من سيكون الراعي الجديد للمنطقة؟


خاص 19 كانون الأول, 2024

هل التألق التركي في سوريا الذي أطاح بإيران وشريكها الأسدي، سيؤدي إلى خفوت التأثير الإيراني في لبنان الذي يبحث عن رئيس جديد للدولة ينهى شغور رأس هرم السلطة لأكثر من سنتين؟ وإذا صارت تركيا راعية سوريا وداعمة لبنان، فتحت رعاية من سيكون لبنان؟

كتب محمد سلام لـ “هنا لبنان”:

خسر الحزب الديمقراطي الأميركي مؤخراً الشراكة التي أسسها في النصف الثاني من القرن الماضي لإحتواء تصاعد التيارين العروبي والإسلامي في قارتي آسيا وأفريقيا.
الحزب الديمقراطي، وهو أقدم تنظيم سياسي في الولايات المتحدة، لاحظ تنامي المد العروبي والإسلامي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد ثورة الجزائر والعدوان الثلاثي البريطاني-الفرنسي-الإسرائيلي على مصر في خمسينات وستينات القرن الماضي فعمل على إختراقهما من الداخل ونجح بإيجاد تحالف بين إسرائيل ووزير الدفاع السوري حافظ الأسد الذي ضحى بجيش بلاده في حرب العام 1967 بين إسرائيل ودول الطوق العربية الثلاث (مصر-الأردن-سوريا) وأهدى إسرائيل مرتفعات الجولان الإستراتيجية، فكوفئ بعد ثلاث سنوات بأن أُجلس على قمة هرم السلطة وصار أول رئيس لسوريا من الطائفة العلوية التي لا تزيد نسبتها عن 10 بالمئة من السكان. وبقيت الرئاسة ملكاً بفعل الأمر الواقع لعائلة الأسد حتى الثامن من كانون الأول الجاري.
كيف أهدى حافظ الأسد الجولان لإسرائيل؟؟؟
في 10 حزيران العام 1967، أي في اليوم الخامس لحرب الأيام الستة، بثت إذاعة دمشق بلاغاً صادراً عن وزارة الدفاع يعلن سقوط مدينة القنيطرة، كبرى مدن الجولان، التي كان أهلها ما زالوا فيها وكان الجيش العربي السوري متقدماً عنها في قتاله لإسرائيل مسافة لا تقل عن 25 كيلومتراً.
إنهارت الجبهة بعد شيوع البيان الكاذب وتشتت الجيش ودخلت إسرائيل القنيطرة بعد يومين وتوقفت عند حدود الجولان من دون التقدم نحو دمشق وفق قرار ضمنه الرئيس الأميركي الديمقراطي ليندون جونسون لإبقاء حافظ الأسد في العاصمة تمهيداً لتوليته رئيساً على سوريا سنة 1970.
وبعد توليه الرئاسة حافظ على تعزيز دور العلويين في أجهزة المخابرات وسلاحي الطيران والمدفعية للإمساك بالجيش، حتى وصل عدد العلويين في مدرسة المدفعية بحلب إلى 270 طالباً مقابل 30 طالباً من بقية الطوائف مجتمعة أي من السنة والمسيحيين والدروز، وفق ما ذكرته وكالات الأنباء العالمية.
إمتلأت كأس السنة وفاضت فشنت مجموعة من الأخوان المسلمين هجوماً على مدرسة المدفعية في حلب في 16 حزيران العام 1979 وقتلت ما لا يقل عن 80 طالباً علوياً، ورد الأسد بموجة من هجمات القتل والتدمير على حلب إستمرت قرابة سنتين ولم يصدر لها أي تقدير للخسائر البشرية والمادية. كما لم يصدر أي تعليق عن إدارة الرئيس الديمقراطي جيمي كارتر الذي كان عادة يسارع للتعليق على أي مسألة تتضمن مجازر وحقوق الإنسان والأقليات.

وكان الرئيس الأميركي الديمقراطي باراك أوباما، الذي حكم لولايتين ، قد دافع عن الأسد الإبن (بشار) وضمن بقاءه في السلطة متجاهلاً مطالبة الرأي العام الأميركي بمعاقبته عندما إستخدم الأسلحة الكيميائية والبراميل المتفجرة ضد الشعب السوري الأعزل بين العامين 2011 و 2013 .
وتوسّع أوباما في معاداته للعرب فوقّع في العام 2015 إتفاقية نووية مع إيران معتبراً أنها “خطوة نحو عالم أكثر تفاؤلا.”
لكن الرئيس الجمهوري دونالد ترامب ألغاها بعد 3 سنوات وأعلن في 8 أيار العام 2018 أن “الولايات المتحدة قد خرجت من الاتفاق النووي مع إيران … وسنفرض أعلى مستوىً من العقوبات الاقتصادية على إيران”.
وبقيت إدارة أميركية ديمقراطية برئاسة جو بايدن داعمة لنظام الأسد حتى إنهياره في الثامن من كانون الأول الحالي قبل أقل من شهرين على تولي ترامب سلطاته في 21 كانون الثاني المقبل.
فتحت رعاية من، كي لا أقول تحت سلطة من، ستكون سوريا بعد خروج الحزب الديمقراطي من المشهد ودخول ترامب الجمهوري إلى البيت الأبيض؟
ترامب، في حوار مع الصحافيين لتقييم الوضع بسوريا قبل أربعة أيام أثنى على تركيا ورئيسها رجب طيب إردوغان الذي وصفه بأنه “رجل ذكي جداً وقوي للغاية”.
أما الرئيس المخلوع بشار الأسد، برأي ترامب، فهو “جزار نظراً لما فعله بالأطفال”.
ورداً على سؤال عما سيفعله بخصوص الجنود الأميركيين المتموضعين في سوريا قال ترامب: “يجب أن تكون هناك طريقة أخرى للقيام بذلك. إحداها هي تركيا … إن تركيا قوة مهمة”.
وخلص ترامب إلى أن: “مفتاح سوريا سيكون في يد تركيا. ربما لم تسمع أحداً يقول هذا، لكن الأمر كذلك”.
وذكر سوريون أنه سمح لهم بالدخول إلى لبنان عبر معبر المصنع الشرعي يوم أمس الأربعاء لأنهم يستوفون الشروط القانونية كما سمح لهم بالمرور من معبر جديدة يابوس السوري لأنهم غير مطلوبين للسلطة الجديدة في سوريا.
اللبنانيون الذين غادروا سوريا منذ سقوط نظام الأسد إعتمدوا المعابر غير الشرعية لأنهم في غالبيتهم العظمى من عناصر حزب الله وتم استيعابهم في منازل خاصة بلبنان خوفاً من أن ترصدهم إسرائيل، ما يطرح السؤال:
هل التألق التركي في سوريا الذي أطاح بإيران وشريكها الأسدي، سيؤدي إلى خفوت التأثير الإيراني في لبنان الذي يبحث عن رئيس جديد للدولة ينهى شغور رأس هرم السلطة لأكثر من سنتين؟
رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي خاطب الرئيس إردوغان أمام الصحافيين في نهاية زيارته للعاصمة التركية أنقرة قائلاً: “مما لا شك فيه أن دعمكم أساسي لوقف العدوان (الإسرائيلي على لبنان) … وأنتم تملكون شبكة واسعة من العلاقات العربية والدولية، ما قد يعجّل في وقف العدوان نهائياً والانصراف إلى ترميم القيم الإنسانية التي انتهكت على نطاق واسع في وطننا وبين أهلنا.”
وأضاف: “لقد بتنا اليوم أيضاً نعوّل على الدور الذي تتمتعون به والحضور الفاعل لتركيا في المنطقة والعالم…”
أما الرئيس إردوغان فقال إنّ “إسرائيل تجر المنطقة إلى الهاوية بمهاجمتها لبنان وغزة، وسنقف أمام أي محاولات لزعزعة الاستقرار في لبنان”.
وخلص إلى أنّ “تركيا ولبنان اتفقا على العمل معا في سوريا”.
إذا صارت تركيا راعية سوريا حسب سردية ترامب النادرة في عرف التخاطبات الرئاسية، وداعمة لبنان وفق تعبير ميقاتي، فتحت رعاية من سيكون لبنان الذي لم يعلن رسمياً حتى الآن عن عدد عناصر حزب الله التي انسحبت من سوريا عبر المعابر غير الشرعية بعد إنهيار التحالف الأسدي-الإيراني؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us