هل يُحَرَّرُ الجنوب باستباحة عين الرمانة والجميزة ومغدوشة وصيدا…؟!


خاص 28 كانون الثاني, 2025

أراد “الحزب” أن يُعيد أمجاد الماضي غيْر المشرّف، مستذكرًا يوم العار في 7 أيار 2008، متناسيًا أنّ ذلك الزمن قد ولّى، وأنَّه اليوم مُلْزَمٌ بتطبيق القرار 1701 بمندرجاتِه كافّة، وما قام به هدفه قطع الطريق على تنفيذِ القرار المذكور، ومحاولة مصادرة دور الجيش اللبناني على الأرض. لكنَّ كلّ هذا لن يتحقّق، فالدويلة لم تعد فاعلة من خلال سطوَتِها على الدولة ولم يعدْ للانتصارات أي وجود

كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:

بعد دعوة حزب الله بيئته الحاضنة الاحد الماضي لدخول القُرى الحدودية، بالتّزامن مع انتهاء مهلة الستّين يومًا على تنفيذ وقف إطلاق النار في الجنوب، وبالصّورة التي رُسمت من قبل الحزب، أيّ الدخول بمسيرات سيّارة حاملين الاعلام الصفراء والشّعارات وصورِ زعمائهم، على الرَّغم من معرفتِهم المسبقة بالنتيجة التي أسفرت، بحسب وزارة الصحة، عن سقوط 22 لبنانيًّا جنوبيًّا و134 جريحًا، وسط التهديدات الاسرائيلية المعروفة والمتكرّرة يوميًّا، بإطلاق النّيران على أي شخصٍ يدخل تلك المناطق المغلقة بالسَّواتر الترابية، ومع ذلك أصرّوا على الدخول سيرًا على الاقدام بعد تخطّي حواجز الجيش اللبناني، والطّرقات المقطوعة من قِبَلِ الاسرائيليّين، فدفعوا الأثمانَ الباهظةَ وحدهم، مقابِل أن يعلنَ الحزبُ المزيد من “الانتصارات” وكالعادة بدمِ الجنوبيّين، متناسيًا موافقتِه على ما صدرَ من بنودٍ ضمن اتفاقيةِ وقفِ إطلاقِ النار.

احتفالات “النصر” في المناطق المسيحيَّة!

إلى ذلك، واصل حزب الله الاحتفال بـ”انتصاراته” متوجِّهًا عصر الاحد إلى الضّاحية الجنوبيّة، ليكملَ فرحتَه بما ارتكبَ جنوبًا، مُطلقًا العيارات النّارية العشوائية في اتجاه منطقةِ عين الرمانة والجوار، ورافعًا رايات النّصر ليرتدَّ ليلًا إلى المنطقة المذكورة، حيث حصلَت مشادَّاتٌ وعراكٌ بالأيدي والعصي، سقط على إثرها ثمانية جرحى من جماعة الحزب في الشّارع العريض، وفق معلومات “هنا لبنان”، بعدما تصدّى الاهالي لهم وأجبروهم على المُغادرة. وعلى الأثر، تدخّل الجيش اللبناني وعمل على ضبطِ الوضعِ في المنطقة. كما شهدت منطقتا غاليري سمعان وفرن الشباك أيضًا مسيراتٍ استفزازيةً من قبل مناصري الحزب، ما أدى الى إشكالاتٍ سرعان ما عمل الجيش على فضّها. كما جابت الدرّاجات النّارية مناطق الجميزة والدورة وبرج حمود والجديدة مع إطلاق مقولة: “شيعة شيعة شيعة… وهيهات منا الذلّة”، وإلى ما هنالك من شعارات لم تغِب عنها الطائفيّة كالعادة، مع إطلاق شتائم ضدَّ القوات اللبنانية ورئيسها الدكتور سمير جعجع.

الى مغدوشة وصيدا واليوم المجيد…!

في السّياق، جابت مسيراتٌ ليليةٌ مغدوشة وصيدا، بما يقارب المئة درّاجة نارية للتّعبير عن النصر في يوم 26 كانون الثاني، والذي اعتبره حزب الله “يومًا مجيدًا” هدفه الاوّل والاخير استفزازَ الاهالي، لكنَّ تواجدَ الجيش اللبناني أدّى إلى عدمِ تحقيق ما يسعى اليه هؤلاء، متناسين ما قام به اللبنانيّون بكلِّ طوائفِهم خلال فترة الحرب بين اسرائيل والحزب، الذي كان من الاجدى به ان يستذكر الجميل حين فتحوا له منازلَهم وقراهم بكل ترحيب، فتقاسموا اللّقمة سويًّا مثبّتين من جديد كلّ أُسُس العيش المشترك، لكنَّ التوتّر الطائفي الذي أعاده الحزب الى بعض المناطق اللبنانية، قضى على مشاهد الوحدة الوطنية التي تجلّت في الاشهر الماضية، وعلى ما يبدو غلبَ النسيان أذهان هؤلاء، لأنّ هدفهم على ما يبدو إثبات أنّهم ما زالوا مقاوِمين ضدّ الدّاخل اللبناني، وكأنّ هذا الدّاخل” فشة خلق” حين لا تكون أمور حزب الله على ما يرام.

الحزب الى الدّاخل: “نحن هنا”

هذه المشاهد القاتمة لم تأتِ من عدمٍ، لأنها نقلت بطريقةٍ مباشرةٍ رسائلَ الحزبِ عبْر مناصريه الى العهد، وخصوصًا إلى الرّئيس المكلّف نوّاف سلام، تحت عنوان “نحن هنا وممنوع أن يتجاوزَنا أحد، لأننا ما زلنا ممسكين باللّعبة السياسيّة وتحركاتنا في الشارع واردة في أي لحظة، وشروطنا في التأليف والحقائب يجب أن تُنَفَّذَ وإلّا…”.

هكذا أراد حزب الله أن يُعيد أمجادَ الماضي غيْر المشرّف، مستذكرًا يوم العار في 7 أيار 2008، متناسيًا انّ ذلك الزمن قد ولّى، وأنَّه اليوم مُلْزَمٌ بتطبيق القرار 1701 بمندرجاتِه كافّة، وما قام به هدفه قطع الطريق على تنفيذِ القرار المذكور، ومحاولة مصادرة دور الجيش اللبناني على الأرض. لكنَّ كلّ هذا لن يتحقّق، كما انّ التهديدات التي كان يتباهى بتنفيذِها ضدّ الشريك في الوطن، باتت في خبر كان، ولم تعدْ الدويْلة فاعلةً من خلال سطوَتِها على الدّولة، فالوضعُ مغايرٌ تمامًا ولم يعدْ للانتصارات أي وجود.

ما مصير ثلاثيّة “جيش – شعب – مقاومة”؟

بالتّزامنِ مع إعادة طرح الثلاثيّة الشهيرة للحزب: “جيش – شعب – مقاومة”، فهي لم تعد منطقيّة في ظلّ ما حدث، وانطلاقًا من هنا فمشهديّة ٢٦ كانون الثاني لم تنفعْ بل زادت من خسائر الحزب، فحتّى البيئةَ الحاضنةَ لم تعدْ تتقبّل هذا الشّعار، بعدما ندّدت بما قام به حزب الله من دمار وخراب للقرى والمنازل، حيث قضى على جَنَى العمر، وأعاد تلك البيئة كما كل الجنوبيين وأهالي الضّاحية الجنوبيّة الى نقطة الصِّفر، مع سؤالهم الدائم “من يعوّض لنا”؟.

بدورنا نسأل: “هل مَن يُحاسب؟ بالتأكيد لا، جوابٌ من قِبَلِ المعنيّين بالردّ، وحدَها عودة لبنان إلى الحضنِ العربي ستقوم بالمطلوب، لذا لا مفرَّ من عودة حزب الله الى كَنَفِ الدّولة وتسليمِه السّلاح بأسرع وقت، ووقفِ التّعطيل الذي يقوم به حاليًّا، والعمل على إعادة الدّور إلى الدّولة الوحيدة القادرة على انتشالِ لبنان من الهاويَة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us