لبنان على طريق التعافي ومفاعيل الدعم الدولي والعربي بدأت تباشيرها تظهر تباعاً
ما كانت تقدمه الدول العربية سابقاً للبنان من دون أي التزامات أصبح اليوم مشروطاً، إذ أكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان من دافوس على أهمية تحقيق إصلاحات حقيقية لدعم استقرار البلاد وتنميتها.
كتبت شهير إدريس لـ”هنا لبنان”:
منذ سريان مفعول إتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل الذي حصل بدعم دولي وبرعاية أميركية وفرنسية وبعد إنتخاب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وتكليف رئيس الحكومة نواف سلام بإنتظار تشكيل الحكومة العتيدة، بدأت ملامح الوعود بمساعدة لبنان تظهر إلى العلن وبرزت معالم مهمة تؤكد على المواكبة الدولية للبنان في كل الإستحقاقات، والإلتزام بدعم الجيش اللبناني لتنفيذ التزاماته وفق ما تنص عليه القرارات الدولية.
وأول الغيث إعلان الاتحاد الأوروبي عن تقديم مساعدة بقيمة 60 مليون يورو أي ما يعادل 62 مليون دولار للجيش اللبناني الذي يلعب دوراً أساسياً ومحورياً في الأمن والإستقرار، وهذا ما أكدت عليه مفوّضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس التي أشارت إلى أنّ الدعم يأتي “في لحظة حرجة لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل”. وتخصص هذه المساعدة لتغطية إنتشار الجيش اللبناني في الجنوب لمدة ثلاث سنوات، وستشرف فرنسا وإيطاليا وليتوانيا على كيفية إنفاقها.
وقبل أسبوع كان لزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان وقعها لجهة التأكيد على دعم القيادة الجديدة للبنان معلناً عن عقد مؤتمر دولي في باريس للمساعدة في إعادة الإعمار ودعم الجيش والقوى الأمنية لتنفيذ إتفاق وقف إطلاق النار بعد الحرب التي إستمرت لأكثر من عام.
المساعدات الأوروبية الجديدة وإلتزام فرنسا المتكرر، يضاف إلى الدعم الأمني الذي تعهدت الولايات المتحدة الأميركية بتقديمه للبنان الأسبوع الماضي خلال إجتماع المانحين الدوليين الذي نظمته الخارجية الأميركية وقيمته 117 مليون دولار، يخصص للقوات المسلحة اللبنانية لا سيما الجيش وقوى الأمن الداخلي والتي ستساعد على ضمان سيادة لبنان على كامل أراضيه ومن أجل التنفيذ الكامل لوقف الأعمال الحربية مع إسرائيل ومندرجات القرار 1701.
وقد رفعت الولايات المتحدة الأميركية مستوى الدعم العسكري للجيش اللبناني، على صعيد الأسلحة النوعية وحجم المساعدة العسكرية ، لجهة تزويده بأنظمة عسكرية متطورة وأسلحة وعتاد ستساعد الجيش على بناء قدراته الثابتة والقوية من أجل القيام بعمليات حماية الحدود ومكافحة الإرهاب.
وتعد الحزمة الجديدة من المساعدات، الأكبر من حيث قيمتها وتقديمها دفعة واحدة، وكانت واشنطن قد أعلنت خلال الحرب الأخيرة على لبنان عن مبلغ قدره 157 مليون دولار من المساعدات الإنسانية لدعم السكان المتضررين من الصراع في لبنان والمنطقة، وسيعالج هذا التمويل الاحتياجات الجديدة والحالية للنازحين داخلياً واللاجئين داخل لبنان والمجتمعات التي تستضيفهم.
وفي هذا الإطار أكدت مصادر أميركية متابعة لموضوع المساعدات لموقع “هنا لبنان” أنّ الولايات المتحدة ورئيسها دونالد ترامب ولا سيما الإدارة الجديدة ملتزمة بدعم لبنان خصوصاً بعد جهوده وموافقته على اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان وفي غزة، على الرغم من أن أولويات ترامب مساعدة الداخل الأميركي وتوقيعه أمراً تنفيذياً يتعلق بالمساعدات الأميركية الخارجية يقضي بتعليق جميع برامج المساعدات الخارجية الأمريكية مؤقتاً لمدة 90 يوماً، لحين إجراء مراجعات لتحديد مدى توافقها مع أهداف سياساته، مشيراً إلى أنه “لن يتم صرف أي مساعدات خارجية أمريكية بشكل لا يتماشى تماماً مع السياسة الخارجية لرئيس الولايات المتحدة”، ويشير المصدر إلى أن هذه السياسة تعتبر سياسة العصا والجزرة أي أنّ على الدول التي تنال هذه المساعدات القيام بما عليها من واجبات ومنها لبنان الذي عليه بذل الجهود من أجل القيام بالإصلاحات المطلوبة من خلال حكومة قادرة، والإلتزام بتنفيذ القرارات الدولية وأهمها القرار 1701 وإتفاق وقف إطلاق النار ومن بنوده ابتعاد «حزب الله» عن الحدود جنوب الليطاني، ونزع سلاح كل المجموعات المسلحة في لبنان وحصره بالقوى الشرعية دون سواها، وتعتبر المصادر الأميركية أنّ مسألة العقوبات لا تزال حاضرة في حال عدم الإلتزام وموضوع المساعدات مؤجل حالياً ويتوقف البت به على تكوين تركيبة الإدارة الجديدة عبر التعيينات المطلوبة وكيفية إدارة السلطة السياسية .
جرعة دعم عربية جديدة سيشهدها لبنان أيضاً وتتمثل بزيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان ووزير الخارجية الكويتي عبد الله اليحيا، إلا أنّ ما كانت تقدمه الدول العربية سابقاً للبنان من دون أي إلتزامات أصبح اليوم مشروطاً إذ أكد بن فرحان من دافوس على أهمية تحقيق إصلاحات حقيقية لدعم إستقرار البلاد وتنميتها، مشيراً إلى أنّ زيارته تأتي من ضمن جهود تعزيز التعاون مع بيروت ودعم مساعي الإصلاح. وتأتي هذه الزيارة للتأكيد بأنّ المملكة العربية السعودية لا تزال تولي لبنان إهتماماً كبيراً مع تبدل المشهد في المنطقة، وسيحمل الوزير السعودي دعوة لرئيس الجمهورية جوزاف عون لزيارة السعودية والتي ستكون المحطة الأولى في زياراته الخارجية، كما أنّ هناك 22 إتفاقية ثنائية بين لبنان والسعودية جاهزة للتوقيع تشمل مجالات التعاون الإقتصادي والتنموي والتعاون المتبادل، كما أنها تؤسس لشراكة استراتيجية مع السعودية وهذه الإتفاقيات ستوقع من قبل الوزراء الجدد في الحكومة العتيدة التي من المتوقع أن تشكل سريعاً.
الدعم الدولي والعربي المتوالي للبنان يؤكد مرة جديدة على استعادته الثقة التي فقدت بسبب السياسات الماضية والتي أدخلته في أزمات سيحاول تجاوزها من خلال إستعادة هيبة الدولة وإتخاذ قرارات إصلاحية جريئة.