“ممانعة” بري عشية انتخاب عون؟
استمر اسم قائد الجيش جوزاف عون كمرشّح رغم معارضة حركة أمل و”الحزب”، أمّا اليوم بعد الحرب فقد تغيرت المعادلات واختلطت الأوراق وتعزّز ترشيح قائد الجيش الذي بدا الأكثر أهلية وقدرة على فرض تطبيق القرار 1701 الذي هو في أساس وقف إطلاق النار
كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:
عشية انعقاد جلسة مجلس النواب نهار غد الخميس بعد انقطاع طويل دام أكثر من سنة ونصف السنة كثرت التحليلات والتأويلات، وهذا أمر طبيعي، كما كثر المرشحون المفترضون المتداولة أسماؤهم، إذ إنّ الدستور لا يلحظ مسألة الترشح بشكل رسمي. وكانت الانتخابات الرئاسية تجري عادة بتوفر أكثرية حول اسم معين يتم التوافق عليه مسبقاً، أو في بعض الحالات تحصل المعركة بين شخصين لا أكثر عندما تكون الأكثريات متساوية تقريباً كما حصل مرة واحدة عام 1970 التي حملت سليمان فرنجيه الجد ومرشح “الحلف الثلاثي” إلى قصر بعبدا بفارق صوت واحد على الياس سركيس مرشح تجمع “النهج” الشهابي.
أما اليوم فهناك مجموعات كثيرة تدعم كل منها مرشحاً معيّناً أو يفترض أنها ستصوّت لمرشح محدد، ولكن لا أحد منها يملك أكثرية من شأنها أن تفرض وصول مرشح معين، حتى الأكثرية المطلقة أي النصف زائداً واحداً لا يملكها أحد وهي 65 صوتاً من أصل 128 نائباً. وخلال جلسة الانتخاب الماضية التي حصلت في 14 حزيران 2023 كان هناك مرشحان: سليمان فرنجيه الذي كان مدعوماً من قبل ما كان يسمى محور الممانعة يتصدره “الثنائي الشيعي”، والآخر جهاد أزعور الذي دعمته القوات والكتائب والتيار الباسيلي ومستقلين، ولكن هذه التحالفات انفرط عقدها وتبعثر المرشحون وظهرت أسماء مرشحين جدد منهم ذوو شأن وآخرون للاستهلاك وتقطيع الوقت، فيما استمر اسم قائد الجيش جوزاف عون كمرشح جدي تحول في فترة معينة إلى الأوفر حظاً رغم معارضة حركة أمل و”حزب الله” له، وكانت معارضة موصوفة سياسياً بتبعيتها الإقليمية وليس عدديًا. اما اليوم بعد الحرب التي تعرض لها لبنان من قبل إسرائيل باستفزاز “حزب الله” وكانت ضحيتها المدوية الأمين العام حسن نصرالله، تغيرت المعادلات واختلطت الأوراق وتعزز ترشيح قائد الجيش الذي بدا الأكثر أهليًًة وقدرة على فرض تطبيق القرار 1701 الذي هو في أساس وقف إطلاق النار وسحب سلاح “حزب الله” على كل الأراضي اللبنانية. وبدأت المناورات تشتد وتتشعب بدءاً من رئيس المجلس، الذي فاوض خلال الحرب ولا زال عنه وعن “حزب الله”، والذي بدأ يميل إلى دعم عون ولو أنه رفع من سقف شروطه متحججاً بأنّ انتخاب قائد الجيش يحتاج إلى تعديل دستوري، وهو شرط من حيث المبدأ صحيح كون عون لا يزال في الخدمة ومفترض أن يكون قد استقال منذ سنتين، ولكن بري كان قد وافق وشرع انتخاب الرئيس السابق ميشال سليمان الذي كان هو ايضا قائداً للجيش عند انتخابه ولم يجر تعديل الدستور له، مع فارق أنّ الحكومة يومها لم تكن مستقيلة. فيما كانت القوات بلسان رئيسها سمير جعجع وهي الحزب الأقوى مسيحياً تميل إلى دعم عون إضافة إلى أطراف أخرى، والمعارض الوحيد والمعلن كان التيار العوني بلسان رئيسه جبران باسيل وأيضاً “حزب الله” الذي لم يكن موقفه معلناً، إلا مؤخراً. فقد أعلن وفيق صفا عدم معارضة الحزب لقائد الجيش وإنما لجعجع، وكانه أراد البحث عن خصم كبدل عن ضائع للتصويب عليه، علماً أنّ رئيس القوات ليس مرشحًا.
وفيما بدا أنّ الخارج من دول عربية وغربية مثل الولايات المتحدة وفرنسا تدعم ترشيح عون بدأ التركيز فجأة على معارضة بري له وكثر الكلام عن رفض جعجع لقائد الجيش وطرح اسمه كمرشح، فيما تعلن كتلة جنبلاط تأييدها لعون وكذلك الكتائب. وعاد الكلام بقوة عن معارضة الثلاثي امل-حزب الله- التيار، الذي عاد على ما يبدو إلى قواعده، من شأنه ان يطير نصاب جلسة الانتخاب إذ بإمكانه أن يجمع أكثر من 42 نائباً.
ويبقى السوال المفصلي كيف يمكن أن يلتقي جعجع مع الثلاثي الممانع على رفض ترشيح من تدعمه دول إقليمية، وتحديداً خليجية، ودول كبرى؟ أم إنها لعبة تقف وراءها واشنطن؟… وهل يقصد بري في معارضته الظاهرة أن يحصل مكاسب لضمان استمراره في السلطة التشريعية خلال المرحلة القادمة لأنه ربما يستشف أنّ الإدارة الأميركية الجديدة ستكون أكثر عدوانية واندفاعاً إلى جانب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو؟ أم أنه يريد أن يثبت نفسه كزعيم شيعي أوحد تجاه الحزب الذي يحتاج إليه الآن، وهو الذي لم يقطع اتصالاته وخيوط العلاقة مع الإدارة الحالية، وما زال يفاوض على مسألة الحدود البرية مع إسرائيل؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
الرئيس يحتاج إلى “هواء نظيف” في السراي | “تنافس” على إرضاء ترامب بتأجيل الانتخابات الرئاسية | هل تؤدّي مناورة بري إلى تأجيل الجلسة؟ |