اغتيالٌ ثانٍ للقمان سليم… مطالبُ بعزل قاضي التّحقيق واللّجوء إلى القضاء الدّولي

أثارَ القرار القضائي في قضية مقتل الناشط السياسي المعارض للحزب لقمان سليم، غضبَ واستياءَ عائلته التي رأت أنّ القضيةَ تمَّ تسييسها وأنّ قاضي التحقيق ربّما تعرض لضغوطٍ من الحزب، حيث اتّخَذَ الملف طابعًا سياسيًّا، خصوصًا أنَّ القاضي رفضَ التّعاونَ الدّولي في هذا المجال، حينَ اعترضَ على المساعدةِ التي قَدَّمَتْهَا السُّلطات الالمانيّة.
كتبت ناديا الحلاق لـ”هنا لبنان”:
في الذكرى الرابعة على اغتيال الناشط السياسي المعارض لحزب الله لقمان سليم، أصدر قاضي التحقيق الأول في بيروت بالإنابة بلال حلاوي قرارًا ظنِّيًّا أكد فيه عدم توفّر الأدلة عن هويةِ مرتكبي الجريمةِ لتوقيفِهم ومحاسبتِهم، مكتفيًا باتهامِ مجهولين بالوقوفِ وراء خطفِ وقتلِ سليم مع تسطيرِ بلاغ تحرٍّ دائمٍ لتحديدِ هوياتِهم ما أثارَ غضبَ عائلتِه وفريقِ الادّعاء الشخصي.
وكانت الأجهزة الأمنية عثرت صباح 4 شباط 2021، على جثة لقمان سليم، بعد ساعات على اختفائه، حيث فُقِدَ بعدَ مغادرة منزلِ صديقِه، ووجدَتْهُ جثّةً مضرّجةً بالدماءِ داخل سيارتِه في أطراف بلدة العدّوسية قضاء صيدا في جنوب لبنان، وتبيَّن أنه قُتِل بـ5 طلقاتٍ في الرّأس وطلقةٍ في أعلى الظَّهر، ويظهرُ وجودَ كدماتٍ على وجهِ الضّحيةِ وزِنده الأيسر، ما يعني أنه تعرّض للتعذيب قبل قتْلِه.
في هذا السياق، قالت رشا سليم، شقيقة المغدور لقمان سليم، في حديث لـ”هنا لبنان”: “في 3 شباط 2021، قُتل لقمان سليم عند الساعة الثامنة والنصف مساءً في منطقة العدّوسية جنوب لبنان. فور وقوع الجريمة، حضرت شعبة المعلومات وجمعت، بحرفية عالية، كل الأدلة، وتمكنت من تحليل تسجيلات كاميرات المراقبة في المنطقة، كما نجحت في رصد هواتف القتلة الصغار. لاحقًا، تمكن فرع المعلومات من الوصول إلى باب منزل اثنين من القتلة، لكنه لم يقرع الباب أو يداهم، لأنّ هؤلاء الوضعاء محميون، ومن أرسلهم وعدهم بتأمين الحماية الكاملة”.
وتابعت، وقد خنقتها غصة عمرها أربع سنوات: “قاضي التحقيق الأول في الجنوب حاول إقفال الملف، لكننا أصررنا على نقله إلى بيروت. هناك، وبعد شهور من المماطلة، وقع قاضي التحقيق الأول في بيروت، شربل أبي سمرا، قرارًا يسمح لفريق تحقيق ألماني بالعمل جنبًا إلى جنب مع شعبة المعلومات، قبل أن يتقاعد ويُحال الملف إلى قاضي التحقيق الأول بالإنابة بلال حلاوي، المعروف بقربه من حزب الله”.
وأضافت: “ما حصل يؤكد مجددًا أنّ القضاء في لبنان يعكس صورة البلد المشوّه، حيث ارتفع الأسافل إلى القمة. ولذلك نطالب اليوم بتنقية القضاء، وفصله عن المرجعيات السياسية، وتحريره من هيمنة القتلة والفاسدين الطامحين إلى مزيد من الجشع، وإلى إسكات أصحاب الحق وتكميم أفواههم. كل ما نريده هو العدالة لروح لقمان”.
من جهته، يقول الصحافي علي الأمين المتابع لقضية سليم: “في الذِّكرى الرابعةِ على اغتيال لقمان، أصدر قاضي التحقيق الاول في بيروت بلال حلاوي قرارًا ظنِّيًّا في الجريمةِ انتهى الى إصدار بلاغاتِ بحثٍ وتحرٍّ لمعرفةِ هويةِ الفاعلين، بعد ان استعان القضاءُ بكاميراتِ قوات الطوارِئ الدوليةِ العاملةِ في جنوبِ لبنان في المنطقة، ولم تأتِ نتائجها إيجابيّة، لعدم تضمُّن الكاميرات أي تسجيلات كونُها لا تلتقطُ محيطَها، ما يعني عدم تمكُّن القضاءِ من كشفِ الحقيقةِ وقد تصبحُ هذه الجريمةُ من الماضي كغيرِها من الجرائمِ التي ارتكبت ووضعت ملفّاتها في الأدراج”.
وبحسب الأمين، “فإنّ كاميرات المراقبةِ المزروعةِ في مكانِ الحادثةِ والممتدّةِ من شمالِ الليطاني وحتّى جنوبِه اختفَت، أو تمّ اخفاؤها قسْرًا لإزالةِ الأدلّةِ وطمسِ الحقيقة”.
ويقول الأمين بأسف: “بدلَ أنْ تحتفلَ عائلةُ سليم بالكشفِ عن هويةِ قاتلِ ابنِهم، أتت لتعمّقَ جراحهم وتزيدَ من معاناتِهم، مشيرًا إلى أنَّ القرارَ أثار غضبَ واستياءَ عائلةِ لقمان سليم التي رأت أنّ القضيةَ تمَّ تسييسها وأنّ قاضي التحقيق ربّما تعرض لضغوطٍ من حزب الله، حيث اتّخَذَ الملف طابعًا سياسيًّا، خصوصًا أنَّ القاضي رفضَ التّعاونَ الدّولي في هذا المجال، وضرب بعرضِ الحائطِ في قرارِه، كلّ القوانين التي ترعى الاصولَ في تقديمِ المساعداتِ القضائيّةِ الاجنبيةِ تحت ستار “انتهاكِ السّيادةِ اللبنانيّةِ”، حينَ اعترضَ على المساعدةِ التي قَدَّمَتْهَا السُّلطات الالمانيّة”.
من جهته، يقول الباحثُ السّياسي مكرم رباح لـ”هنا لبنان” إنّ “قرارَ بلال حلاوي حفظِ الدّعوى ما هو إلّا اغتيال جديد للقمان والعدالة، ولا يحقُّ لأيّ قاضٍ أن يعتبرَ أنَّ المدّعي والضّحية عليه تقديم برهانٍ على القاتلِ وهناك شكوكٌ بعلاقةِ هذا القاضي المزعوم بحزب الله وما فعلَه هو خيرُ دليلٍ على أنّ الحزب هو من قَتَلَ لقمان”.
ويختم رباح: “مهما حاولوا، لن يتمكَّنوا من منعِ الحقِّ أن يأخذَ مجراه، ومن هنا نطالب بوضعِ القضيّةِ امام الرّأي العام اللبناني والدّولي وسنلجأُ إلى القضاءِ الدّولي لمحاكمةِ قَتَلَة لقمان، كما ونطالبُ بعزل القاضي واتخاذِ الاجراءات القضائيّة وفرضِ العقوباتِ بحقِّه”.