حكومة في حقل الألغام: لا موافقة دولية على إعطاء حقيبة المال للثنائي


خاص 5 شباط, 2025

تبدو محاولات نواف سلام لتدوير الزوايا وكأنها تصطدم بجدار صلب من الرفض والتمسك بالمكتسبات، كما أنها تصطدم بفيتو دولي وأميركي تحديداً لم يعد قابلاً للتمويه أو التأويل

كتب أسعد بشارة لـ”هنا لبنان”:

لا جديد لدى الرئيس المكلف نواف سلام إلا الدوران حول أزمة التشكيل الذي يسير وسط حقل ألغام سياسي، حيث تتراكم العقد والعراقيل على أكثر من مستوى، بدءًا من توزيع الحقائب الوزارية ووصولًا إلى التوازنات الطائفية والسياسية التي تحكم المشهد البالغ التعقيد. ومع أنّ الرئيس المكلف نواف سلام يسعى إلى تدوير الزوايا لتجاوز العقبات، إلا أنّ الإشكاليات الأساسية ما زالت قائمة، ما يجعل ولادة الحكومة محفوفة بالمخاطر.

لا تزال مشكلة إسناد وزارة المالية إلى الثنائي الشيعي قائمة، وهي عقدة أساسية في أي تشكيل حكومي منذ اتفاق الطائف، حيث يتمسك الثنائي بحقيبة المال باعتبارها “ميثاقية” و”عرفًا” غير قابل للنقاش، بينما يصرّ الرئيس المكلف على عدم تكريس أي أعراف جديدة تحدّ من هامش المناورة في توزيع الحقائب. وفي ظلّ هذه المعضلة، تبدو محاولات نواف سلام لتدوير الزوايا وكأنها تصطدم بجدار صلب من الرفض والتمسك بالمكتسبات، كما -وهذا الأهم- تصطدم بفيتو دولي وأميركي تحديداً لم يعد قابلاً للتمويه أو التأويل.
ورغم استمرار قنوات التواصل بين القوى السياسية المسيحية والرئيس المكلف، فإنّ التمثيل المسيحي في الحكومة لا يزال عقدة قائمة. فالأحزاب المسيحية الكبرى، وخاصة التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، ترفض أيّ محاولة لتجاوزها أو تقليص دورها، فيما يسعى نواف سلام إلى تحقيق توازن يحفظ الاستقرار الحكومي ولا يؤدي إلى قطيعة مع القوى المسيحية الأساسية. لكن مع غياب التوافق على الأسماء والحقائب، يظلّ هذا الملف مفتوحًا على احتمالات التأزيم.
ومن بين الألغام التي تهدد التشكيلة الحكومية، تبرز عقدة الوزير الشيعي الخامس، وهو عنوان لمعركة نفوذ جديدة بين القوى السياسية. فالثنائي الشيعي يتمسك بحقه في تسميته عمليًا، بينما تحاول الأطراف الأخرى إيجاد صيغة وسطية تجنّب الحكومة مزيدًا من التصعيد. المشكلة هنا أنّ هذا الوزير قد يتحول إلى صاعق تفجير للحكومة،أي إلى تجربة وزير ملك جديد، إذ إنه يعكس ميزان القوى داخلها، وبالتالي فإنّ أي تسوية حوله ستكون هشة وقابلة للانفجار في أي لحظة.
من الواضح أنّ تشكيل الحكومة في لبنان ليس مجرد استحقاق دستوري، بل هو اختبار معقد لموازين القوى الداخلية والإقليمية. وفي ظل تمسك كل طرف بمطالبه، تبدو التسوية بعيدة المنال ما لم تحدث اختراقات كبيرة في الجدار السياسي الصلب. وبينما يستمر نواف سلام في محاولاته لاحتواء الأزمات، يبقى السؤال الأهم: هل يمكن لهذه الحكومة أن تبصر النور دون أن تنفجر في حقل الألغام الذي زُرع في طريقها؟
نواف سلام يسير على درب جلجلة، لكن المطلوب جرأة اتخاذ القرارات الصعبة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us