إعادة الإعمار في لبنان “قاب قوسين”.. وفرصة أمام القطاع العقاري
بعد الحرب الإسرائيلية التي خلّفت أضرارًا جسيمة في البنية التحتية والممتلكات، تبرز إعادة الإعمار كفرصة كبيرة للنهوض بالقطاع العقاري، إلّا أنّ تحقيق هذه الفرصة يتطلب مواجهة تحديات عدة، أهمها تأمين التمويل وتنظيم العمليات الإنشائية
كتبت ناديا الحلاق لـ”هنا لبنان”:
بعد إتمام الاستحقاق الرئاسي بانتخاب القائد جوزاف عون رئيساً للجمهورية، وتسمية النواب نواف سلام رئيساً للوزراء تسلك الحكومة الجديدة طريق التعافي السياسي والاجتماعي والأمني والإصلاح الاقتصادي وإعادة إعمار ما دمرته الحرب وهو ما سينعكس ايجاباً على القطاع العقاري اللبناني الذي يشكل أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد الوطني، حيث يلعب دورًا بارزًا في تحقيق النمو وتشغيل اليد العاملة.
وبعد العدوان الإسرائيلي الذي خلّف أضرارًا جسيمة في البنية التحتية والممتلكات، تبرز إعادة الإعمار كفرصة كبيرة للنهوض بهذا القطاع. إلا أنّ تحقيق هذه الفرصة يتطلب مواجهة تحديات عدة، أهمها تأمين التمويل وتنظيم العمليات الإنشائية.
وفي هذا الإطار يرى الخبير الاقتصادي البرفسور بيار الخوري في حديثه لـ “هنا لبنان” أنّ “إعادة الإعمار تخلق طلبًا هائلًا على البناء، مما يحرك القطاع العقاري ويزيد الطلب على المواد الإنشائية والخدمات العقارية، ما يساهم في تنشيط السوق العقارية وظهور فرص استثمارية جديدة في المناطق المتضررة والجوار. وبذلك، يشكل القطاع العقاري فرصة هامة لتشغيل اليد العاملة، إذ يعتمد بشكل كبير على العمالة المحلية. ستفتح عمليات إعادة الإعمار إذًا المجال لتوظيف الآلاف من العمال في مختلف التخصصات مثل البناء والهندسة والإدارة، مما يساهم في الحد من البطالة، خاصة في المناطق المتضررة”.
ويضيف: “مع ذلك، لا يمكن إغفال المخاطر التضخمية التي قد ترافق إعادة الإعمار إذا تم تنفيذها بسرعة كبيرة ودون تخطيط مدروس. زيادة الطلب على المواد الإنشائية والخدمات في فترة قصيرة قد تؤدي إلى ارتفاع أسعارها بشكل كبير، مما يزيد من تكاليف البناء ويضع ضغطًا إضافيًا على الاقتصاد. كما أن تدفق الأموال بشكل مفاجئ دون رقابة كافية قد يعزز التضخم ويؤثر سلبًا على القوة الشرائية للمواطنين، مما يتطلب سياسات نقدية ومالية متوازنة لتجنب هذه التداعيات”.
ويتوقع الخوري أن “تسهم عملية إعادة الإعمار في تحريك العجلة الاقتصادية، ليس فقط من خلال القطاع العقاري، بل أيضًا عبر القطاعات المرتبطة كالصناعة والخدمات. هذا التحفيز للإنفاق العام والخاص يعزز الدورة الاقتصادية ويسهم في تحسين مستويات النمو”.
ويقول: “لقد ساهم انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس للحكومة في خلق أجواء من الاستقرار السياسي النسبي في البلاد، وهو ما أعاد الأمل في استعادة الثقة الإقليمية والدولية بلبنان. هذه التطورات شكلت عاملًا أساسيًا لجذب المانحين والمستثمرين، ما يعزز القدرة على تمويل عملية إعادة الإعمار. مع ذلك، يبقى التعاون مع المجتمع الدولي وإظهار جدية الإصلاحات أمرًا حاسمًا لإعادة تدفق الأموال المفقودة واستعادة موقع لبنان على الخارطة الاقتصادية الإقليمية والدولية”.
إلا أنّ هذه الجهود تواجه تحديات أساسية، أبرزها الحاجة إلى تأمين تمويل كافٍ. يعتمد نجاح عملية الإعمار على دعم المانحين والمؤسسات الدولية، مثل البنك الدولي وصناديق الإعمار الإقليمية، مع ضمان الشفافية في استخدام الأموال المخصصة لهذه المشاريع وتعزيز الرقابة عليها. كما يجب تقديم حوافز للمستثمرين المحليين والدوليين لدخول السوق العقارية اللبنانية. بحسب ما يؤكده الخوري.
إلى جانب ذلك، يلفت الخوري الى أنّ “الدولة تحتاج إلى وضع سياسات تنظيمية واضحة لتوزيع الأراضي وتراخيص البناء وتقديم تسهيلات ضريبية للمطورين والمستثمرين. ولا يمكن إغفال أهمية التعليم والتدريب في هذا المجال، حيث يجب استحداث برامج تدريبية مهنية لرفع كفاءة اليد العاملة المحلية، مع إشراك الجامعات والمعاهد التقنية في إعداد جيل متخصص في الهندسة والبناء”.
ويتابع: “تعافي القطاع العقاري سيؤدي إلى تحسين مستويات النمو الاقتصادي وتعزيز ثقة المستثمرين في لبنان. كما أن إعادة الإعمار ستعطي دفعة للبنية التحتية، مما ينعكس إيجابيًا على القطاعات الأخرى كالزراعة والصناعة. ويمكن أن تساهم زيادة النشاط العقاري في استقرار العملة المحلية وتحفيز التدفقات المالية. إذا ما تم استغلال هذه الفرصة بشكل صحيح، فإنّ إعادة الإعمار لن تكون فقط وسيلة لتعويض الخسائر، بل نقطة انطلاق جديدة نحو تحقيق تنمية شاملة ومستدامة”.
من جهته يقول الكاتب الاقتصادي باسل الخطيب أنه “ومع الكم الهائل لأضرار البنى التحتية والابنية والمؤسسات والمكاتب والمنازل التي تضررت من جراء الحرب الاسرائيلية على لبنان، بات من الضروري البدء بورشة إعادة الاعمار بعد تضرر 250 ألف وحدة سكنية تقريباً. الأمر الذي يتطلب الكثير من التمويل، لذا على الحكومة اللبنانية أن تضع مشاريع إعادة الإعمار على جدول أعمالها بعد أن تعمل على إعادة تنظيم القطاع المالي والمصرفي واستعادة الثقة وإعادة تكوين السلطة وبعدها إعادة الإعمار، وطبعاً من خلال تأمين التمويل من الدول الصديقة والعربية والدول المانحة والمجتمع الدولي والهيئات المانحة، الأمر الذي سيدخل العملة الصعبة إلى البلاد”.
ويضيف: “إعادة الإعمار ستدخل مليارات الدولارات إلى لبنان ما سيحرك القطاع العقاري والذي سيحرك معه 70 مهنة تقريباً”.
ويعتقد الخطيب أنّ “نسبة النمو في القطاع قد تتعدى الـ 10% خصوصاً إن سارت الأمور كما يجب واستعيدت الثقة بلبنان ما سيزيد عدد المستثمرين الأجانب ويؤدي إلى النهوض بالبلاد”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
مع انتخاب رئيس للجمهورية.. هل ينتعش الاقتصاد؟ | جوزاف عون حسمها في خطاب القسم.. و”الحزب” سيسلّم سلاحه! | تجار طرابلس: الأسواق ترزح تحت ضغط الأزمات.. وعودة النازحين السوريين تشلّ المبيعات |