أعلام “الحزب” التي لن تحرر الجنوب


خاص 27 كانون الثاني, 2025

حان الوقت لكشف الوجه الحقيقي لحزب يتستر بالعلم الأصفر ويتطلع إلى إعادة عقارب الزمن إلى ما حدث بعد حرب عام 2006. وسيبقى خلاص لبنان معلقاً بعلم لبنان وحده لا غير حيث لا أصفر ولا من يحزنون

كتب أحمد عياش لـ”هنا لبنان”:

سقطت مهلة الـ 60 يوماً التي نصّ عليها اتفاق وقف إطلاق النار في جنوب لبنان. ومر يوم أمس الأحد الأخير ضمن هذه المهلة وبقيت مناطق الحافة الحدودية الجنوبية بيد الاحتلال. وأطل اليوم ، في بداية مسار لتطبيق الاتفاق من دون وجود موعد جديد.

أراد “حزب الله” أن يقول إنه عاد إلى جنوب الليطاني لكن تحت ستار الأعلام الصفراء. وتعمّد أن لا يرتفع العلم اللبناني . وتتجاوز هذه الظاهرة الصفراء حدود المظاهر لتشير إلى أنّ الذراع الإيرانية ما زالت خارج الانتماء لعلم الوطن الذي يجسده اليوم الجيش اللبناني.

يقف اللبنانيون مع مواطنيهم الذين ما زالوا يتطلعون للعودة الى قرى الحافة الامامية التي غادروها تباعاً منذ 8 تشرين الأول عام 2023 عندما قرر الأمين العام السابق لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله فتح جبهة “الإسناد” ضد إسرائيل. فأدّت هذه الجبهة التي كان عنوانها نصرة حرب حركة “حماس” في غزة ، إلى تحويل مدن وبلدات وقرى الحدود الجنوبية الى نسخة طبق الأصل عن غزة. وتكشف الأشرطة المصورة حتى الآن أنّ هذه المنطقة الحدودية غارقة في دمار هائل. وستتضح الصورة كاملة عندما يعود كامل الجنوب إلى كنف السيادة الوطنية.

يتطلع لبنان باسره إلى هذا اليوم الموعود الذي يكتمل فيه تنفيذ الاتفاق الدولي الذي دخل حيز التنفيذ في 27 تشرين الثاني العام الماضي ، أي قبل 60 يوماً بالتمام والكمال. ويعتمد لبنان على الجيش الذي بات الجهة الوطنية الوحيدة كي يتحقق حلم بسط سيادة الدولة كاملة على أراضيها بدءا من الجنوب. واتى البيان الذي أصدرته قيادة الجيش – مديرية التوجيه صباح السبت الماضي ليضع النقاط على الحروف. فدعا أولا “مع انقضاء مهلة الستين يومًا التي تلي وقف إطلاق النار… الأهالي إلى التريث في التوجه نحو المناطق الحدودية الجنوبية، نظرًا لوجود الألغام والأجسام المشبوهة من مخلفات العدو الإسرائيلي”. وشدد على “أهمية تحلّي المواطنين بالمسؤولية والالتزام بتوجيهات قيادة الجيش، وإرشادات الوحدات العسكرية المنتشرة، حفاظًا على سلامتهم”.

طوى بيان قيادة الجيش صفحة مهلة الـ 60 يوما. وفتح في الوقت نفسه استعادة السيادة كاملة في منطقة عمليات اتفاق وقف اطلاق النار. وأشار البيان نفسه إلى أنّ الجيش “يواصل تطبيق خطة عمليات تعزيز الانتشار في منطقة جنوب الليطاني بتكليف من مجلس الوزراء، منذ اليوم الأول لدخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وفق مراحل متتالية ومحددة، بالتنسيق مع اللجنة الخماسية للإشراف على تطبيق الاتفاق (Mechanism) وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان – اليونيفيل”.

وخلص البيان إلى الإعلان عن حدوث ” تأخير في عدد من المراحل نتيجة المماطلة في الانسحاب من جانب العدو الإسرائيلي، ما يعقّد مهمة انتشار الجيش، مع الإشارة إلى أنّه يحافظ على الجهوزيّة لاستكمال انتشاره فور انسحاب العدو الإسرائيلي”.

تنطوي العودة المسهبة الى بيان قيادة الجيش في هذه المحطة المهمة في تاريخ لبنان عمومًا والجنوب خصوصا ، على الإشارة إلى أنّ اللبنانيين عموماً والجنوبيين خصوصاً صاروا من الآن فصاعداً مرتبطين بالمؤسسة العسكرية كي يتصرفوا في هذه المنطقة الأخطر عسكرياً. وفشلت بالتالي محاولة “الحزب” تجاوز الجيش للقول إن أهالي مناطق الحافة الحدودية عادوا إلى موطنهم من دون الجيش .وسقطت مع هذه المحاولة الصفراء دفعة واحدة كل الحملة التي نظمها “حزب الله” خلال الأيام الأخيرة قبل انتهاء مهلة الـ 60 يوما. وسعت هذه الحملة تحت عنوان عودة أهالي الحافة الحدودية أمس إليها وبـ”أي ثمن” إلى إظهار حضور “الحزب” مواربة في منطقة جنوب الليطاني بعدما أعلن “الحزب” رسمياً أنه أصبح خارج هذه المنطقة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار.

أعدّ “حزب الله” منذ أسابيع كي يكون 27 كانون الثاني، أي اليوم ، “نصراً إلهياً” جديداً في سياق مقولته التي رددها مراراً الأمين العام الجديد الشيخ نعيم قاسم وهي “ولى زمن الهزائم”. وشرح الأخير مراراً أنّ مفهوم “الانتصار” لديه هو أنّ “الحزب” ما زال على قيد الحياة. لكن حساب “حقل” قاسم لم يطابق بيدر “نتنياهو” فكان تأجيل انسحاب إسرائيل الكامل من الجنوب إلى 18 شباط.

حلم نعيم قاسم وردد في نهاية الأسبوع الماضي فريق من نواب “الحزب” هذا الحلم ، بأن يعود هذا التنظيم من نافذة “عودة الأهالي” إلى مناطق الحافة الحدودية بعدما غادرها إلى شمال الليطاني عبر اتفاق 27 تشرين الثاني الماضي. ضاع هذا الحلم اليوم ولكن لم يضع نهائياً. ويستطيع المرء أن يتأكد مما يبيّته “الحزب” بمتابعة سلوك توأمه في قطاع غزة حيث سعت “حماس” من خلال نافذة تبادل الرهائن والمساجين التي انطلقت أخيراً إلى العودة بالثياب المرقطة والأقنعة إلى قطاع منكوب لم يبقَ فيه باب واقفاً بعد المغامرة المدمرة التي ارتكبتها الحركة في 7 تشرين الأول 2023 .

يعلم “الحزب” أنّ زمن التشاطر على القرارات الدولية وفي مقدمها القرار 1701 قد ولى إلى غير رجعة، مثلما ولى من سوريا فراراً الديكتاتور بشار الأسد إلى الأبد ومعه ولى مشروع الهلال الإيراني من بحر قزوين إلى البحر المتوسط.

ولما يعلم “الحزب” هذه الحقيقة التاريخية، فلماذا يتسلق مجدداً جدار “حق يراد به باطل”؟ أي انه يسعى للظهور على الحدود الجنوبية بلباس “الأهالي”كما فعل مراراً في زمن “الانتصارات” بعد حرب عام 2006؟

تقول تقارير إعلامية أنّ “الحزب” الذي هو في الأصل ولا زال، جزء من أذرع إيران الخارجية ، لن ينال مرتباته الشهرية من طهران إذا فقد وظيفته كـ”ذراع” لطهران. ويتصدر هذه الوظيفة أن يبقى “حزب الله” بالصوت والصورة ناطقًا بالعربية لسياسة تشدد النظام الإيراني ضد العدوين التاريخيين للنظام وفق ما حدده مؤسسه الخميني .

فاتت اليوم فرصة “الحزب” على الحدود الجنوبية. ويتعيّن على لبنان أن يجاهر بأنّ علم “حزب الله” هو صنو المجاهرة بتأييد استمرار الاحتلال الإسرائيلي. ويمكن قراءة ما هو آت في بيان اليونيفيل أمس الذي رسم خريطة طريق على النحو الآتي:”تؤكد اليونيفيل الأهمية الحاسمة للتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي 1701 وترتيبات وقف الأعمال العدائية من خلال الآليات المعمول بها. ويشمل ذلك الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من لبنان، وإزالة أي أسلحة أو أصول غير مصرّح بها جنوب نهر الليطاني، وإعادة انتشار القوات المسلحة اللبنانية في جميع أنحاء جنوب لبنان وضمان العودة الآمنة والكريمة للمدنيين النازحين على جانبي الخط الأزرق”.

حان الوقت لكشف الوجه الحقيقي لـ”حزب” يتستر بالعلم الأصفر ويتطلع إلى إعادة عقارب الزمن إلى ما حدث بعد حرب عام 2006 . وسيبقى خلاص لبنان معلق بعلم لبنان وحده لا غير حيث لا اصفر ولا من يحزنون.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us