثير من القادة العرب، الذين، بغض النظر عن رأينا بسياساتهم وجرائمهم، ما تركوا شعوبهم وصمدوا حتى الموت بين جيوشهم، مثل صدام حسين ومعمر القذافي وحسني مبارك وعلي عبد الله صالح.
وما بين 13 تشرين الأول 1990 و8 كانون الأول 2024، رحلة زعماء البيجاما بين قصر الشعب في لبنان وقصر المهاجرين في سوريا، وقصّة طويلة من الخراب والدمار والموت والانهيارات، التي لم تشبع شهية الرجلان للسلطة على دماء أقرب الناس إليهما وأبعد الخصوم عنهما.
ولماذا نتذكّر ميشال عون مع سقوط منظومة الأسد؟ لسبب واحد فقط، احتفالاً بتنصيب عون ملكاً على عرش الكذب السياسي اللبناني، بعد أن فضحت أعداد المحرّرين اللبنانيين من سجون الاعتقال في تدمر وصيدنايا والمزّة وحلب وعدرا وحماة، كم كذب هذا الرجل من أجل منفعته الخاصة، وكم تاجر الرجل بأرواح جنود وضباط الجيش اللبناني من أجل سلامته الشخصية، بدءاً من الذين تركهم في ساحة وزارة الدفاع عام 1990 ليُعدموا بدم بارد برصاص الأسد، مرورًا بكل الناشطين والموالين له الذين رفسهم من معادلاته كلّما بدّل رأيه وغيّر توجّهاته السياسية حتى وصل في النهاية إلى حضن الأسد، وصولاً إلى مئات اللبنانيين الذين أنكر وجودهم في السجون السورية مراراً وتكراراً حتى لا يزعج وليّ نعمته عندما تعمّد على يده في زيارته الشهيرة إلى دمشق عام 2009.
العتب هو على كل الطبقة السياسية في لبنان التي لم تنجز شيئاً في ملفّ المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية، ولكن حصّة ميشال عون من مشاعرنا هي ليست أقل من قرف وغضب واشمئزاز من الرجل الذي رمى نفسه في أحضان السوريين دون أن يسأل عن أبناء بلده المظلومين في أقبية المخابرات ومسالخ التعذيب. وكيف نعتب عليه وهو الذي ترك جنوده وباخرته عندما كان قبطاناً، وشعبه عندما كان “مسيحاً”، ووطنه عندما كان “مخلّصاً”، واختبأ في غرفة صغيرة داخل السفارة الفرنسية يتفرّج من نافذتها على نيران الأسد تحرق لبنان.
هل ما حصل في سوريا أخيراً هو انتصار أم هو هزيمة، وهل هو نهاية 50 عاماً من الاستبداد وبداية الفرج أم ولادة جحيم من نوع آخر؟ سنبقى في انتظار التطورات، ولكن الأهم من سوريا هو واقعنا نحن اللبنانيين وهزيمتنا على يد حكّام وزعماء كذّابين من طينة ميشال عون، الذين يستسهلون المتاجرة بأيامنا وأجسادنا وأرواحنا عند أبسط استحقاق… هؤلاء المواربين الذين يكذبون علينا بوقاحة لا مثيل لها، وباستهزاء واسترخاص واحتقار لكل ما في داخلنا من عنفوان ووطنية ورغبة بعيش كريم.
ميشال عون كان يعلم بوجود لبنانيين في السجون، وتركهم عن سابق إصرار وتصميم… وميشال عون ومعه كل زمرة السياسيين في لبنان كانوا وما زالوا يعلمون أنهم يتركون 4 ملايين لبناني قابعين في أقبية الاستهبال اللبناني المفضوح، يسرقون وينهبون ويقتلون على سجيتهم، تماماً كما كان يعامل عناصر المخابرات السورية أولئك المغلوب على أمرهم في المعتقلات.
سقط الأسد وسقط معه العرين، ورحل ميشال عون وستلحق به أكاذيبه إلى القبر… ومثلما انتهى زمن جبناء البيجامات، هل سنصحو نحن اللبنانيون من نومنا وننقضّ بشجاعة على هؤلاء الذين سببوا لنا ما يكفي من الكوابيس؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
“الحزب” يفكّر… والباقون يتحمرنون! | انتصر الحزب وانكسر الشيعة | نعيماً يا قاسم! |