قانون قيصر: تداعياته على سوريا وآثاره المحتملة على اقتصاد لبنان ما بعد الأسد
قانون قيصر الذي فرضته الولايات المتحدة عام 2019 بهدف معاقبة نظام بشار الأسد وداعميه فاقم من عزلة سوريا الاقتصادية، ويدور الحديث اليوم عن رفعه ما يمكن أن يسهم في استقرار اقتصادي نسبي في المنطقة سيعود حتماً بالفائدة على لبنان
كتب أنطوان سعادة لـ”هنا لبنان”:
في الأيام الأخيرة، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور وفيديوهات تكشف عن حجم المعاناة التي مر بها المعتقلون في السجون السورية، وخاصة في السجن الملقب بـ”المسلخ البشري”. بعض المعتقلين الذين خرجوا من السجن كانوا في حالة فقدان للوعي والذاكرة، بينما لم يكن البعض الآخر يدرك ما كان يحدث حولهم، في حين ظنّ آخرون أنّ حافظ الأسد ما زال في السلطة. هذه الفظائع التي ارتكبها بشار الأسد من الناحيتين الأخلاقية والإنسانية دفعت الدول الغربية إلى فرض عقوبات على بشار ونظامه وكل من يرتبط به. جاء ذلك بعد تسريب أكثر من 55 ألف صورة بواسطة مصور سابق في الجيش السوري، عرف باسم “قيصر”، الذي هرب من سوريا في عام 2013. وكانت مهمته توثيق حالات الوفاة في السجون العسكرية، وبفضل هذه الصور، أصدر الكونغرس الأمريكي عقوبات ضد سوريا تحت اسم “قيصر”.
ما هو قانون “قيصر”؟
قانون “قيصر” هو قانون أمريكي تم تبنيه في ديسمبر 2019، ويهدف إلى فرض عقوبات اقتصادية وتجارية على الحكومة السورية ونظام بشار الأسد، بالإضافة إلى الأشخاص والكيانات المتورطة في دعم النظام أو ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في سوريا. يتضمن القانون فرض عقوبات على الشركات أو الأشخاص الذين يتعاملون مع الحكومة السورية، مثل الشركات التي تقدم الدعم المالي أو التقني للنظام، وكذلك على الأفراد المرتبطين بقادة النظام السوري أو الذين يشاركون في الأنشطة العسكرية أو الأمنية التي تُستخدم ضد المدنيين في سوريا. كما يستهدف القانون معاقبة أي شخص أو جهة تساعد في تعزيز قدرة النظام السوري على استخدام الأسلحة الكيميائية أو تدعم حملات القمع ضد المعارضة.
يؤثر قانون “قيصر” بشكل كبير على الاقتصاد السوري من خلال فرض عقوبات شديدة على قطاعات حيوية مثل: قطاعات الطاقة والبنوك، مما يعيق قدرة النظام على إدارة الاقتصاد واستيراد المواد الأساسية مثل الوقود والسلع الضرورية. كما يحد القانون من قدرة النظام على التعامل مع الشركات الدولية، ما يجعل من الصعب الحصول على استثمارات أو تعاون تجاري، ويزيد من عزلة سوريا اقتصاديًا. كل هذه العوامل أدت إلى انخفاض قيمة الليرة السورية بشكل كبير، مما أثر على القدرة الشرائية للمواطنين وأدى إلى زيادة التضخم.
هل ترفع أميركا العقوبات عن سوريا ما بعد الأسد؟
ردًا على هذا السؤال، أوضح الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم ريحان في تصريح لـ”هنا لبنان” أنّ العقوبات تنقسم إلى نوعين:
النوع الأول يتوجه مباشرة ضد بشار الأسد وعائلته، إضافة إلى المقربين منه من مسؤولين ورجال أعمال. وهذه العقوبات من غير المتوقع رفعها، خصوصًا بعد الكشف عن الانتهاكات التي وقعت في السجون السورية عقب هروبه.
أما النوع الثاني من العقوبات، فيتعلق بالنظام السوري بشكل عام، حيث ستخضع سوريا للمراقبة الدولية في الوقت الحالي، خصوصًا في ما يتعلق بسلوك النظام الجديد تجاه الأقليات، وضبط انتشار الأسلحة، ومكافحة الفساد، وتعزيز الحريات الديمقراطية، وتحسين العلاقات الخارجية مع الدول. وأضاف ريحان أنّ رفع العقوبات قد يستغرق أشهرًا أو ربما سنة، حتى تتضح الصورة أمام المجتمع الدولي. وختم ريحان بالقول إنّ الاستقرار الاقتصادي والمالي في سوريا سيكون له تأثير إيجابي على لبنان وشعبه.
كيف سيؤثر رفع قانون قيصر على اقتصاد لبنان؟
إذا تم رفع قانون “قيصر”، من المحتمل أن يستفيد اقتصاد لبنان من عدة جوانب، ومنها:
1. تحسين التبادل التجاري: رفع العقوبات عن سوريا يمكن أن يفتح المجال للتجارة بين لبنان وسوريا بشكل أكبر، مما يعزز حركة البضائع والسلع عبر الحدود، ويساهم في تحسين وضع الشركات اللبنانية التي تعتمد على السوق السورية.
2. زيادة الاستثمارات: مع تخفيف الضغوط الاقتصادية على النظام السوري، قد تتدفق المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى سوريا، وهو ما قد يعكس إيجابيًا على الاقتصاد اللبناني نتيجة للعلاقات التجارية المشتركة.
3. استعادة حركة النقل والإمدادات: رفع العقوبات قد يسهم في استعادة الحركة التجارية عبر الموانئ السورية، وبالتالي توفير طرق سريعة وآمنة لنقل البضائع إلى لبنان، مما يساهم في تعزيز الاقتصاد اللبناني الذي يعاني من صعوبات في هذا المجال.
4. تحفيز قطاع السياحة: إذا تحسن الوضع الاقتصادي في سوريا، قد يكون لذلك تأثير إيجابي على السياحة في لبنان، حيث قد يستفيد لبنان من تدفق السياح السوريين الذين قد يزورون البلاد مجددًا.
5. تقليل الضغوط الاقتصادية: رفع العقوبات قد يساهم في تقليل الأزمة المالية التي يعاني منها لبنان جراء تأثير العقوبات غير المباشر على الاقتصاد اللبناني، سواء من خلال تأثر علاقاته التجارية مع الدول التي تلتزم بالعقوبات أو من خلال تراجع النشاط الاقتصادي الناتج عن الأزمة السورية.
إجمالاً، رفع قانون “قيصر” يمكن أن يسهم في استقرار اقتصادي نسبي في المنطقة، مما يعود بالفائدة على لبنان إذا استمر في استغلال الفرص الاقتصادية التي ستتاح بعد رفع العقوبات.
مواضيع مماثلة للكاتب:
هل يشجع انخفاض سعر الدولار على تخزين الليرة اللبنانية؟ | بوالص الحرب في لبنان: التأثيرات والآثار بعد وقف إطلاق النار | اقتصاد “ما بعد الحرب”.. ما هي السيناريوهات المتوقعة؟ |