سلاح الديبلوماسية

إن عدم الانسحاب الإسرائيلي في الموعد المحدد في 18 شباط الجاري سيقوّض محاولة الدولة للانطلاق في مسيرة بسط السيادة وتحرير القرار، وستكون هذه الخطيئة الإسرائيلية بمثابة جائزة ترضية لحزب الله يستغلها للقول إنّ المقاومة وسلاحها ضرورة. قد يكون سلاح الديبلوماسية والسياسة في مواجهة الإسرائيلي، سلاحًا يحتاج إلى وقتٍ ليثبت فعاليته، ولكنّه بالتأكيد سلاح سيحقِّق في النهاية نتائج عجز السلاح التقليدي عن تحقيقها.
كتب بسام أبو زيد لـ”هنا لبنان”:
لم يكن لبنان ليعاني من مشكلة الوجود الإسرائيلي المستجدّ لولا حرب الإسناد التي شنَّها حزب الله ضد إسرائيل في 8 تشرين الأول من العام 2023.
ولم يكنْ لبنان ليعاني من مشكلة الوجود الإسرائيلي المستجدّ لو استمع حزب الله إلى النصائح التي كانت تأتيه يوميًّا من موفدين دوليّين وعرب ومن الأمم المتحدة تدعوه إلى وقف هذه الحرب كي لا تتحوّل إلى كارثة.
ولم يكن لبنان ليعاني من مشكلة الوجود الإسرائيلي المستجدّ لو أن حزب الله اقتنع بأن قرار الحرب والسّلم يجب أن يكون بيَد الدولة اللبنانية وأن يكون السلاح حصرًا بيَد الجيش.
لقد وقعت الواقعة وأصبح الإسرائيلي يتحكّم بقرار الانسحاب من لبنان وهو مدعوم اميركيًّا في قراره هذا بشكل أو بآخر، ووجدت الدولة نفسها أمام واقع لم تتسبّب به، ولكن مسؤولية المعالجة ألقيَت على عاتقِها لأن حزب الله لا يملك القدرة على المعالجة لا سياسيًّا ولا عسكريًّا فأضحى بحاجةٍ لدولة تجاهَلها على مدى عقود وأقنع بيئتَه وبيئة حلفائه بأنّه ليس بقدرتها أن تحميَ لبنان وبأنّه هو الوحيد القادر على ذلك لتأتي الحرب وتثبت انعدام هذه النظرية وفداحتها فتجسّد ذلك بآلاف الشهداء والجرحى والدمار الشامل.
لن تُحَلَّ مشكلة الانسحاب الإسرائيلي سوى بالوسائل السياسية والديبلوماسية وعن طريق الدولة اللبنانية فقط، ولا مكان في حلّ هذه المشكلة لما يعرف بالمقاومة العسكرية التي كان يتغنّى بها حزب الله، فهو يدرك جيدًا أنّ إطلاق رصاصة واحدة ستعيد الحرب أقسى مما كانت وستتسبّب بالمزيد من المآسي لبيئته التي ومهما تغنّت إعلاميًّا بالبطولات ترجو في قرارة نفسِها ألّا يقْدم الحزب على أي عمل عسكري فهي لم تعد تتحمّل لا تهجيرًا ولا قتلًا ولا دمارًا ولا تملك أي أفق واضح لإعادة إعمار ما دمّرته حرب الإسناد.
إن عدم الانسحاب الإسرائيلي في الموعد المحدّد في 18 شباط الجاري سيقوّض محاولة الدولة للانطلاق في مسيرة بسط السيادة وتحرير القرار، وستكون هذه الخطيئة الإسرائيلية بمثابة جائزة ترضية لحزب الله يستغلّها للقول إنّ الدولة لا يمكنها حماية أبنائها وتحرير أرضهم المحتلة وبالتالي فإنّ المقاومة وسلاحها ضرورة على الرَّغم من أن فعاليتها العسكرية أصبحت لا تقاس بالميزان العسكري في مواجهة إسرائيل وتشكِّل مشكلة لبيئتها.
قد يكون سلاح الديبلوماسية والسياسة في مواجهة الإسرائيلي، سلاحًا يحتاج إلى وقتٍ ليثبت فعاليته، ولكنّه بالتأكيد سلاح سيحقِّق في النهاية نتائج عجز السلاح التقليدي عن تحقيقها وتتلخّص بتوازُن السلام والاستقرار بين لبنان وإسرائيل من دون أي كلفة في الأرواح والدماء والممتلكات.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() حرب الآخرين وليست حرب لبنان | ![]() في الاتحاد قوّة | ![]() بين الواقع والوهم |