العقدة الرئاسية في لبنان: بين سقوط المهل وإشكالية تعديل الدستور

خاص 23 كانون الأول, 2024

تطرح قضية ترشيح العماد جوزف عون للرئاسة تساؤلات جوهرية حول مدى الحاجة إلى تعديل الدستور في ظل الظروف الراهنة، خصوصاً مع تجاوز المهل الدستورية وعدم القدرة على انتخاب رئيس ضمن الأطر الزمنية المنصوص عليها

كتب جوني فتوحي لـ”هنا لبنان”:

يشهد لبنان أزمة سياسية ودستورية مستمرة في ظل شغور منصب رئاسة الجمهورية، وهي أزمة تضاعف من تعقيداتها الانقسامات الداخلية بين القوى السياسية والعجز عن تحقيق التوافق الوطني. هذا الواقع المأزوم يعيد فتح النقاش حول الآليات الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية، خاصة عندما يكون أحد المرشحين من موظفي الفئة الأولى، كقائد الجيش العماد جوزيف عون. وتطرح هذه القضية تساؤلات جوهرية حول مدى الحاجة إلى تعديل الدستور في ظل الظروف الراهنة، خصوصاً مع تجاوز المهل الدستورية وعدم القدرة على انتخاب رئيس ضمن الأطر الزمنية المنصوص عليها.

عزيز: أنصح الكتل بالعودة إلى محضر جلسة انتخاب الرئيس سليمان

وفي هذا السياق أشار الإعلامي جان عزيز لـ”هنا لبنان” إلى أنّ: “على الكتل أن تراجع محضر جلسة انتخاب ميشال سليمان في 25 أيار 2008 وماذا دوّن رئيس مجلس النواب نبيه بري في المحضر. حينها لم يُعدَّل الدستور. آنذاك، كانت هناك دراسة دستورية وضعها اثنان من كبار الدستوريين، وهما الوزير السابق بهيج طبارة والنائب روبير غانم، وتنص على أنّ الشغور يسقط المهل. وقال بري إنّ هذا الأمر صحيح ودوّنه في المحضر، وأضاف أنّ النواب ينتخبون دستورياً استناداً إلى المادة 74 وليس المادة 73، وهذا لا علاقة له باتفاق الدوحة ولا باتفاقات دولية.”

وأضاف: “لا أعرف إذا كانت الكتل النيابية التي أعلنت هذا الموقف (انتخاب قائد الجيش بحاجة إلى تعديل دستوري) حاضرة أو لم تطّلع على ما حصل آنذاك، فأنصحهم بالعودة إلى المحضر والاطلاع عليه.”

وقال: “البعض يعتبر أن هناك شقاً يتعلق بالمصلحة الوطنية، حين يقولون إننا بحاجة إلى تعديل الدستور لرئيس يحوز على شبه إجماع وعلى أكثرية كبيرة، وهذا أمر جيد، لكن لا علاقة له بالواقع الدستوري. فبالمفهوم الدستوري، الاجتهاد يكون عاماً وليس خاصاً.”

صفير: بعد تخطي المهل، ممكن انتخاب رئيس من الفئة الأولى دون تعديل دستوري، والبيسري لا يحتاج تعديلاً

وفي السياق نفسه، قال المحامي في بيروت وباريس الدكتور أنطوان صفير في حديثٍ لـ”هنا لبنان”: “من حيث المبدأ، المادة الدستورية 49 التي تتعلق بموظفي الفئة الأولى والقضاة تنص على أنه يجب أن يستقيلوا قبل سنتين من نهاية الولاية الرئاسية لجواز انتخابهم . في الواقع، هناك مادة مطروحة وتتعلق بالمهل، وها قد وصلنا إلى الشهر 26 بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون. هذا يأتي ضمن سياق دراسة سابقة أجراها الرئيس الأول غالب غانم، وتتعلق بمبدأ التخلي عن المهل. مما يعني أن نجيب عن السؤال: ما هي ضوابط ومعنى المهل بعد 26 شهراً من انتهاء الولاية وعدم انتخاب رئيس، حسب ما ينص عليه الدستور بشكل صريح.”

وأضاف: “بحجة أولى، نصبح في حَلٍ من هذه المهل، ويجوز انتخاب موظفي الفئة الأولى دون إجراء تعديل دستوري. وهذا ما حصل مع انتخاب الرئيس الأسبق ميشال سليمان وعدم ورود طعن أمام المجلس الدستوري بصحة هذا الانتخاب.”

وأشار صفير إلى أنه: في حال التوجه إلى تعديل دستوري، فيجب أن يصدر من النواب باقتراح قانون وليس بمشروع قانون، لأن الحكومة حالياً تقوم بتصريف الأعمال ولا يجوز لها أن تقدم مشروع قانون تعديل دستوري. وفي حال سار النواب بالتعديل، يصبح هذا الموضوع قائماً. أما إذا لم يسيروا به، والمجلس ذهب لانتخاب الرئيس المقبل من موظفي الفئة الأولى، حينئذ يكون المجلس سيد نفسه. وأعتبر أننا في حل من المهل ولكن يجوز الطعن والإمكانية ممكنة لثلث أعضاء مجلس النواب، وبالتالي إذا حصل قائد الجيش على أكثر من الثلث، يصبح متعذراً جمع ثلث المجلس للطعن بصحة الانتخاب.”

وعن حالة اللواء البيسري، علّق قائلاً :” أما اللواء البيسري فيمكن انتخابه دون تعديل دستوري باعتبار أنه معين بالإنابة بقرار من وزير الداخلية وليس بموجب مرسوم باعتبار أنّ موظفي الفئة الأولى يعينون من قبل الحكومة بأكثرية الثلثين وهذه ليست وضعية اللواء البيسري.”

مرقص: لا حاجة إلى تعديل الدستور

وفي حديث لـ”هنا لبنان”، أشار المحامي الدكتور بول مرقص، رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية في بيروت والعميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ، إلى أنه: “ليس هناك ضرورة لإجراء أي تعديل، لأن الانتخابات الرئاسية قد طالت بما يقارب السنتين، وبالتالي فإنه لا موجب بعد الآن لتعديل المادة 49 من الدستور لتمكين موظفي الفئة الأولى أو ما يعادلها، ومنهم قائد الجيش، من الاستقالة بسبب سقوط المهلة بالدرجة الأولى.”

وأضاف: “السبب الثاني لعدم الحاجة إلى تعديل الدستور، هو أنه من المفترض أن ينال قائد الجيش أكثرية موصوفة تفوق الأكثرية المطلوبة لتعديل الدستور وفقاً للمادة 76 منه، وبالتالي لا حاجة لتعديل الدستور من أجل انتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية.”

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us