رئيس أكثرية الصوت الواحد والإجماع


خاص 20 كانون الأول, 2024

انقلبت الأدوار اليوم، ففي سوريا المحررة يجري العمل على إقامة نظام حرّ منفتح يشمل الجميع، فيما تسعى الطبقة السياسية اللبنانية إلى تكريس الكتل السياسية الطائفية وبعضها يحاول حصر انتخاب الرئيس بالقوى المسيحية فيما يسعى الطرف الشيعي إلى فرض من يريد، كما هو حاصل حالياً في موقع رئيس المجلس

كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:

قبل 54 سنة وتحديداً في 17 آب 1970 شهد لبنان معركة ديموقراطية حامية وحادة لانتخاب رئيس للجمهورية انتهت بفوز سليمان فرنجية الجد بفارق صوت واحد بحصوله على 50 صوتاً مقابل 49 صوتًا لمنافسه إلياس سركيس من أصل مجموع عدد نواب المجلس الذي كان يومها 99 نائباً. وبعد ثلاثة أشهر بالضبط (16 تشرين الثاني 1970) قام حافظ الأسد بانقلاب عسكري ضد حزبه حزب البعث واستولى على السلطة في سوريا.

وتشاء الصدف أن يحاول لبنان اليوم انتخاب رئيس جديد يخلف ميشال عون مقابل سقوط سلطة الأسد الذي استمر في الحكم أباً وابناً طيلة 54 سنة. يومها كان سركيس مرشح “النهج” الذي كان يمثل الخط الشهابي الذي كان يضم على سبيل المثال رشيد كرامي وجان عزيز ورينيه معوض وصبري حمادة الذي كان يومها رئيساً للمجلس النيابي. فيما دعم فرنجية ما كان يعرف بـ”الحلف الثلاثي” المؤلف من كميل شمعون وبيار الجميل وريمون إده، والذين لم يبقَ منهم سوى ورثة الجميل، كما حظي فرنجية بتأييد كتلتي صائب سلام وكامل الأسعد. وكان يومها التنافس على أشده بين الكتل السياسية المختلطة وليس الطائفية كما يحصل اليوم.

صيف عام 1970 كانت المعركة سياسية وديموقراطية تنافسية بامتياز إذ لم يكن أي طرف سياسي يبحث عن إجماع في انتخاب الرئيس وإنما عن أكثرية متجانسة تفرض دورها وتغلب سياستها بحصولها “فقط” على 50 صوتاً. أو الـ 65 صوتاً كما هي اليوم. والأهم يومها أنّ الكتل المسيحية كانت متعددة والمسيحيين كانوا موزعين على مختلف الكتل النيابية سواء ضمن الحلف أو ضمن النهج. فيما لعب الرئيس الراحل فؤاد شهاب دوراً أساسياً في إقناع حمادة في حسم إعلان النتيجة لصالح فرنجية بعد أن أصر رئيس المجلس على اعتبار أنّ الصوت الواحد لا يجسد الأكثرية الشرعية بحسب الدستور، علماً أنّ شهاب هو من طرح ترشيح سركيس. ناهيك عن احترام الدستور إذ عقدت الجلسة يومها ضمن المهلة الدستورية المحددة بشهرين قبل انتهاء ولاية الرئيس، وتسلم الرئيس المنتخب سلطته في التاريخ المحدد، وليس كما يحصل من قبل الأكثرية المهيمنة منذ انتخاب ميشال عون بعد تأخير لأكثر من سنتين كما يبدو أنه حاصل حالياً.

الظاهر أنّ الأدوار انقلبت اليوم، ففي سوريا المحررة يجري العمل على إقامة نظام حر منفتح يشمل الجميع فيما تسعى الطبقة السياسية اللبنانية إلى تكريس الكتل السياسية الطائفية وبعضها يحاول حصر انتخاب الرئيس بالقوى المسيحية فيما يسعى الطرف الشيعي إلى فرض من يريد، كما هو حاصل حالياً في موقع رئاسة المجلس النيابي والذي عمل أسياده على حصر المقاعد النيابية الشيعية الـ 27 بـ”الثنائي الشيعي”. علماً أنّ ما حصل تحديداً في سوريا من تغييرات وتطورات هائلة يشكل فرصة استثنائية للبنان كي يخطو خطوة نوعية سياسياً واقتصادياً وإقليمياً، وفي بناء دولة، وفي إمكانية تحسين وتطوير التمثيل في النظام السياسي الديموقراطي مستفيداً من رحاب الحرية التي غمرت سوريا وأراحت لبنان.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us