عودة السفلة!


خاص 8 شباط, 2025

لبنان اليوم لا يحتاج إلى مجموعات مموّلة تُعيد تدوير السلطة بأقنعة جديدة، بل إلى مواجهة حقيقية مع كل من ساهم في الانهيار

كتب زياد مكاوي لـ”هنا لبنان”:

في وقت يحاول فيه لبنان الخروج من أزمته العميقة، وفيما يستبشر مواطنوه خيراً بخلق تغيير حقيقي مع العهد الجديد برئاسة فخامة الرئيس جوزاف عون، ها هي العقبات تطفو إلى السطح مجدداً مع تراجع منسوب التفاؤل بما يحمله الرئيس المكلّف نواف سلام من نوايا إصلاحية، بعدما أثيرت معلومات عن ارتباط حكومته بـ”كلنا إرادة”!

ولمن لا يعرف من هي “كلنا إرادة”، فهي مجموعة ممولة بمبالغ خيالية، وليس خفياً أنّها تعمل لصالح جهات مشبوهة، فتدعم كل ما يضرب لبنان مالياً وتسعى إلى التسلل إلى مواقع القرار تحت غطاء الاستقلالية في محاولة لتدمير ما تبقى من الاقتصاد الرسمي.

وقبل الخوض في الأسماء المرشحة لحقائب وزارية من هذه المجموعة “المشبوهة”، علينا أولاً أن نستذكر ما قدمته سابقاً للبنان من أسماء محسوبين عليها وخارجين من قوقعتها.

فأحد الوجوه البارزة في هذه المجموعة هو هنري شاوول، الذي يقدّم نفسه كخبير اقتصادي ومُصلح، لكنه في الواقع كان من كبار المستفيدين من النظام المالي الفاسد. فهو من أكثر الداعين إلى تصفية قطاعات اقتصادية كاملة بحجة “الإصلاح”، وهو نفسه من نظّر لخطط إفلاس الدولة بغية خصخصة القطاعات الحيوية لمصلحة مجموعات مالية معينة.

أما آلان بيفاني، الذي كان جزءًا من منظومة القرار المالي لعقود، والمتماهي تماماً مع هذه المجموعة، فقد هرب من السفينة الغارقة حين أدرك أنّ حكومة حسان دياب لن تتمكن من إنقاذ المشهد. وعوضًا عن المواجهة من الداخل، لجأ إلى مؤتمرات صحفية صاخبة لانتقاد النظام المالي، متناسياً أنه كان أحد أبرز مهندسيه.

أما اليوم، فتتجه “كلنا إرادة” لفرض نفسها مجدداً وبشكل أكثر وقاحة في السلطة التنفيذية، وذلك عبر حكومة الرئيس المكلف نواف سلام، فالمعطيات تشير إلى أنّ سلام يريد منح “كلنا إرادة” حصة “وازنة” في حكومته من خلال توزير كل من عامر بساط وحنين السيد، وغيرهما من الأسماء التي تطرح وتسحب في بازار النقاشات التي تجمع سلام بالرئيسين عون وبري.

وهنا تطرح بعض الأسئلة، أبرزها: من أعطى “كلنا إرادة” هذا الحق؟ ولماذا يمنحها نواف سلام هذا التمثيل في الوقت الذي يحجبه عن أحزاب سياسية ذات حيثية!

هناك من يقول أنّ سلام تخلى عن مركزه القضائي وعاد إلى لبنان ليشكّل الحكومة بدعم من “كلنا إرادة”، وهناك من يشير إلى صلة قرابة تجمع سلام بأحد كبار ممولي هذه المجموعة، ولكن هذه ليست إلّا شكوكاً لن نتبنّاها حتى يتبين الخيط الأبيض!

ختاماً، ما تقوم به “كلنا إرادة” اليوم ليس سوى تكرار لممارسات المنظومة السياسية التقليدية، لكنه أكثر خطورة لأنها تتخفى خلف خطاب إصلاحي بينما هي في الواقع واجهة جديدة لأصحاب رؤوس الأموال الذين يسعون لاستبدال المصارف القديمة بمصارف جديدة يسيطرون عليها.
ولبنان اليوم لا يحتاج إلى مجموعات مموّلة تُعيد تدوير السلطة بأقنعة جديدة، بل إلى مواجهة حقيقية مع كل من ساهم في الانهيار.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us