البيئة الشيعية تنتفض في وجه “الحزب”: “دمرت بيوتنا وهلق بتشحدنا 200$”
اتهم عدد كبير من المتضررين مسؤولي “الحزب” بالتقصير، وعدم التصرف بحكمة إزاء الخسائر الكبيرة، بالإضافة إلى نكث الوعود، وذلك في إشارة إلى وعد الشيخ نعيم قاسم المتضررين ببناء بيوتهم أجمل مما كانت، والذي لم تظهر بوادر نية تحقيقه من قبل الحزب بعد!
كتبت إليونور أسطفان لـ”هنا لبنان”:
بعدما كان “حزب الله” يتفاخر ببيئته الحاضنة، وبالتفافها حوله، ها هي النقمة بدأت تخرج همسًا وعلنًا في أوساط هذه البيئة التي ذاقت الويلات جرّاء حرب لم تُردها ولا تعنيها أهدافها، حرب قضت على الأرواح والبيوت والأرزاق والقرى.
هذه البيئة لم يُتح لها أن تُهلل لاتفاق وقف إطلاق النار، فالخسائر كانت هائلة وعمليات الكشف عن الأضرار والدفع بطيئة جداً، وفق ما أكد متضررون لـ”هنا لبنان”.
بالإضافة إلى ذلك، اتهم عدد كبير من المتضررين مسؤولي “حزب الله” بالتقصير، وعدم التصرف بحكمة إزاء حجم الخسائر، بالإضافة إلى نكث الوعود، متسائلين هل استشهدت عبارة الوعد الصادق مع نصرالله؟ وذلك في إشارة إلى وعد الشيخ نعيم قاسم المتضررين ببناء بيوتهم أجمل مما كانت، والذي لم تظهر بوادر نية تحقيقه من قبل الحزب بعد!
السؤال الأساسي في هذا الملف هو: من سيعوَّض؟
اللافت أنّ الغموض يسيطر بشكل كبير على ملف التعويضات، إذ تكثر الأسئلة حول هوية الجهة التي ستتولى هذه المهمة؟ الدولة أم البلديات؟ مجلس الجنوب أم جهاد البناء؟
وفي وقت كان قد أعلن فيه أمين عام الحزب في خطاب سابق له عن تقديم بدل تعويضات للعائلات التي تضررت منازلها، يصل إلى نحو 12 ألف دولار مقسمة بين 6 آلاف دولار بدل إيجار لعام كامل إذا دُمر المنزل، و6 آلاف لشراء مستلزمات المنزل المُستأجر، فوجئ المواطنون في المناطق المتضررة بجهات حزبية تدعوهم لإصلاح الأضرار، ومن ثمّ إبراز الفواتير والصور، وما كان لافتاً هو قائمة الشروط التي سيستثنى منها العديد من الأشخاص خاصة من لا يملكون سندات إيجار نظراً لقدم العقار المستأجر.
الضياع والتخبط لم يتوقف هنا، فالدولة من جهتها، أعلنت بلسان وزير الأشغال العامة في حكومة تصريف الأعمال علي حمية في أعقاب اجتماع لمجلس الوزراء في 17 كانون الأول 2024، موافقة مجلس الوزراء على دفتري الشروط (تلزيم رفع الأنقاض، وتلزيم مسح الأضرار) وتحويل اعتمادات إلى اتحاد بلديات الضاحية، والهيئة العليا للإغاثة، ومجلس الجنوب، بقيمة 900 مليار ليرة لكل جهة، على أن تبدأ عملية رفع الأنقاض ومسح الأضرار في كل لبنان.
وبذلك تكون حقاً قد “ضاعت الطاسة”، فلم يعد يعرف المواطن من سيعوض؟ أو ماذا سيفعل؟ أو أي جهة يصدق!
“تشيكات” بقيمة 200 دولار!
وفيما لا يزال البعض ينتظر عملية مسح الأضرار، هناك فئة أخرى من المتضررين تنتظر تلقّي دفعات بدل الإيواء والأثاث والتي تبلغ أعلاها 12000 ألف دولار عن سنة كاملة، كما قال الشيخ نعيم قاسم، علماً أنّ حتى مبلغ الـ12 ألف دولار يعدّ مبلغاً زهيداً في ظلّ الارتفاع المخيف للإيجارات السكنية في محيط المناطق المتضررة.
واللافت هنا، أنّ لا هذا ولا ذاك قد تحقق كما أشيع، بل ما حصل على أرض الواقع هو وصول “تشيكات” غير متوقّعة للمتضررين، ما دفع البعض إلى نشرها بشكل علني، ومن بينهم حسين شحرور الذي وصلته مساعدة بقيمة 215 دولارًا أميركياً تُصرف من القرض الحسن بعدما سجّلت لجنة الكشف أضراراً بجدران منزله.
شحرور، والذي تقارب قيمة الأضرار التي أصابت منزله وفق أصحاب الاختصاص الألفي دولار، يسأل: “أهكذا يتم تنفيذ وصية السيد حسن؟ وهل هذه هي المبالغ التي ستعيد البيوت أجمل مما كانت؟”
أما محمد حركة فقد رفض من جهته تلقّي “تشيك” بقيمة 414 دولار عن أضرار منزله الذي يتكوّن من 5 غرف مضررة، معلنًا عبر وسائل التواصل الإجتماعي عزمه تقديم اعتراض على المبلغ الذي تلقّاه بهدف إعادة مسح الأضرار من جديد وتلقّي تعويض منصف.
وفيما ينتظر محمد.و الذي خسر منزله بالكامل اتصالاً من أحد مسؤولي الحزب لاستلام مساعدة الإيواء وبدل الأثاث بعد مرور شهر على وقف إطلاق النار ومكوثه وعائلته في منزل قريب له، كان الحظ حليفاً لابن منطقته حسن.د، الذي تلقى الاتصال المنشود ليتفاجأ أنّ “التشيك” بقيمة 9000 دولار خلافاً لكلام نعيم قاسم عن 12000 دولار.
حسن الذي سخر من هذا الاستخفاف، اكتفى بالقول لـ”هنا لبنان” أنّ “مطبخ بيته الذي هدم كلّفه وحده 8000 ألف دولار”.
تململ في أوساط بيئة الحزب
ما يجري خلق حالة من التململ في بيئة الحزب، وهذا ما يؤكده عبد لـ”هنا لبنان”، موضحاً أنّ النقمة على الحزب ستتفاقم في الأسابيع المقبلة إن كانت التعويضات ستصل بهذه القيمة، وأوضح أنّ المتضررين سيرفضون هذه المبالغ ولن يقدّموا المزيد من التضحيات للحزب.
وفي جولة لـ”هنا لبنان” في مدينة صور ومحيطها، أكد عدد من الأهالي الذين عادوا إلى منازلهم ويعيشون فيها بأبواب وشبابيك أغلقت بـ”النايلون” أنهم لم يحصلوا بعد على أي مبالغ مالية تمكنهم من البدء بالتصليحات اللازمة وأنّ ملف التعويضات غير واضح بالنسبة لهم، فهم لا يعلمون كيف تتم وما قيمتها ويتخوفون من دخول “المحسوبيات” على الملف.
أما على صعيد الحزب، فلا تفاؤل لا بوعوده ولا وعود إيران، سيّما بعد إزاحة نظام بشار الأسد وقطع الإمداد من إيران عن طريق بغداد – دمشق.
تخوّف وبحث عن مناطق بعيدة عن الحزب للسكن
إلى ذلك، يتخوّف العديد من المواطنين ممّا قد ينتظرهم بعد مرور فترة الـ60 يومًا لا سيّما وأنّ توقف إطلاق النار ما زال ملتبساً، إضافة إلى استمرار إسرائيل بتنفيذ عمليات عسكرية على الحدود وفي عمق الجنوب، الأمر الذي دفع عدداً من العائلات إلى اتخاذ قرار بعدم العودة إلى منازلهم المتضررة في الضاحية الجنوبية لبيروت وفي الجنوب، حيث قد تكون أحياؤهم هدفاً في أي حرب مقبلة.
وفي السياق، أكّدت سوسن التي تضرر منزلها في النبطية لـ”هنا لبنان” أنّها تعمل على إيجاد حياة جديدة لها ولعائلتها خارج الجنوب الذي لم يعُد آمنًا وفقًا لما تراه، فهي “لا تريد إعادة تجربة النزوح والخوف من جديد، كما أنها لا تريد أن يكونوا وقوداً لأي حرب جديدة”.
كذلك يبحث عدد من المقتدرين مالياً بمناطق الحزب عن أماكن إقامة جديدة أكثر آمانًا خارجها.
مواضيع مماثلة للكاتب:
الخطيئة المميتة | قضية فساد الأدوية المزوّرة: القاضية جويل أبو حيدر تواجه جو دبس لحماية صحة الأطفال.. وقرار ظنّي بجو دبس بجرائم الغشّ والتزوير وتبييض الأموال | باسيل يلعب بنار التيار |