تجميد المساعدات الأميركية: تأثيرات سلبيّة في لبنان وحجّار يدعو الإدارة الأميركية لإعادة النظر

تأسست USAID عام 1961، ومنحَها الكونغرس صفة الاستقلاليّة بموجب تشريعٍ صدر في عام 1998، وهي توظف حوالي 10 آلاف موظف، ويعمل معظمُهم خارج الولايات المتحدة، حيث تُركِّز أنشطتَها الأساسيّة على تمويل المشاريع من خلال المنظمات غيْر الربحيّة، المقاولين، المنظمات الدولية، وكذلك الحكومات الأجنبيّة. وفي عام 2023 فقط، تلقّى لبنان نحو 643 مليون دولار من المساعدات الأميركية.
كتب أنطوان سعادة لـ”هنا لبنان”:
لطالَما كانت الولايات المتحدة الأميركية عبر وكالة USAID “الوكالة الأميركية للتنمية الدولية” لاعبًا رئيسيًّا في تقديم الدّعم للبنان في مجالاتٍ عدّة، حيث كان لهذا الدعم دور محوري في تعزيز التّنمية الاقتصاديّة، وتوفير الخِدمات الصحيّة، وتحسين جَوْدَة التعليم، بالإضافة إلى دعم البنية التّحتيّة في البلاد. على مدى سنوات، أسْهَمت المساعدات الأميركية في تمويل مشاريع حيويّة، سواء في مجال إعادة بناء المستشفيات، بناء المدارس، أو مشاريع الطّاقة المُتَجدِّدة، مما ساعد لبنان على مواجهة الكثير من التحدّيات التنمويّة التي مرَّت بها البلاد، على الرَّغم من أنّ هذه المساعدات ساهمت أيضًا في إبقاء النّازحين السوريّين في لبنان، مما شَكَّلَ عبئًا إضافيًّا على الدولة اللبنانية. ولكن مع وصول دونالد ترامب إلى سدَّة الرئاسة الأميركية، بدأت سياسة “أميركا أوَّلًا” تؤثِّر بشكل كبير في المساعدات الأميركيّة المقدَّمة للدول الأخرى. ففي سياق هذه السّياسة، قررت إدارة ترامب تقليص أو تجميد الكثير من برامج الدّعم التي كانت تقدمها USAID، بما في ذلك مشاريع حيويّة تمسُّ قطاعات الصحّة، والتعليم، والبنية التحتيّة، فيما هدّد الملياردير “إيلون ماسك” بإغلاقِ الوكالة بالكامل، معتبرًا أنّها لا تخدم المصالح الأميركية.
سيستمرُّ تجميد المساعدات المفاجِئ لمدة 90 يومًا، مما سيترك فراغًا كبيرًا في لبنان الذي يعاني بالفعل من أزمات اقتصاديّة خانقة، ناهيك عن تداعيات الأزمة السياسيّة والضغوط الناجمة عن النّازحين السوريّين والفلسطينيّين.
ما هي وكالة “USAID”؟
تُعتبر الولايات المتحدة أكبر مزوِّد رسمي للمساعدات الخارجيّة في العالم، حيث أنفقت نحو 70 مليار دولار في السنة المالية 2022. تُدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) الجزءَ الأكبر من هذه الأموال، حيث بلغ حجم مساعداتها 43 مليار دولار في السنة المالية 2023، موجَّهةً بشكل رئيسي نحو جهود المساعدات الإنسانيّة والتنمية الدولية.
تأسست USAID عام 1961، ومنحَها الكونغرس صفة الاستقلاليّة بموجب تشريعٍ صدر في عام 1998. على الرَّغم من أنَّ الوكالة تتلقّى التوجيهات حول سياستها من وزارة الخارجية الأميركيّة، فإنّها تعمل بشكل مستقلّ عنها، حيث يُعَدُّ وزير الخارجية هو المسؤول المباشر عن مدير الوكالة.
توظف الوكالة حوالي 10 آلاف موظف، ويعمل معظمُهم خارج الولايات المتحدة، حيث تُركِّز أنشطتَها الأساسيّة على تمويل المشاريع من خلال المنظمات غيْر الربحيّة، المقاولين، المنظمات الدولية، وكذلك الحكومات الأجنبيّة.
كيف سيؤثر القرار في لبنان؟
في عام 2023 فقط، تلقّى لبنان نحو 643 مليون دولار من المساعدات الأميركية، شملت 130 مليون دولار تمويلًا عسكريًّا، و83 مليون دولار لصالح صندوق الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف”، و125 مليون دولار للمساعدات الغذائيّة الطارئة، بالإضافة إلى عشرات الملايين لدعم سبل عيش عناصر الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، إلى جانب العديد من المبادرات الأخرى. فضلًا عن ذلك، يعمل نحو ألفَيْ موظّف بشكلٍ مباشِر في USAID، بينما قد يواجه الآلاف من الموظّفين العاملين في المنظمات التي تدير برامج مموَّلةً أميركيَّا خطر فقدان وظائفهم نتيجةً لتوقف أو تقليص هذه المساعدات.
لا يزالُ مصير تجهيزات بقيمة 117 مليون دولار غيْر معروف، كان من المقرّر أن تُسلّم إلى الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي. كما كانت وكالة التنمية الأميركية USAID تساهم بشكل كبير في دعم القطاع الزّراعي في لبنان، حيث استفادت 35 ألف مؤسَّسة زراعيّة من زيادة مبيعات تصل قيمتها إلى 170 مليون دولار بفضل هذه المساعدات. إضافةً إلى ذلك، تُموّل USAID جزءًا كبيرًا من برامج عدّة وزارات لبنانيّة، مثل البطاقة التمويليّة، والمساعدات المقدَّمة للنازحين السوريّين والفلسطينيّين، وبرامج وزارة الصحة، حيث تتجاوز قيمة هذه البرامج 70 مليون دولار. كما يستفيد حوالي 500 طالب من المنح الدراسية التي تقدِّمها الوكالة.
في حديثه مع وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال، هكتور حجّار، أكّد لـ”هنا لبنان” أنَّ هذا القرار يُشَكِّلُ تهديدًا كبيرًا على لبنان، وله تداعيات سلبيّة على أمن المنطقة. وأوضح أن جزءًا من مساعدات النازحين سيتوقّف، في وقت لا يزال فيه مصير عودة النازحين السوريّين غير واضح حتى الآن، بينما تستمرّ معدّلات الجرائم والسرقات في الارتفاع في لبنان. وأضاف الوزير أن هذا القرار سيؤثِّر بلا شك في الطلّاب المستفيدين من المساعدات، كما سيكون له تأثير في التنمية البيئيّة وفي عشرات ومئات الجمعيات التي تعمل في مجالات المشاكل البيئية مثل الصرف الصحّي والتشجير. وفي ختام حديثه، قال الوزير حجار: “على الإدارة الأميركية إعادة النّظر في هذا البرنامج”.