“نظام الأسد” ومعضلة “النظام اللبناني”


خاص 4 كانون الثاني, 2025

“الحزب” ما زال متغلغلاً في معظم مرافق الدولة اللبنانية، وما لم يوضع حد لهذا التغلغل فسيكون البلد أمام معضلة حقيقية، حتى لو جرى انتخاب رئيس جديد للجمهورية وحتى لو تشكلت حكومة جديدة وأعيد تكوين السلطة

كتب جان الفغالي لـ”هنا لبنان”:

حين وضع النظام السوري المخلوع يده على لبنان بشكل كامل اعتبارًا من خريف العام 1990، استحوذ على التركيبة السياسية والعسكرية والأمنية، كان القرار يتنقل بين عنجر والبوريفاج، ولم يكن المسؤولون السياسيون اللبنانيون سوى متلقّين لِما كان يُسمَّى “الإيحاءات السورية” أو ” كلمة السر” السورية، أو ” الوحي السوري”.

امتدت هذه المرحلة خمسة عشر عاماً، حتى ربيع العام 2005، حين انسحب الجيش السوري من لبنان، لكن
“الدولة العميقة” التي تركتها سوريا وراءها في لبنان، لم تتفكك بل بقيت في المفاصل الرئيسة، سواء في السياسة أم في الأمن، وهما العمودان الفقريان في كل بلد، وكان على رأس هذه الدولة العميقة حزب الله.

كان يصعب أن يأتي رئيس للجمهورية أو رئيس للحكومة أو عدد لا بأس به من الوزراء، من دون أن يكون من بينهم حلفاء لسوريا، كانت المصطلحات في هذا الشأن متعددة، من “حلفاء سوريا في لبنان” إلى ” أزلام سوريا في لبنان”، ووصل الأمر بالبعض أن تحدَّث عن “يتامى اللواء غازي كنعان في لبنان” في إشارة إلى مَن عينهم في مختلف الأسلاك في الإدارة العامة وحتى البلديات ، وإلى مَن زكَّاهم في المناصب التي تبوؤوها.

منذ الشهر الفائت ، انتهى نظام الأسد في سوريا، سقط الرئيس السوري بشار الأسد وانهارت كل دولته ، انطلاقًا من الحكومة إلى مجلس النواب إلى سائر المرافق. المفارقة أن نظام الأسد سقط في سوريا ، لكن أذرعه في لبنان ما زالت قائمة، في السلطة التنفيذية وفي السلطة القضائية،وفي سائر السلطات ، كما أن أذرعه تنتظر أي مناسبة لتقوم بعرض قوة وتقول: ” أنا هنا” . السؤال الذي يُطرح بقوة : هل يصح أن يطير الرأس ولا تسقط الأذرع؟

هناك مسؤولية تقع على السلطة اللبنانية ، وما لم تحزم أمرها فستكون أمام مشكلة حقيقية ، مع السلطات السورية الجديدة التي ستجد نفسها أمام المعادلة التالية: لقد أسقطنا نظام الأسد في سوريا، ولكن ماذا عن أذرعه في لبنان؟

حزب الله مازال متغلغلاً في معظم مرافق الدولة اللبنانية، وما لم يوضع حد لهذا التغلغل، فسيكون البلد امام معضلة حقيقية، حتى لو جرى انتخاب رئيس جديد للجمهورية وحتى لو تشكلت حكومة جديدة وأعيد تكوين السلطة .

الدول المؤثرة والفاعلة والقادرة تراقب الوضع اللبناني من كثب، وكلما تأكدت أكثر فأكثر من أنّ حزب الله هو الذي يسيطر ، فستبتعد أكثر فأكثر عن لبنان الذي سيترك وحيداً، في هذه الحال، مَن يساهِم في إعادة الإعمار؟

إنها المفارقة الكبرى : سوريا على طريق التعافي، ولبنان على طريق الانهيار مجددًا.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us