انهيار أذرع إيران في المنطقة.. زمن التدمير ولى ولبنان على طريق الخلاص
يبدو من الصعوبة بمكان ما أن تسعى إيران إلى تجديد نشاطها والتفتيش عن بدائل أخرى تعمل من خلالها على فرض نفوذها كما كان الأمر في السابق، فقد تبدلت المعطيات الدولية وصارت إيران في وضع دقيق لا يسمح لها بأن تكرر تجارب التدمير التي انتهجتها على مدى سنوات
كتبت كارول سلوم لـ”هنا لبنان”:
مع انهيار أبرز جناحين لإيران في المنطقة أي حزب الله ونظام بشار الأسد ومواصلة معركة القضاء على ما تبقى لها من أذرع عسكرية ، يبدو من الصعوبة بمكان أن تسعى إلى تجديد نشاطها والتفتيش عن بدائل أخرى تعمل من خلالها إلى فرض نفوذها كما كان الأمر في السابق. فقد تبدلت المعطيات الدولية وصارت إيران في وضع دقيق لا يسمح لها بأن تكرر تجارب التدمير التي انتهجتها على مدى سنوات. وأمام هذه المقاربة، من المستبعد أن تقوم بترميم وضعها في لبنان بأي شكل من الأشكال. لقد ولى زمن استبدادها إلى غير رجعة كما يقرأ كثيرون .
وفي هذا السياق، يقول الكاتب والمحلل السياسي الأستاذ الياس الزغبي لموقع ” هنا لبنان” : مما لا شك فيه أن التطورات الدراماتيكية التي شهدتها سوريا وقبلها لبنان في الربع الأخير من السنة المنصرمة أنتجت تغييراً جيوسياسياً واسعاً على حساب المشروع السياسي الإيراني في المنطقة العربية بشكل عام .
ويرى الزغبي أنه لم يكن في الحسبان أن ينهار جناحان محوريان من المحور الإيراني وهما بيروت ودمشق وبالسرعة التي حصل بها، وهذا كشف مدى الضعف الإيراني في حماية ما أنتجته ورسخته على مدى عقدين من الزمن ، بالإضافة طبعاً إلى ذراعها الثالثة في المنطقة نفسها أي حركة حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة . هذا الانهيار يشكل حالة بنيوية عميقة لم يعد من السهل أن تعيد طهران ترميمها ولا سيما أنّ هناك أحجار دومينو أخرى في المنظومة الإيرانية مرشحة للسقوط وتحديداً في بغداد وصنعاء ، بحيث لم يعد متاحاً أمام إيران الربط الاستراتيجي بين مراكز قوتها الأربعة التي طالما تباهت بأنها تسيطر عليها تحت عنوان ” وحدة الساحات ” أو تحت عنوان “محور المقاومة والممانعة” .
ويوضح الزغبي أن هذا الواقع الطارئ غير قابل لإعادة الإنتاج والإحياء، خصوصاً أنّ طهران نفسها باتت تحت المجهر الدولي المباشر بملفاتها الثلاث أي ملف أموالها المحتجزة بالعقوبات وملفها النووي وملف نفوذها المتداخل والمتغلغل في المنطقة العربية ، وليس في الأفق ما يشير إلى إمكان طهران البحث عن بدائل للخسائر وللهزائم التي لحقت بها وتحديداً في لبنان وسوريا. ففي لبنان ، باتت ذراعها العسكرية والسياسية أي حزب الله في وضع دقيق وصعب، فتأثير الحزب المزدوج العسكري والسياسي يتراجع يوماً بعد يوم، نتيجة الحصار الواسع الذي يضيق عليه الخناق براً بالدرجة الأولى ثم جواً وبحراً، لذلك فإنّ الحضور الإيراني المميز في لبنان يخضع الآن لعملية تحجيم لا تسمح بقدرة ايرانية متجددة في تحديد مسار الوضع اللبناني في المدى المتوسط على الأقل، ولاسيما مع إستلام” العدو الأكبر ” دونالد ترامب الرئاسة الأميركية بعد أسبوعين.
ويتابع قائلاً: إن زمن سيطرة المليشيات المسلحة على الشرعيات الوطنية قد بدأ يشهد فصله الأخير تباعاً. ويمكن القول أنّ النموذج اللبناني في ضبط وتحجيم هذه السيطرة سيتمدد على سائر المنطقة العربية والشرق أوسطية، فتتحول إيران خلال الأشهر المقبلة إلى قوة وطنية داخلية مقصوصة الأجنحة، وقد يؤدي ذلك إلى انهيار” نظام الملالي” نفسه تحت المراقبة الدولية ونظام العقوبات المتصاعد ونتيجة الحضور العسكري الأميركي المباشر في المنطقة ووجود جناحين إقليميين على حساب إيران وهما تركيا وإسرائيل.
ويشير إلى أنّ لبنان رضخ خلال نصف القرن الأخير لثلاث تجارب مدمرة فلسطينية وسورية وإيرانية ولا يبدو أن هناك تجربة رابعة ستكرر التدمير، لذلك فإن لبنان سائر على طريق الخلاص الوافر .