إتفاقية وقف إطلاق النار: سلام هش أم فخ دائم؟


خاص 17 كانون الثاني, 2025

يبدو “الحزب” غير مستعدّ للتخلي عن استراتيجيته العسكرية التي تتعارض مع مصالح الدولة اللبنانية، بل يواصل استخدام الجنوب كمنصة ضغط على الداخل اللبناني وعلى القوى الدولية، ما يضع لبنان بأكمله في مرمى التهديدات الإسرائيلية ويدفعه نحو مزيد من الدمار. إذ تستغل إسرائيل هذا الواقع لتبرير خروقاتها متذرّعة باستمرار وجود الخطر على أمنها وحدودها

كتب جوني فتوحي لـ”هنا لبنان”:

منذ انتهاء الحرب وتوقيع اتفاقية وقف إطلاق النار، ما زال حزب الله يشكل عقبة رئيسية أمام استقرار جنوب لبنان وتطبيق القرارات الدولية. فرغم تعهد الدولة اللبنانية بتفكيك البنى العسكرية غير الشرعية وسحب الأسلحة الثقيلة إلى شمال الليطاني، لا يزال حزب الله يحتفظ بوجود عسكري في الجنوب، مما يثير مخاوف جدية حول جدية التزامه بتلك القرارات.

وما يزيد من تعقيد المشهد هو أنّ حزب الله يبدو غير مستعد للتخلي عن استراتيجيته العسكرية التي تتعارض مع مصالح الدولة اللبنانية. بل إنه يواصل استخدام الجنوب كمنصة ضغط على الداخل اللبناني وعلى القوى الدولية، ما يضع لبنان بأكمله في مرمى التهديدات الإسرائيلية ويدفعه نحو مزيد من الدمار. في الوقت نفسه، تستغل إسرائيل هذا الواقع لتبرير خروقاتها متذرعة باستمرار وجود الخطر على أمنها وحدودها.

دياب: وضع حزب الله اليوم محرج

وفي هذا السياق، أشار الصحافي يوسف دياب لـ”هنا لبنان” إلى أنّ “هناك أكثر من سبب لعودة المواجهات وعدم انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية. من بين هذه الأسباب أنّ حزب الله لا يفي بوعوده بشأن تفكيك قدراته العسكرية ونقلها إلى شمال الليطاني. إسرائيل تعتقد أنّ حزب الله لا يزال يحتفظ بمراكز عسكرية، وأن الجيش اللبناني يفتقر إلى الدينامية في تفكيك هذه البنى العسكرية وسحب المقاتلين، مما يجعل الخطر الأمني قائماً”.

وأضاف: “ربما تكون هذه ذرائع لدى إسرائيل لتمديد الاتفاق لـ60 يوماً إضافية. لذلك، يتوجب على الحكومة الجديدة تنفيذ القرار 1701 وتطبيق القرارات الدولية لنزع الذرائع من يد إسرائيل، مما يدفعنا باتجاه تنفيذ اتفاقية وقف إطلاق النار بشكل كامل. كما يجب على الدولة اللبنانية أن تلتزم بما تعهدت به، وإذا حصلت خروقات أو تعديات من قبل إسرائيل، فإنها ستكون الطرف المنتهك أولاً أمام أنظار اللجنة الخماسية المشرفة على تنفيذ الاتفاقية، وثانياً أمام أنظار المجتمع الدولي”.

وقال دياب: “أعتقد أنّ إسرائيل خرقت الاتفاق عدة مرات، وهذا متوقع. لكن حزب الله اليوم ليس من أولوياته العودة إلى المواجهات، لأن وضعه محرج للغاية، حيث إنّ إسرائيل تتمادى في انتهاكاتها، ووقف إطلاق النار يتم من طرف لبنان. لكن حزب الله ليس لديه خيارات أخرى، وهو يمارس ضغوطاً على الدولة اللبنانية للتواصل أكثر مع الجانب الأميركي والمجتمع الدولي. برأيي، حزب الله لا يملك القدرة على فتح حرب أخرى. لقد كان حريصاً على وقف إطلاق النار بأي ثمن، وهو يعلم تماماً أنّ اتفاقية وقف إطلاق النار تصب في مصلحة إسرائيل أكثر من لبنان أو مصلحته، ومع ذلك قَبِل بها. لذلك، حتى لو استمرت إسرائيل في اعتداءاتها أو خروقاتها، فإن هذا الوضع أفضل بكثير من عودة الحرب وما يترتب عليها من دمار للبنان”.

ولفت: “لا أعتقد أن وصول ترامب سيسمح لإسرائيل بوضع شروط جديدة أكثر تشدداً. فالقرار 1701 واضح، وهو يتضمن بنوداً من القرار 1559 الذي ينص على نزع سلاح حزب الله وكل التنظيمات المسلحة في لبنان، بما فيها الفصائل الفلسطينية وغير الفلسطينية، داخل المخيمات وخارجها. بالتالي، لا حاجة لقرارات أو ضغوط جديدة. حزب الله ملزم بتنفيذ هذا الاتفاق سواء قبل أو بعد وصول ترامب. ومع ذلك، إذا تلكأ في هذا الموضوع، فسيكون هناك ضغط دولي كبير، خصوصاً من الولايات المتحدة وإسرائيل، لإجبار لبنان على تنفيذه ونزع كل سلاح غير شرعي وحصر السلاح بيد الجيش اللبناني والقوى الأمنية الشرعية”.

قصير: حزب الله استعاد عافيته العسكرية

في المقابل، أشار الكاتب والمحلل السياسي قاسم قصير لـ”هنا لبنان” إلى أنه: “لا توجد عوامل أو أسباب تبرر لإسرائيل تمديد وقف إطلاق النار. فالاتفاق ينص على انسحاب الجيش الإسرائيلي خلال 60 يوماً. وإذا لم ينسحب خلال هذه الفترة، يكون قد أخل بالاتفاق. بالطبع، العدو يلجأ إلى حجج وذرائع، مثل عدم انتشار الجيش اللبناني أو وجود مسلحين تابعين لحزب الله. لكن الجيش اللبناني يؤكد استعداده للانتشار في الجنوب، وحزب الله يعلن نيته الانسحاب من جنوب الليطاني. ووجود أبناء الجنوب المؤيدين لحزب الله طبيعي، ولا يمكن استخدامه ذريعة لعدم تنفيذ الاتفاق”.

وأضاف: “انتخاب رئيس الجمهورية يؤدي إلى انتظام المؤسسات الدستورية وتشكيل حكومة. وبذلك، تصبح مسؤولية متابعة تنفيذ وقف إطلاق النار ملقاة على عاتق رئيس الجمهورية والحكومة الجديدة، مما يلغي أي حجة تتعلق بعدم الالتزام بسبب غياب سلطة دستورية”.

وقال قصير: ” ليس فقط حزب الله، بل الجيش اللبناني واللجنة الدولية والحكومة اللبنانية صرّحت بأن الاتفاق قد خُرق مئات المرات في الأيام الماضية. حزب الله لديه القدرة على الرد، لكنه حتى الآن يترك متابعة الانتهاكات وعدم تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار للجيش اللبناني واللجنة الدولية. وقد صرّح بعض مسؤولي حزب الله بأنهم استعادوا عافيتهم العسكرية، وهذا الموضوع يرتبط بالقدرات والإمكانات وظروف أي تطور قد يحدث في الجنوب”.

ولفت: “هذا الموضوع لا يرتبط بوصول ترامب أو عدمه إلى سدة الرئاسة، بل هو مرتبط بقوة لبنان وقدراته. إسرائيل وافقت على وقف إطلاق النار ليس فقط بسبب الضغوط، بل أيضاً بسبب وجود خلل في بنيتها العسكرية والتقنية خلال مواجهتها مع المقاومة. وأي بقاء للقوات الإسرائيلية في جنوب لبنان سيؤدي إلى مواجهة، ليس فقط مع حزب الله، بل مع كل اللبنانيين”.

وأضاف قصير: “لا يمكننا معرفة نوايا إسرائيل، لكن هناك خرائط تُنشر من قبل الإسرائيليين تشير إلى رغبتهم في البقاء في لبنان بشكل دائم واحتلال الأراضي اللبنانية. لكن هذا لن يكون في مصلحة إسرائيل أو أميركا، لأن هذا سيؤدي إلى ظهور مقاومة لبنانية جديدة لا تقتصر فقط على حزب الله”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us