استقلالية القضاء في خطاب القسم.. مدماك أساسي لبناء الدولة بعيدا عن التدخلات السياسية والحزبية


خاص 27 كانون الثاني, 2025

لم يسلك أي اقتراح قانون بشأن استقلالية القضاء مساره بفعل التجاذبات السياسية والنيابية والقضائية حتى، وفرملت مساعي بعض النواب في إقرار قانون استقلالية القضاء تحت ذرائع مختلفة، أما تعهد رئيس الجمهورية فمن شأنه أن يفتح نافذة أمل بأن تحظى السلطة القضائية بغطاء دستوري لإحقاق الحق

كتبت كارول سلوم لـ”هنا لبنان”:

ما إن أكّد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون تعهّده بالعمل مع الحكومة المقبلة على إقرار مشروع قانون جديد لاستقلالية القضاء في خطاب القسم عقب انتخابه، حتى قوطع بالتصفيق من قبل النواب في البرلمان، لا سيّما أنّ هذا التعهّد بحدّ ذاته مطلبٌ أساسي في تحقيق العدالة المتوخّاة من دون أيّ تدخّل.

كان موقف رئيس الجمهورية الذي ورد في مقدّمة خطابه بمثابة “ضربة معلّم”، أراد منه التأكيد على أولويّة العمل في هذا الملف بالتحديد. وبالأمس القريب، أعاد التأكيد على الأمر أمام زوّاره، في خطوةٍ تدلّ على رغبته بأن يكون إقرار المشروع إنجازًا لعهدِه.

لم يسلك أيّ اقتراح قانون بشأن استقلالية القضاء مساره، بفعل التجاذبات السياسية والنيابية والقضائية حتى، ففرملت مساعي بعض النواب لإقرار قانون استقلالية القضاء تحت ذرائع مختلفة. أما تعهّد رئيس الجمهورية، فمن شأنه أن يفتح نافذة أمل بأن تحظى السلطة القضائية بغطاء دستوري لإحقاق الحق. إنّما الواضح هو ما ذكره الرئيس عون حول إقرار مشروع قانون جديد.

وكما هو معلوم، فإنّ اقتراح القانون الذي أعدّته “المفكرة القانونية” وقدّمته النائب بولا يعقوبيان عاد ودمج مع اقتراحَي قانونين آخرين بعد مناقشات خلصت إليها لجنة الإدارة والعدل. وعندما أُحيلت الصيغة المعدّلة إلى الهيئة العامة لمجلس النواب، سُحبت. وقتها، نفى وزير العدل هنري خوري أنّه يقف وراء ذلك، وتردّد أنّ الرئيس نجيب ميقاتي هو من طلب ذلك.

ويتضمّن مشروع استقلالية القضاء تمكين القضاة من انتخاب أعضاء مجلس القضاء الأعلى العشرة، بمن فيهم رئيس مجلس القضاء، ما يجعل السلطة القضائية بعيدة عن تأثير السلطة السياسية في التعيينات والمناقلات. أما ملاحظات الوزير خوري، فتركّزت، وفق تصريح له، على “انتخاب أربعة أعضاء، بالإضافة إلى الثلاثة الحكميّين (رئيس مجلس القضاء الأعلى، النائب العام التمييزي، ورئيس هيئة التفتيش القضائي، الذين يعيّنهم مجلس الوزراء)، ثم يقوم الأعضاء السبعة بترشيح أسماء ستة قضاة ممن يتمتّعون بالكفاءة والخبرة، فيقوم مجلس الوزراء باختيار ثلاثة منهم يُعيّنون بمرسوم”.

وأمام هذا المشهد، لم يبصر المشروع النور، وبقيت المطالبة باستقلالية القضاء من دون تجاوب. ولعلّ اليوم، هناك فرصة لإنجاز ما على هذا الصعيد مع عهد الرئيس عون، وفق ما تقول مصادر قضائية عبر موقع “هنا لبنان”، مشيرة إلى أنّ الوقت حان لتحرير القضاء من تدخلات الأحزاب والسياسة، وتصحيح الخلل وتعيين القضاة وفق معايير الكفاءة والنزاهة، وحمايتهم وتوفير ضمانات حول الترقيات والمناقلات والتشكيلات، على أن يقوم مجلس القضاء الأعلى بدوره كما هو منصوص عنه في حماية مصالح القضاة واستقلاليتهم.

وفي تصريح لموقعنا، يقول الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك: “إنّ خطاب القسم لرئيس الجمهورية إثر انتخابه يمكن أن يشكّل مدماكًا من أجل بناء دولة جديدة خارجة عمّا كانت عليه في مرحلة سابقة. الأمر الأساسي الذي تطرّق إليه هذا الخطاب هو موضوع استقلالية القضاء، وهو المدماك الأساسي لبناء الدولة. صحيح أنّ هناك اقتراح قانون اليوم في موضوع استقلالية القضاء، وكان قد عُرض على الهيئة العامة لمجلس النواب واسترده وزير العدل، وحتى تاريخه لم يُقرّ في مجلس النواب أصولاً، ممّا يفيد أنّه يقتضي، ومن أجل قضاء أفضل وعدالة أفضل، الذهاب نحو قانون استقلالية القضاء، يمكن أن يمنح كل متقاضٍ كافة الحقوق والواجبات حتى يتمكّن من تحصيل حقوقه أصولاً”.

وردًا على سؤال، يرى مالك أنّ اقتراح القانون الذي استرده وزير العدل كان كاملًا متكاملًا، وبالتالي في الإمكان الركون إليه إذا كان هناك من داعٍ لإدخال بعض التعديلات عليه. ولكن مبدئيًا، يمكن أن يشكّل المرتكز من أجل قانون عصري لاستقلالية القضاء، ويمكن أن يؤمّن العدالة لجميع المواطنين.

إنجاز مشروع قانون استقلالية القضاء، انطلاقًا من مبادئ دستورية ثابتة، من شأنه أن ينقل القضاء اللبناني إلى ضفة الأمان، حيث لا مكان إلا لصوت القضاة بعيدًا عن الاستجابة لأي طلب صغير أو كبير من أي جهة طائفية أو حزبية أو سياسية أتت.

 

 

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us