بين سوريا الأمس وسوريا اليوم
كل تلك الحرب على الأرض السورية لم تمنع السوريين من تحقيق أهدافهم ولو بعد سنوات، أما الثمن بالأرواح الذي دفعه “الحزب” لحماية النظام السوري وبشار الأسد فقد ذهب سدى واستجلب له عداوة وكرهاً يصعب جداً على السوريين أن يتخطوهما
كتب بسام أبو زيد لـ”هنا لبنان”:
“سنبقى دائماً سنداً لسوريا وشعبها في حقه بصنع مستقبله ومواجهة عدوه الكيان الإسرائيلي الغاصب”، هذه العبارة وردت في ختام بيان لحزب الله أصدره يوم الثلاثاء الماضي مستنكراً فيه التوغل الإسرائيلي في جنوب سوريا. واللافت في هذه العبارة أنّ حزب الله اعترف بما كان ينادي به الشعب السوري منذ أن اندلعت ثورته في آذار من العام ٢٠١١، وذهب الحزب في هذه العبارة إلى حدّ أنه يبدي استعداداً لمساعدة الشعب السوري في صنع المستقبل الذي يريده. والسؤال هنا لماذا لم يحترم حزب الله حق الشعب السوري في صنع مستقبله منذ العام ٢٠١١؟ فهذا الشعب ومنذ اليوم الأول للثورة كان ينادي بإسقاط النظام مطالباً بالحرية والديمقراطية، وقد حال تدخل حزب الله العسكري في سوريا دون تحقيق الشعب السوري لأهدافه سريعاً ودفع السوريون الثمن الباهظ من البشر والحجر.
لقد أظهر السوريون وبعد سقوط نظام الأسد أنّ كل ما كان يحكى عن أنّ التطرف سيسود وأنّ المجازر سترتكب بحق الأقليات، لم يكن سوى ذرائع من أجل الإستمرار في حرمان السوريين بالقوة مما ينشدونه، علماً أنّ كل تلك الحرب على الأرض السورية لم تمنع السوريين من تحقيق أهدافهم ولو تأخر الأمر سنوات، وبالتالي فإنّ الثمن بالأرواح الذي دفعه حزب الله لحماية النظام السوري وعلى رأسه بشار الأسد ذهب سدى واستجلب له عداوة وكرهاً يصعب جداً على السوريين أن يتخطوهما.
قد يقول البعض أنّ حزب الله وفي سنوات القتال في سوريا حفظ خط التواصل بين طهران وبيروت ولولا هذا الخط لما تمكن حزب الله من مواجهة إسرائيل، ولكن واقع الأمر يشير إلى أنّ خط التواصل هذا كان وبالاً على لبنان وأهله وقد جسدته الحرب الإسرائيلية الأخيرة التي انتهت بقرار يفرض تطبيق القرار ١٧٠١ على كل الأراضي اللبناني وينزع سلاح الحزب ويفكك كل البنية التحتية العسكرية ولا سيما تلك المتعلقة بالتصنيع العسكري، وواضح أنّ هذه النتيجة ليست أبداً في صالح الحزب الذي يحاول أن يتنكّر لها.
في العبارة التي جاءت خاتمة لبيان حزب الله أنّ الحزب يريد أن يساند الشعب السوري في مواجهة الكيان الإسرائيلي، فكيف سيفعل ذلك؟ هل سيهاجم القوات الإسرائيلية المتوغلة في سوريا من لبنان بواسطة القوى الرديفة التي كان قد دربها في سوريا ونزحت معه إلى لبنان؟
على مدى السنوات الماضية لم تتوقف الغارات الجوية الإسرائيلية ضد سوريا، ولم يصدر حزب الله بياناً واحداً يقول فيه إنه تصدى لأيّ من هذه الهجمات، وحتى أنّ الحزب في الأيام الأخيرة لم يترجم عملياً عبارة “وقد أُعذر من أنذر” التي وردت في ختام بيان أصدره الحزب في الثاني من الشهر الجاري تبنى فيه ما سماه “رداً دفاعياً أولياً على الخروقات الإسرائيلية لوقف النار” والتي أدت إلى سقوط ضحايا وجرحى، ولكنّ إسرائيل ردت على هذا الرد واستمرت في الغارات والقصف وتواصل سقوط الشهداء والجرحى من دون أي رد يذكر، فربما أدخل الجنوبيون معادلة جديدة على المواجهة مع إسرائيل وهي لا نريد مزيداً من الضحايا والدمار، وما حلّ بنا يكفي!
مواضيع مماثلة للكاتب:
مصائب قوم | دروز سوريا يؤكدون على هويتهم.. وإسرائيل تدعي العمل لحمايتهم | المواجهة المكلفة |