من جوزف إلى جوزاف!
بلا فخامة، ولا سيادة، ولا ألقاب… إسمح لنا أن نخاطبك يا جوزاف، لنقول لك أنك كنت تأمر نحو خمسين ألف جندي وبات لديك الآن عشرة أضعاف ذلك العدد من الجنود الملتزمين بخيارهم الذي يجمعهم حول الوطن، وفي داخلهم شوق لا يوصف إلى بلد يشبههم لا يكرههم، وبلد يحتضنهم لا يظلمهم، وبلد يدافع عنهم لا يسلّم رقابهم للميليشيات
كتب جوزف طوق لـ”هنا لبنان”:
بين مواطن “جوزف” ورئيس “جوزاف” (مع حرف الألف)، غريب كيف أنّ حرفاً زائداً أو ناقصاً يخلق الفارق بين اسمين من المفروض أن يكونا متطابقين بالجوهر… والأغرب هو تطابق كنية رئيس الجمهورية الحالي “عون” مع كنية الرئيس السابق “عون”، لا يختلفان بأي حرف أو تفصيل، ولكن كلنا أمل ألّا يتطابقا لا في الجوهر ولا في الأداء ولا حتى النتائج.
بلا فخامة، ولا سيادة، ولا ألقاب… إسمح لنا أن نخاطبك يا جوزاف، لنقول لك كم كنّا منذ سنين قليلة نخاف “عون” فعشنا مهزومين ومأزومين ومكسورين ومفجّرين ومنهوبين من السيادة والحرية والاستقلال… ونتطلع اليوم إلى “عون” جديد لا يحيي الأموات ولا يشفي العميان، بل ينظر إلى وجوه الأمهات ليمسح عن خدها دمعة، ويربّت على أكتاف الآباء لينفض عنها غبرة، ويمسك يد الشباب والصبايا ويعيدهم من على أبواب الطائرات، وينظر في عيون الأطفال بوعود دراسة وطبابة وحقوق.
أنت كنت قائداً ثم أصبحت رئيساً… كنت تأمر نحو خمسين ألف جندي ملتزمين ببدلة مرقّطة وموحّدة حصراً في الدفاع عن لبنان، وبات لديك الآن عشرة أضعاف ذلك العدد ولكنهم جنود مختلفون، جنود لا يبحثون عن الاختلافات في أسمائهم والفوارق في طوائفهم والتفاصيل في معتقداتهم، جنود ملتزمون بخيارهم الذي يجمعهم حول الوطن، خيارهم الصادق لا الديني والطائفي، خيارهم الصريح لا المناطقي والعائلي، خيارهم الشجاع لا التبعي والمتزلّف… عشرات وعشرات آلاف اللبنانيين في الطرقات وفي المصانع والحقول، وفي الإعلام والمنتديات و”السوشل ميديا”، وفي المدارس والجامعات والمستشفيات، موزّعون بين لبنان والعالم، وفي داخلهم شوق لا يوصف إلى بلد يشبههم لا يكرههم، وبلد يحتضنهم لا يظلمهم، وبلد يدافع عنهم لا يسلّم رقابهم للميليشيات.
بعد خطاب القسم في البرلمان، بتنا نعلم أننا لسنا ممن يطبّلون لرجل إسمه جوزاف، بل نصفّق لمشروع ومتمسكون بوعود وبنود وخارطة طريق.
عبارة “ما خلونا” لن نسمح بأن تكون جزءاً من رئاستك، لأننا من كثرة معاناتنا مصمّمون “ما نخلّيك” وحدك، وأن ندافع عن كل قراراتك التي تصبّ في صالحنا العام. سنملأ المنابر وشاشات التلفزيونات والصحف الورقية والرقمية وووسائل التواصل لنكسر جناح المعطّلين ونفضح المعرقلين ونهاجم الفاسدين والكاذبين، حتى لا نترك قوة عند أي طرف يرغب في ألا “يخلّيك” تطبق كل بند من بنود القسم، وفوقه أكثر وأكثر من الخطوات الضرورية لحبيبنا لبنان.
وإذا كان شعار الجيش “نفّذ ثم اعترض”، فنرجو منك أن تطبّق في قصر بعبدا شعار “سَمِّ من يعترض”… إفضح بالأسماء جميع المعطّلين والمعرقلين والمخرّبين، أعطنا أسماءهم فقط واترك علينا نحن خوض معارك بناء البلد من خلفك، ببواريد إعلامنا ومدافع مؤسساتنا وصواريخ استثماراتنا، سنكون نحن جنود معركة استعادة لبنان المسلوب من الزعران.
واتسمح لنا أن نمون عليك بطلب، فلا تنسى شباب وصبايا لبنان، هؤلاء الجميلين بشهاداتهم وثقافتهم ووطنيتهم… انتزعهم من براثن الأحزاب المتعفّنة وانثرهم في المناصب من حولك بدلاً من “الزقّيفة والمطبّلين”، امنحهم فرصة المشاركة في تصميم مستقبل البلد، وهندسة مشاريعه، ودوزنة صورته، وعصرنة هويته التي ملّت من السياسات العجوزة.
ومهما اختلفت أسماؤنا ومهما تبدّلت كنياتنا، هناك كثيرون بيننا، كثيرون جداً يتشابهون معك يا رئيسنا بتصميم فستان عرس جمهورية ننتظر موعده بفارغ الصبر.
مواضيع مماثلة للكاتب:
الدعارة الأهلية! | وزير الزفت | “بابا نويل” ليس شيعياً! |