“بابا نويل” ليس شيعياً!
“بابا نويل” ليس شيعياً هذه السنة، ولن يأتي الزعماء المسيحيين برئاسة الجمهورية كما فعل مع ميشال عون… ولكن هديتهم جاءت ملفوفة بورقة التحولات الإقليمية الكبيرة، ولا تحتاج سوى فتحها
كتب جوزف طوق لـ”هنا لبنان”:
كتب الزعماء المسيحيون رسالة موحّدة إلى “بابا نويل”، وأرسلها كل واحد منهم باسمه، ولم تتضمّن اللائحة سوى طلب هدية واحدة… وها هم في موسم الأعياد ينتظرون “بابا نويل” ليجلب لهم رئاسة الجمهورية في كيس الهدايا، ويردّدون مقتنعين بصوت عالٍ “جاي بابا نويل”، فيما الجماهير المحرومة تقف خلفهم وتصفّق على لحن الأغنية بفرح عظيم.
“يا حرام” على هؤلاء الزعماء، لم يخبرهم أحد أنّ “بابا نويل” ليس حقيقياً… ولم يخبروهم أيضاً أنّ الهدية، وإن كانت رئاسة جمهورية، لا بدّ أن يدفع ثمنها أحد من ماله الخاص وتعبه ومدّخراته. لكن الزعماء لم يعتادوا على الدفع، بل يصرفون كوادر أحزابهم، ويتاجرون بمواقفهم، ويبيعون شعارات، ويقبضون سمسرات وتحالفات.
العالم كلّه يتبدّل.. سقط الأسد، ومال زال الثعلب فيهم متكبّراً على كل التحوّلات الدراماتيكية في لبنان والمحيط، وغير مستعدّ أن يعترف للحظة بالهزيمة التي تركله عند كلّ استحقاق. ولكن هؤلاء الزعماء، على ماذا هم منقسمون؟ على هزائمهم المتراكمة منذ 1982 وحتى اليوم؟ على معاركهم الخاسرة ضد بعضهم البعض من إهدن إلى جونية إلى صربا إلى “غاليري الاتحاد” إلى عين الرمانة وإلى كل شارع وزاوية من مناطقهم؟ أم هم منقسمون على خياراتهم السياسية الفاشلة التي لم ينتج عنها سوى اضمحلال بالدور الوطني؟
النكاية تسري في عروقهم، ومن يستمع إلى خطاباتهم يظنّ للحظة أنه في حضرة نابوليون أو محمد الفاتح، وهم بالحقيقة يركضون خلف هذا وخلف ذاك طلباً لمقعد على لائحة انتخابية أو من أجل تحالف سياسي يبقيهم على قيد الحياة… والنكاية منعتهم وتمنعهم أن يلتقوا على رغم اختلافاتهم وتطلعاتهم، على عكس ما فعل غيرهم… يا ليتهم يتعلّمون مثلاً من حزب الله وحركة أمل، أكثر طرفين يكرهان بعضهما في لبنان منذ تاريخ نشأتهما وحتى اليوم، ولكنهما بعكس الأحزاب المسيحية، فَهِما أنّ ازدهار جمهورهما وسرّ قوتهما يكمن بهذه الثنائية التي تحكّمت بالقرار منذ أكثر من 20 سنة.
“بابا نويل” ليس شيعياً هذه السنة، ولن يأتي الزعماء المسيحيين برئاسة الجمهورية كما فعل مع ميشال عون… ولكن هديتهم جاءت ملفوفة بورقة التحولات الإقليمية الكبيرة، ولا تحتاج سوى فتحها. فهل سيعرف سمير جعجع وسليمان فرنجية وجبران باسيل كيف يجلبون العيد لبلد اكتفى من الحزن والانكسار، أم سيواصلون إدمانهم على تصفيق الجماهير المبهورة بنكاياتهم؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
“الحزب” يفكّر… والباقون يتحمرنون! | بالبيجاما ننتصر… بين الأسد وميشال عون! | انتصر الحزب وانكسر الشيعة |