مشروع مكننة المحاكم.. هل من إمكانات لوجستية لتفعيله؟

مشروع مكننة المحاكم على ما يبدو هو هش وشكلي، فالكهرباء في قصور العدل لا تظهر سوى لمدة ساعتين مصدرها مولدات كهربائية يتم الاستعطاء للحصول على مازوت لها من بعض فاعلي الخير وطاقة شمسية تعمل بشكل خفيف، إضافة إلى ضعف شبكات الانترنت في قصور العدل
كتبت ناديا الحلاق لـ”هنا لبنان”:
ما إن أطلقت وزارة العدل المرحلة الأولى من مشروع الخدمات القضائية الإلكترونية في قصور العدل، والذي يتكون من أربع مراحل حتى برزت التحديات المتعقلة به، ما أثار جدلاً واسعاً حول شفافية وفعالية المشروع.
والمرحلة الأولى تشكّل الهيكلية الرئيسية لنظام الخدمات القضائية الإلكترونية. أما المراحل الثلاث المتبقية فتضم باقة من الخدمات القضائية والتي ستنفذ تباعاً على أن يتم تفعيلها في قصور العدل.
ومشروع الخدمات القضائية الإلكترونية يهدف إلى رقمنة المحاكم والخدمات القضائية وإنجاز بعض المعاملات القانونية إلكترونياً.
مشروع المكننة الذي نتحدث عن تفعيله في الإدارة دخل اليوم كمخطط لوزارة العدل والمحاكم كما في الدول المتقدمة بالابتعاد عن الورق في المعاملات ما يخفف الفساد والتعب ويعطي مزيداً من الدقة في المعاملات القانونية ولكن هل لدينا لوجستياً ما يكفي لتفعيلها بشكل صحيح؟ وهل لدينا القدرة البشرية الكافية؟
مشروع مكننة المحاكم على ما يبدو هو هش وشكلي إذ يرى المحامي شربل كميل عرب أنه مشروع غير مُجدٍ في ظل عدم وجود كهرباء في قصور العدل سوى لمدة ساعتين مصدرها مولدات كهربائية يتم الاستعطاء للحصول على مازوت لها من بعض فاعلي الخير وطاقة شمسية تعمل بشكل خفيف، إضافة إلى ضعف شبكات الإنترنت في قصور العدل، متسائلاً، كيف سيتم ربط الداتا”؟.
ويلفت عرب إلى وجود المكننة في وزارة المال والعقارية إلا أنها في حال تعطيل دائم وهو ما يتداوله الموظفون في تلك الوزارات “الـ system معطل”.
ويتساءل عرب في حال تم اعتماد نظام المكننة في قصور العدل من سيقوم بإدخال ملايين المعاملات الى النظام الرقمي الممكنن؟ ومن سيقوم بتدريب المساعدين القضائيين على ذلك؟ وكيف ستحفظ سرية المعلومات في الدعاوى الجزائية بشكل خاص؟
ويقول: “في معظم قصور العدل تتسرب المياه ويصبح قصر العدل مسبحاً أيام الشتاء. فمن يحمي المعدات والكابلات من الماء والحرائق؟
إضافة إلى وجود الجرذان في قصور العدل ما قد يؤدي إلى تضرر المعدات الموجودة داخلها.
ويرى عرب أنّ “وضع آلاف المحاضر التي تسلمها القوى الأمنية بشكل يومي لن يكون بخير، خصوصاً في حال إرسالها عبر الإنترنت ما يرفع عنها السرية”.
أما بالنسبة لتمويل المشروع فيتخوف عرب من أن “يتم ذلك من جيب المواطن والمحامي كما تجري العادة في لبنان”.
يذكر أنّ الوزارة كانت قد حددت الاشتراك لمدة سنة لاستحصال المحامين على شهادة التوقيع المعزز وفتح الحساب الإلكتروني للاستفادة من الخدمات القضائية الإلكترونية والتدريب بمبلغ وقدره 850 دولار. ما يطرح بعض الأسئلة حول الجهة التي ستتقاضى هذه الأموال وكيف سيتم توزّيعها وعلى أي أساس؟
ويختم عرب حديثه بالقول: “نعم نريد نظاما ناجحاً ممكنناً يعطينا هيبة وتقدماً ولكن هل نحن جاهزون لوجستياً؟ الحقيقة المرة أننا لسنا جاهزين ونقول الحقيقة لعل هناك من يسمع”.
وفي الإطار نفسه، يقول مصدر رفض الكشف عن اسمه أنّ هذا المشروع هو فضيحة من العيار الثقيل خصوصاً وأنّ ملف الشركة التي تشرف عليه لم يمر بوزارة التنمية الإدارية المسؤولة عن عملية تطوير الإدارة والحكومة الإلكترونية. وتساءل المصدر: هل تراعي هذه الشركة الشروط المطلوبة وهل من ضمانات وتجارب حصلت من قبل وزارة التنمية الإدارية حول هذه المنصة قبل إطلاقها”.
كما تساءل عن شكل هذه الشركة المولجة القيام بمشروع المكننة في المحاكم وان كانت عبارة عن شركة خاصة أم أنّها مزودة للقطاع العام أم هل تمّ تطبيق قانون شراكة بين القطاعين العام والخاص وهل تراعي الشروط والمتطلبات القانونية؟”.
ويتابع المصدر: لنفترض أنّ المنصة مرت بالمراحل القانونية المطلوبة، لماذا يجب أن يتم دفع مبالغ طائلة مقابل الحصول على الخدمات القضائية الإلكترونية من قبل المحامين والقانونيين في حين أنّها من المفترض أن تقدم لهم مجاناً”؟.
لماذا لا يتم عرض هذا المشروع من أجل تمويله من قبل الجهات المانحة؟
وفي المحصلة كل ما يمكن قوله بحسب المصدر، أنّ للفساد ثقافته ورجالاته، وهناك على ما يبدو طبخة تُعدّ في أروقة وزارة العدل هدفها تحصيل مليارات الدولارات تحت ذريعة “المكننة”.