كي يكون عام المسيحيّين في لبنان…
إنّ الاستعادة الحقيقيّة لحقوق المسيحيّين تتمّ، فعلاً، باستعادة قوّة الدولة، وهذا الأمر متاح اليوم، خصوصاً مع تراجع قوّة “الحزب” الذي كان يقف عائقاً في وجه الدولة القويّة، ولكن، شرط أن يتلقّفوا، زعماء وأحزاباً وكنيسةً، هذه الفرصة فيضعوا جانباً الخلافات، كبيرةً وصغيرة، وخصوصاً المصالح والنكايات
كتب ناشر “هنا لبنان” طارق كرم:
ليس دقيقاً أبداً أنّ نظام الأسد كان يحمي المسيحيّين السوريّين، وسابقاً مسيحيّي لبنان. وأيضاً، ليس دقيقاً أبداً أنّ أحمد الشرع، مع ما يملك من ماضٍ وتمثيل، يشكّل ضمانةً لمسيحيّي سوريا ولبنان.
من المؤكّد أنّ مسيحيّي لبنان أمام فرصة لتعزيز حضورهم وخسارة ما فقدوه من دورٍ في لبنان، لا على طريقة “الدفاع عن حقوق المسيحيّين” التي اعتمدها جبران باسيل، بل عبر سلسلة خطواتٍ أساسيّة.
البداية الأهمّ من انتخاب رئيسٍ للجمهوريّة يمثّل الوجدان المسيحي، فلا يساوم على حسابهم ولا يتنازل عمّا هو لهم من أجل مصلحته. رئيسٌ يؤمن بالدولة التي، كلّما كانت قويّة، ازداد المسيحيّون مناعةً وكلّما ضعفت ازدادوا وَهْناً.
إنّ قوّة الدولة التي تمنع الاقتصاد غير الشرعي تريح المسيحيّين لأنّهم الأكثر التزاماً بالاقتصاد الشرعي.
وقوّة الدولة التي تمنع مخالفات البناء تريح المسيحيّين الأقلّ ارتكاباً للمخالفات.
وقوّة الدولة التي تجبي الرسوم تريح المسيحيّين الأكثر التزاماً بدفعها.
إنّ الاستعادة الحقيقيّة لحقوق المسيحيّين تتمّ، فعلاً، باستعادة قوّة الدولة، وهذا الأمر متاح اليوم، خصوصاً مع تراجع قوّة حزب الله الذي كان يقف عائقاً في وجه الدولة القويّة، ولكن، شرط أن يتلقّفوا، زعماء وأحزاباً وكنيسةً، هذه الفرصة فيضعوا جانباً الخلافات، كبيرةً وصغيرة، وخصوصاً المصالح والنكايات.
والاستعادة الحقيقيّة لحقوق المسيحيّين تكون بتعزيز دور الجيش، جنوب الليطاني وشماله وعلى الحدود، وقد بذلت المؤسّسة العسكريّة جهوداً استثنائيّة هذا العام، على أكثر من صعيد، وكان قائد الجيش النموذج المطلوب تعميمه على أكثر من موقع، كي تكون الدولة قويّة فعلاً.
لا يحتاج المسيحيّون إلى نظامٍ لحمايتهم، ولا إلى أشخاص. يحتاجون إلى دولةٍ عادلة وقويّة ومنصفة، لا ترفعهم ليصبحوا أعلى شأناً من الآخرين، ولا تتيح لأحدٍ أن يستقوي عليهم، كما حصل مراراً في مرحلة ما بعد الحرب.
هذه الدولة يمكن أن تتحقّق إن أحسنّا اختيار الرئيس، ثمّ إن عملنا، مع المسلمين لا لوحدنا، على الاقتناع بأنّ الدولة اللبنانيّة هي الملجأ، فنعمل على بنائها معاً بدل التنافس على “نتش” حصصٍ منها. ونقتنع بأنّ حيادنا هو خلاصنا، بدل تحويل بلدنا إلى ساحةٍ لمحورٍ مرّة، أو فرصة لتعزيز حضورٍ إقليميّ مرّةً أخرى.
ممكنٌ كثيراً أن يكون العام ٢٠٢٥ هو عام المسيحيّين في لبنان، بل يجب أن يكون كذلك. ممكنٌ بشرطٍ وحيد: أن يكون عام الدولة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
هرب بشار… وبشير حيّ فينا | 35 عاماً… فهل نعطي رينيه معوض حقّه؟ | ما بعد الحرب… هزيمة أو انتصار؟ |