البيان الوزاري: ممنوع الالتباس


خاص 12 شباط, 2025

الجميع في الداخل والخارج يريد أن يقرأ بيانًا وزاريًّا، يُفترض أن يكون محطة مفصلية ترسم بوضوح مسار المرحلة المقبلة، بعيدًا عن أي التباس أو تكرار للأخطاء الماضية. لا يمكن للبنان أن يتحمَّل مزيدًا من التّأويلات حول مسألة السلاح خارج الدولة. في زمن الانهيار، لم يعد هناك مجال للمناورات السياسية، بل المطلوب هو الصّراحة والوضوح في القرارات المصيريّة.

كتب أسعد بشارة لـ”هنا لبنان”:

ينتظر الجميع صياغة البيان الوزاري وفق معادلة صِفر التباس. ففي وقت تسير رحلة استعادة الدولة في لبنان بوتيرةٍ “معقولة”، حيث تمّ انتخاب رئيس للجمهورية بعد فراغ طويل، تلاه تسمية رئيس للحكومة وتشكيلها في ظلّ ظروف سياسية واقتصادية دقيقة، وَجَبَ تحمّل مسؤولية ترسيخ مرحلة جديدة لا تهاون فيها مع السلاح غير الشرعي ورعاته في الداخل والإقليم.

الجميع في الداخل والخارج يريد أن يقرأ بيانًا وزاريًّا، يُفترض أن يكون محطة مفصلية ترسم بوضوح مسار المرحلة المقبلة، بعيدًا عن أي التباس أو تكرار للأخطاء الماضية.

لا يمكن للبنان أن يتحمَّل مزيدًا من التّأويلات حول مسألة السلاح خارج الدولة. المطلوب في البيان الوزاري موقف واضح وصريح: حصْر السلاح بيَد الدولة وعدم إعطاء أي غطاء لاستمرار ازدواجيّة السلاح، التي شكلت على مدى السنوات الماضية أحد أهمّ عوامل تفكّك القرار السيادي للدولة اللبنانية. أي غموض في هذه المسألة سيضع الحكومة في مواجهة مباشرة مع المجتمع الدّولي، وسيعيد لبنان إلى دائرة الأزمات السياسية والديبلوماسية التي يدفع ثمنها المواطن اللبناني أولًا.

الأزمات التي تعْصف بالمنطقة جعلت أولويّات الدّول الكبرى تتّجه نحو غزّة وسوريا، خاصةً في ظلّ احتمال تجدّد الحرب على القطاع واتّساع رقعة الصراع في المنطقة. هذا الواقع يضع لبنان أمام اختبار صعب، حيث إنّ أيّ خطأ في صياغة البيان الوزاري أو تبنّي مواقف ضبابية قد يُفسَّر على أنه انحياز لمحاور إقليمية، ما يعرّض البلاد لعزلة دولية جديدة. المجتمع الدولي اليوم ينظر إلى لبنان تحت الميكروسكوب، ويراقب عن كثب أداء المسؤولين في إدارة الأوضاع الداخلية ومدى التزامهم بالإصلاحات المطلوبة.

الفرصة لا تزال قائمة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لكنّ ذلك يتطلب قرارات حاسمة، تبدأ من البيان الوزاري ولا تنتهي عند تنفيذ الإصلاحات. أي تكرار للأخطاء الماضية، خصوصًا في الملفّات السيادية والاقتصادية، سيؤدّي إلى تفاقم الأوضاع، ويدفع لبنان نحو المزيد من العزلة والتدهور.

لذا فإنّ الحكومة الجديدة هي دائمًا أمام خيارَيْن لا ثالث لهما: إمّا أن تتبنى بيانًا وزاريًّا واضحًا يضع مصلحة الدّولة فوق أي اعتبار، أو أن تقع في فخّ المجاملات والتسويات التي لا طائل منها، فتُضيّع فرصة أخيرة لإنقاذ لبنان من أزماته المتراكمة.

في زمن الانهيار، لم يعد هناك مجال للمناورات السياسية، بل المطلوب هو الصّراحة والوضوح في القرارات المصيريّة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us