هل عادت جهودُ تشكيلِ الحكومة اللبنانية إلى نقطة الصِّفر؟
ما يجري حاليًا يُوصفُ بأنه “شدّ حبال” سياسي بين مختلفِ الأطرافِ، حيث يضغطُ الثنائي الشيعي لتحقيقِ مطالبِه بوزارةِ المال، بينما تتمسّكُ القوات اللبنانية بموقفِها الرافضِ لتكريسِ هذه الوزارةِ للثنائي.
كتب أسعد بشارة لـ”هنا لبنان”:
تعيشُ جهودُ تشكيلِ الحكومةِ اللبنانيةِ مرحلةً دقيقةً تكاد تُعيد الملفَّ إلى نقطةِ الصِّفر، وَسْطَ تعقيداتٍ متزايدةٍ أبرزُها مطالبةُ “الثنائي الشيعي”، حركة أمل وحزب الله، بتكريسِ وزارةِ المالِ لهُما. هذه المطالبةُ أثارَت ردودَ فعلٍ معارضةٍ، لا سيما من قِبَلِ حزب القوّات اللبنانية، الذي يرى أنّ الاستجابةَ لهذا المطلبِ ستكونُ لها انعكاساتٌ خطيرةٌ على التوازناتِ السياسيةِ ومستقبلِ العملِ الحكومي في البلاد.
تتجلّى أسبابُ الاعتراضِ القوّاتي على إصرارِ الثنائي الشيعي بتكريس وزارة المال، والتي تُعتبر من الوزارات السيادية، في النقاط الآتية:
1 – وزارة المال كأداةِ تعطيل: يُخشى أن تُستخدمَ وزارةُ المال كوسيلةٍ لتعطيلِ عمل الحكومةِ في حال لم تتوافقْ قراراتُها مع “أجندة” الثنائي، مما يهدِّدُ الاستقرارَ الحكومي.
2 – حقُّ التّعطيلِ الميثاقي: في حال استقالَ الوزراءُ الشيعة الخمسة، فإنَّ ذلك سيعطي الثنائي القدرةَ على تعطيلِ الحكومةِ بالكامل استنادًا إلى مبدأ “الميثاقيّة”، الذي يُعتبر حجر الزاوية في النّظام اللبناني.
3 – استنساخُ حكوماتِ عهد عون: يرى المعترضون أنَّ هذه الحكومةَ قد تتحوّلُ إلى نسخةٍ مشابهةٍ للحكوماتِ التي أُنْشِئَتْ خلالَ عهدِ الرَّئيس السّابق ميشال عون، والتي اتَّسَمَت بِشَلَلِهَا نتيجةَ الخلافاتِ والتجاذباتِ السياسيّة.
4 – مرونةُ الرّئيس المكلّف: يوجّهُ حزب القوّات اللبنانية انتقاداتٍ لمرونةِ الرَّئيس المكلّف نوّاف سلام مع مطالب الثنائي الشيعي، مُعتبرًا أنَّ هذه المرونةَ تُكَرِّسُ معاييرَ مزدوجةً، حيث يتمُّ تلبية مطالبِ الثّنائي بينما تُفرضُ شروطٌ ومعاييرُ قاسيَّةٌ على الأطرافِ الأخرى.
ما يجري حاليًا يُوصفُ بأنه “شدّ حبال” سياسي بين مختلفِ الأطرافِ، حيث يضغطُ الثنائي الشيعي لتحقيقِ مطالبِه بوزارةِ المال، بينما تتمسّكُ القوات اللبنانية بموقفِها الرافضِ لتكريسِ هذه الوزارةِ للثنائي. هذه الأزمةُ قد تعيدُ جهودَ تشكيلِ الحكومةِ إلى نقطة الصِّفر، خصوصًا إذا لم يرفُض الرّئيس المكلّف نوّاف سلام مطلب الثنائي.
إنَّ مصيرَ الحكومةِ العتيدةِ لا يزال غامضًا، وسطَ تعنُّتِ الأطرافِ المُختلفةِ وتَمَسُّكِها بمطالبِها. وإذا لم يتمَّ تجاوزُ هذه العقباتِ سريعًا، فإنَّ لبنانَ سيظلُّ عالقًا في أزمةٍ سياسيةٍ تزيدُ من تعقيدِ الأوضاعِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ في البلاد.
مواضيع مماثلة للكاتب:
نواف سلام ورحلة السير على رؤوس الأفاعي | “الحزب” الواهم باستعادة فائض القوة | اتفاق وقف إطلاق النار في خطر.. الإنسحاب من الناقورة ليس معياراً |