نواف سلام و”النأي بالنفس”… كيف أرضى الرئيس المكلّف أميركا وإيران؟


خاص 4 شباط, 2025

إن كان البعض ينتقدُ نواف سلام لأنَّ الحكومةَ لم تتشكّل بعد ولأن غالبية الأسماء الواردة أو “المزتوتة” في الإعلام لا تعكس الطموحات، غير أنّ الواقعَ يختلف وما يجري بالكواليس يختلف عما تخلقه بعض القنوات من قصصٍ وسرديّات

كتب بشارة خير الله لـ”هنا لبنان”:

من يتابع مواقع “التواصل الاجتماعي” يندَهش أمام الحملةِ على الرّئيس المُكَلّف تشكيل الحكومة نوّاف سلام، وكأنّ الرّجل هبط بالباراشوت، ولم يكنْ قبلَ التكليفِ في أرفعِ منصبٍ قضائيٍّ دولي.

وإنّ كانَ البعضُ ينتقدُ نوّاف سلام لأنَّ الحكومةَ لم تتشكّل بعد ولأن غالبيّة الأسماء الواردة أو “المزتوتة” في الإعلام لا تعكس الطموحات، غير أنّ الواقعَ يختلف وما يجري في الكواليس يختلفُ عمّا تختلقُه بعض القنوات من قصصٍ وسرديّات.

وهنا، نستذكر ما حصل في حكومة سعد الحريري الأولى، أي الحكومة الثانية في ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، كان لبنان رئيسًا لمجلس الأمن، وكان نواف سلام سفير ومندوب لبنان الدائم في الأمم المتحدة، وكان جورج بوش رئيسًا للولايات المتحدة الأميركية، التي رَفعت إلى مجلس الأمن بندًا وحيدًا وهو بند وضع العقوبات على إيران، فأصبح لبنان في مأزقٍ لا يُحسد عليه، ليس بإمكانِه التصويت مع العقوبات بسبب وجود “حزب الله” القوي داخل الحكومة، وطغيانِه على الحياة السياسيّة، وليس بإمكانه التصويت ضدّ العقوبات ورفع فيتو يضع لبنان في مواجهةِ المجتمع الدّولي والولايات المتحدة الأميركية…

يومها، وبالتنسيقِ الكامل مع رئيس الجمهوريّة، اقترح السفير نوّاف سلام فكرة الامتناع عن التصويت التي سُميت “النّأي بالنفس” وهي فكرة سبق أن اعتمدتها قطر وإندونيسيا وقبلهما روسيا والصّين، والتي تضمَنُ مرور القرار من دون الفيتو اللبناني، وتُجنِّب في الوقت عينه فتح مواجهةٍ مكلفةٍ مع إيران.

ولكي يصدر قرار “الامتناع عن التصويت”، كان يجب على الحكومة الاجتماع لاستصدار القرار… يومها حضر الجلسة 28 وزيرًا، ينتمون إلى فريقَيْ الثامن والرابع عشر من آذار، ومعهم وزراء رئيس الجمهورية…

وبعد اجتماع طويل بالتزامن مع جلسة مجلس الأمن بتاريخ 9 حزيران 2010، سبقته اتصالات ومباحثات أجراها رئيس الجمهورية مع رئيس الحكومة ومع رؤساء الكُتل، خلصت النتيجة التي دَوْزَنَهَا رئيس الجمهورية إلى تعادُلٍ في الأصوات، 14 وزيرًا يؤيّدون العقوبات على إيران، و14 وزيرًا يؤيّدون تعطيل القرار في مجلس الأمن… وعند حصول التعادل، طلب وزير الخارجية علي الشّامي من رئيس الجمهورية السّماح له بالخروج من الجلسة لإبلاغ وسائل الاعلام بخبر رفض لبنان وضع عقوبات على إيران، ليقاطعه رئيس الجمهورية قائلًا: “لو سمحت إبقَ مكانك، لبنان لم يرفضْ العقوبات ولن يصوّت معها، الحكومة اللبنانية مجتمعة، وبعد نتيجة التصويت والتعادُل، قررتُ الامتناعَ عن التّصويت أي “النّأي بالنّفس”، وسوف ترسل الحكومة هذا القرار خطيًّا لسفيرنا في الأمم المتحدة ومندوب لبنان الدائم في نيويورك نوّاف سلام ليبني على الشيء مقتضاه… وهذا ما حصل”.

انتهت الجلسة بوضع إيران على لائحة العقوبات، بعد امتناع لبنان عن التصويت، وتلقّى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان اتصالًا من الرئيس الأميركي يشكره فيه على عدم تعطيل القرار، كما استقبل وفدًا إيرانيًا جاء مع رئيس كتلة “حزب الله” محمد رعد إلى القصر الجمهوري، لشكر الرئيس على عدم التصويت مع العقوبات.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us