الرئيس يحتاج إلى “هواء نظيف” في السراي


خاص 13 كانون الثاني, 2025

الرئيس جوزاف عون اليوم أمام خطوة جريئة ومفصلية تحدد انطلاقة عهده ومصير ما طرحه في خطابه الإصلاحي الطموح، إنّه اختيار رئيس حكومة إصلاحي وتجديدي، لا يريح الرأي العام فقط بل يحدث قفزة نوعية باتّجاه الخروج من مستنقع الشلل والأزمات التي يعاني منها اللبنانيون منذ عشرات السنين


كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:
لا شك أنّ انتخاب جوزاف عون رئيساً للجمهورية يعتبر إنجازاً لم يكن محسوماً نظراً للحسابات والمصالح الفئوية الضيقة، سواء الداخلية أو الإقليمية، كما يشكل بارقة أمل لمعظم اللبنانيين التواقين إلى استعادة هيبة الدولة وقرارها الحر وإلى سيادة القانون ومحاربة الفساد الذي يجيده إلى حد كبير الرئيس الجديد خلال فترة سنوات قيادته للمؤسسة العسكرية، رغم أنّ كثيرين لا يحبذون انتقال العسكر إلى القيادة السياسية للبلاد، والذي بدأ يتكرس كعرف مع انتقال رابع قائد للجيش إلى رئاسة الجمهورية. وكي لا نتوقف عند نهج وسلوك جوزاف عون خلال فترة وجوده في اليرزة وبعدها، لا بل محاربته المحسوبية والزبائنية، وعدم مسايرته حتى من أتى به إلى قيادة الجيش، يكفي النظر إلى ما جاء في خطاب القسم عند انتخابه، والذي وضع فيه “الإصبع على جرح” كل المشاكل التي حولت الدولة إلى “لا دولة” على المستويات كافة، وتحكّم الدويلة بمصير اللبنانيين سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً!
إنّ ما جاء في خطاب القسم هو أصدق تعبير عن نوايا وعزم الرئيس الجديد الذي على ما يبدو لن يساوم على مواقف أساسية مثل السيادة والحرية وأحقية الدولة في فرض نفسها وعلى أحادية استعمالها للسلاح، وكذلك في محاربة الاحتكار والفساد وكيفية حل أزمة مالية حادة ومصيرية مثل ودائع اللبنانيين. والأهم أنه لم يقدم أي مساومة أو تنازل عن قناعاته لمن حاول ابتزازه من أجل التصويت له، بالأخص في قضايا لا تتعلق به وحده مسألة الدفاع عنها وحمايتها والثبات عليها.
لذلك، فهو اليوم أمام خطوة جريئة ومفصلية تحدد انطلاقة عهده ومصير ما طرحه في خطابه الإصلاحي الطموح. إنه خيار أي رئيس حكومة وأي حكومة كسلطة تنفيذية منوط بها المشاركة والسهر على تنفيذ برنامج العهد الإصلاحي. اختيار رئيس حكومة إصلاحي وتجديدي، لا يريح الرأي العام فقط ويشجع الناس المتعطشة إلى التغيير على استعادة حقوقها ومصالحها، وعلى استعادة ثقتها بالدولة، إنما يعكس أيضاً قدرة الطاقم الحاكم على إحداث قفزة نوعية باتجاه الخروج من مستنقع الشلل والأزمات التي يعاني منها اللبنانيون منذ عشرات السنين مثل الكهرباء التي خلفها مافيا النظام الأمني السوري- اللبناني والتهريب على مختلف أنواعه وأشكاله وغيرها من المشاكل. لذلك لا يمكن العودة إلى حكومات المحاصصة والمحسوبيات والتنفيعات المتبادلة، الحكومات التي تشارك فيها معظم القوى السياسية باسم بدعة “الوحدة الوطنية” وتختصر العمل السياسي وتشل المجلس النيابي الذي لا يمارس لا الرقابة ولا المحاسبة طالما أنّ معظمهم يشارك في السلطة التنفيذية. فمن يحاسب من ومن يراقب من؟ اما القرارات السياسية تجاه الحوار والإقليم فهي متروكة لرغبة ومصلحة “حزب الله” الذي ينفذ ما تريده إيران كما فعل منذ سنوات بتدخله في سوريا والعراق واليمن، وكما فعل مؤخراً بإغراق لبنان في حرب عبثية عبر مشاركته بما أسماه “مساندة غرة” والتي أدت إلى تدمير لبنان وإيقاع آلاف الضحايا، ودمّرته في النهاية. وبعد كل ذلك وقف رئيس الحكومة ليقول إنّ “قرار الحرب والسلم ليس في يد الحكومة”. رئيس الحكومة هذا الذي يتحمل المسؤولية منذ أكثر من ثلاث سنوات رغم أنّ حكومته مستقيلة بحكم الدستور لأنّ شريكه-المضارب التيار العوني الباسيلي يشارك في التعطيل وإفراغ رئاسة الجمهورية ولكنه يعارض في العلن ويقاطع الحكومة ورئيسها، فيما مسرحية الشلل مستمرة.
والحكومة ليست فقط رئيسها وهي أيضاً وزراء يتمتعون بالكفاءة والنزاهة ولا يسعون إلى تأمين مصالحهم أو منافع مناصريهم أو أبناء طائفتهم. بمعنى آخر لا يجب أن يعود إلى الحكومة كل من يشارك في الحكومة الحالية ومن شارك في سابقاتها من قبل.
يحتاج العهد الجديد إلى شريك يشاطره كل هذه القناعات والخطط، شريك لا يخجل حاضره ولا من ماضيه، وعنده الإرادة للعمل على استعادة الجمهورية التي تحولت إلى مزرعة محسوبيات في السنوات الأخيرة.

إنّ لبنان قد تحرر من الاحتلالين السوري ثم الإيراني، إنها الفرصة السانحة كي يتمكن الرئيس من إخراج لبنان من هذا المستنقع السياسي الآسن بانتظار تغيير القانون الانتخابي!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us