قائد الجيش رئيسًا الخميس

تتحدث المعلومات عن رسالة من المفترض أنّ هوكشتاين أوصلها إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي ينتظر أن يسمع من الرسول الأميركي موقف البيت الأبيض من الانتخابات الرئاسية، ومضمون هذه الرسالة هو أنّ واشنطن توافق على انتخاب قائد الجيش بعد غد الخميس رئيساً للجمهورية

كتب أحمد عياش لـ”هنا لبنان”:

تفيد معلومات أوساط سياسية مواكبة للاستحقاق الرئاسي أنّ العماد جوزف عون هو الرئيس المقبل للجمهورية. وأعطت هذه الأوساط أهمية للبعد الخارجي في الانتخابات التي سيجريها مجلس النواب بعد غد الخميس . ورأت أنّ الجدل الداخلي المستمر حول من سيتم انتخابه في الجلسة النيابية المقبلة لا يعكس الموقف الخارجي. وقالت إنّ تأييد المملكة العربية السعودية لانتخاب قائد الجيش لرئاسة الجمهورية في لبنان هو ذروة تأييد غربي رإقليمي لوصول العماد عون إلى قصر بعبدا.

أتت الزيارة الأخيرة التي قام بها مستشار وزير الخارجية السعودي للشؤون اللبنانية الأمير يزيد بن فرحان آل سعود للبنان على ثلاثة أيام الاخيرة من الأسبوع الماضي بمثابة إيذان أنّ المملكة دخلت بقوة على ملف الانتخابات الرئاسية. وتسارعت بعد هذه الزيارة التي شملت معظم أطياف المعنيين بهذه الانتخابات لتؤكد أنّ انخراط الرياض في هذا الاستحقاق لم يأت من فراغ. ووردت الإشارة الأولى إلى هذا التطور في الزيارة المفاجئة التي قام بها المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين للرياض الأحد الماضي قبل وصوله أمس إلى بيروت، حيث التقى بوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في حضور مستشار الوزير السعودي يزيد بن فرحان. وجاء في البيان الرسمي السعودي بعد اللقاء أنه تمت مناقشة “التطورات على الساحة اللبنانية، والجهود المبذولة بشأنها”.

جاء لقاء الرياض خارج سياق الدور المناط بهوكشتاين منذ اندلاع النزاع بين إسرائيل و”حزب الله” في تشرين الأول عام 2023 . وأشارت الأنباء التي سبقت وصول المسؤول الأميركي إلى لبنان أنه آت ليترأس اجتماع اللجنة المكلفة تطبيق اتفاق وقف اطلاق النار والذي دخل حيز التنفيذ في 27 تشرين الثاني الماضي على أن ينجز خلال 60 يوماً تنتهي في 26 كانون الثاني الحالي.

في هذا السياق ، تتحدث المعلومات عن رسالة من المفترض أنّ هوكشتاين أوصلها حالياً إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي ينتظر أن يسمع من الرسول الأميركي موقف البيت الأبيض من الانتخابات الرئاسية. وكشف ديبلوماسي عربي قبل أيام عن أنّ مضمون هذه الرسالة هو أنّ واشنطن توافق على انتخاب قائد الجيش بعد غد الخميس رئيساً للجمهورية. وأوضح الديبلوماسي أمام عدد من الصحافيين أنّ هوكشتاين أكمل ما بدأه الموفد السعودي يزيد بن فرحان لجهة دعم انتخاب العماد عون رئيساً للبنان.

تمثل هذه التطورات المتصلة بموقفي واشنطن والرياض من الاستحقاق الرئاسي معطى غير مسبوق منذ بدء الفراغ في سدة الرئاسة الأولى في نهاية تشرين الأول عام 2022 . وطوال فترة الشغور هذه التي تعتبر طويلة كانت الرياض في حالة انكفاء عن التعامل مع الملف اللبناني. كما أنّ واشنطن حاذرت أن تنغمس مباشرة في كل المحاولات التي جرت على مدى أكثر من عامين من أجل الوصول إلى تسوية كانت تسعى إليها اللجنة الخماسية الدولية والعربية طوال أزمة الشغور الرئاسي في لبنان. وطوال فترة الشغور كانت فرنسا تتولى جهود الوساطة لحل الأزمة. لكن هذه الجهود لم تصل إلى نتيجة.

هل تغيّرت الظروف ما يسمح بالقول أنّ أزمة الانتخابات الرئاسية في لبنان شارفت على الانتهاء بعد الدخول السعودي الأميركي على خط إنهائها؟

يجيب الديبلوماسي العربي إيجاباً. وأعطى إشارة ذات دلالة تمثلت بالاستقبال المفاجئ لوزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان قبل أسابيع للعماد عون في الرياض بحضور المكلف بالملف اللبناني الأمير يزيد بن فرحان.

يبدو من المفيد أن يتم التركيز على جانب مهم متصل بالانتخابات الرئاسية ألا وهو مصير الملف الأمني المفتوح بين لبنان وإسرائيل . وأثبت هوكشتاين الذي واكب ولادة اتفاق وقف إطلاق النار في نهاية تشرين الثاني الماضي أنه مؤهل للوصول بهذا الاتفاق إلى بر الأمان عن طريق تحقيق أمرين معاً: تثبيت قواعد تنفيذ الاتفاق كي يصمد، وانتخاب رئيس للجمهورية يحمل صفة أمنية ذات صلة بالاتفاق ألا وهو قائد الجيش.

وسلط موقع إكسيوس الأميركي الضوء قبل أيام حول مآل اتفاق وقف النار. ونسب الموقع إلى مصادر مطلعة قولها إنّ إسرائيل ولبنان قالا للبيت الأبيض في بداية العام الجاري إنه على الرغم من الاشتباكات الأخيرة على الحدود إلا أنهما ملتزمان باتفاق وقف إطلاق النار ويريدان استمراره.

وقال مسؤولون أميركيون إن إدارة بايدن قلقة من أن وقف إطلاق النار الهش في لبنان قد ينهار بعد تبادل إطلاق النار بين إسرائيل و”حزب الله” في الأيام الأخيرة من العام المنصرم.

وأعربت إدارة بايدن سراً عن قلقها للإسرائيليين بشأن العديد من ضرباتهم في لبنان في الأيام الأخيرة. وقال مسؤول أميركي لاكسيوس:”كان الإسرائيليون يلعبون لعبة خطيرة في الأيام الأخيرة”.

والتقى وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر في البيت الأبيض مع مستشار الأمن القومي جيك سوليفان وأبلغه أن إسرائيل تريد الحفاظ على وقف إطلاق النار.

وقال المصدر إن كبير مستشاري الرئيس بايدن هوكشتاين تحدث يوم الاثنين إلى مسؤولين لبنانيين وإسرائيليين أكدوا التزامهم بوقف إطلاق النار.

في موازاة الجهد الأمني ، يبرز الآن الجهد السياسي. فهل يختتم هوكشتاين هذا الأسبوع مساراً بدأ العام 2022 ؟ في ذلك التاريح دخل المسؤول الأميركي أثناء زيارته للبنان كمفاوض رئيسي لصفقة بحرية بين لبنان وإسرائيل تهدف إلى “تمهيد الطريق للتنقيب عن الغاز البحري”. حل الاتفاق نزاعاً استمر عقوداً بين إسرائيل ولبنان حول الحدود البحرية بين البلدين وحقول الغاز الموجودة هناك. ومع وصف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للاتفاق بأنه “تاريخي”، غرد رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد: “بالنيابة عن دولة إسرائيل، أشكر الوسيط الأميركي على عمله الجاد لتحقيق هذا الاتفاق التاريخي”.

ينتقل هوكشتاين اليوم من مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة إلى وسيط لشؤون الرئاسة في لبنان. وسيكون هناك متسع للكتابة بدءاً من الخميس المقبل عن أن التنقيب عن حل لأزمة الرئاسة في لبنان هو أيضاً عمل تاريخي في حقول أزمات المنطقة التي تندلع منها براكين الحروب.

مواضيع مماثلة للكاتب:

ميقاتي من الأسد إلى الشرع

قاسم أعلن رسميا وفاة نصرالله

الشيعة في لبنان وسوريا: الخسارة الكاملة