إسرائيل الوالي الجديد


خاص 20 كانون الأول, 2024

لا إيران ترجمت دعمها لبنانياً وفلسطينياً، ولا التظاهر في شوارع العالم، شرقاً وغرباً، جعل الحكومات تتراجع عن دعم إسرائيل وتبرير اعتداءاتها، وبات سحق الفلسطينيين خبراً يومياً يكاد يدمنه المشاهدون والسامعون، الذين لا يملكون سوى الأدعية الدينية

كتب راشد فايد لـ”هنا لبنان”:

لا يستطيع قارئ الوقائع في الشرق الأوسط إلا أن يستنتج أن اسرائيل هي الوالي الجديد على المنطقة، ببركة واشنطن وحلفائها، وحتى خصومها، وما الاحتجاجات المتدفقة من هنا وهناك، على المجازر اليومية إلَا غسل للأيدي المغمَسة بدم غزة والضفة الغربية ولبنان، من دون تناسي السودان واليمن، وسوريا. وما الاحتجاجات المتدفقة من هنا وهناك، على المجازر اليومية إلَا غسل للأيدي المغمَسة بدماء الشهداء والأطفال والنساء، كأنما الشعب الفلسطيني، والعربي عموماً، منذور للموت المجاني، وكأن العالم عالمان واحد صُنعته تعداد الضحايا، والآخر كفكفة دموع الثكالى والأيتام، وبينما تتنافس المنظمات الأممية والدولية على ترجمة الشفقة بمساعدات متنوعة، طبية وغذائية، محدودة الفعالية والكمية، لا يسأل أحد عن كيف يمكن ردع الصهيوني عن تماديه في امتهان الحقوق الإنسانية العامة، وعن تماديه في ارتكاب المجازر، وحرص الأميركي على تطمينه إلى أن العقوبات لا تنتظره، في نهاية درب الموت المتمادي، الذي يتفرج العالم عليه ويكتفي بالإدانة اللفظية، من دون أي دعوة لتشكيل قوة دولية لفض الاشتباك، ووقف العدوان، فيما يبدو مشروع الدولتين منصرفاً عمن نتوهم توليهم مصير العالم والسلم العالمي، فآخر مرة تحرك فيها هذا النقاش كان قبل الانتخابات الاميركية بأسابيع قليلة، وكأن أولي الأمر لن يعيدوا النقاش فيه قبل أن يتبقى من الفلسطينيين قدر ما تبقى من الهنود الحمر في الولايات المتحدة الأميركية.

فالتدمير الإسرائيلي الممنهج، إلى حد محو آثار ومواقع لها صلة بالهوية التاريخية الفلسطينية، ليس هدفه سوى”إلغاء” فلسطين من التاريخ والجغرافيا وترجمة النيات المبيتة الهادفة إلى إجهاض الدعوات إلى قيام دولة فلسطينية “جادة”، وما زاد الطين بلة، الى جانب ما سمي بـ”طوفان الأقصى” ورطة “حزب الله” في ما سمَاه أمينه العام السابق بحرب الإسناد والإشغال التي جرت لبنان إلى الحرب، وكبّدته خسائر مباشرة وغير مباشرة بمليارات الدولارات، ومئات الشهداء، حتى بدا أنّ إسرائيل تنتظر من لبنان هذه الفرصة لإعلان الحرب على شعبه المنهك، فكان أن غاب الإسناد والإشغال، وحل التدمير الانتقامي الذي لم تسلم منه منطقة في لبنان، لاسيما في الجنوب. لكن، يقول مثل إنّ كل أمر شر فيه شيء من الخير، فالهيلمة الايرانية والتلميحات إلى استخدام قدرات تسلحية، سمع اللبنانيون كثيراً من إطراء جماعات إيران عليها، لم يثبت وجودها، أو فاعليتها، فيما “تهذبت” التصريحات الرسمية الإيرانية وكادت أن تكون تصالحية. أما ترسانة الأسلحة الايرانية التي روج لها الحزب طويلاً، وأوحى بتفوقه العسكري استناداً لفرضية امتلاكها فلم تظهر “لمساتها” في مجريات الاعتداء على غزة ولا على لبنان، ووحده اللبناني دفع ثمن اللاتخطيط، و”البهورة”. فلا إيران ترجمت دعمها لبنانياً وفلسطينياً، ولا التظاهر في شوارع العالم، شرقاً وغرباً، جعلت الحكومات تتراجع عن دعم إسرائيل وتبرير اعتداءاتها، وبات سحق الفلسطينيين خبراً يومياً يكاد يدمنه المشاهدون والسامعون، الذين لا يملكون سوى الأدعية الدينية.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us